لست معنياً بالموت اي بالفقدان، انا لم افقدكَ ابداً ولم تذهب بعيداً عني بل انا خلاف جميع الأصدقاء، في كل ليلة نتحدث معاً (انا وانت فقط) بصدق قل نظيره تقول لي:ــ أخشى أني سببت لك ولأصدقائي الأذى الصعب؟ اقول لك كان من الممكن ان تصارحنا. ان هذا الغياب هو في حقيقته مزحة لن يطول امدها، ما بيني وبينك يفوق الرجاء شرط الا تعبث معي اخي ابراهيم، انت ادرى بالكهولة فقد راحت تأكلُ من اكتافي واصابعي وهذا لن يرضيكَ، لن اعود للذكريات التي انت صانعها وسيدها، كل ما كنتُ ابحث عنه اجده فيك بدرايةٍ ووعي تام، قلت لك ابراهيم ارجوك لا تشغل بالك بالجانبي العابر، انت مشروع ثقافي وانساني ينمو امام عيني بوضوح مدهش، ارجوك فكر واستفد من تجاربنا المريرة نحن زملاؤك الكبار اصحاب التجارب العتيدة، نحن بحاجة اليك لا تذهب بعيداً عن مأوى الادباء، اتحادك، لكنك بالغت في الترحال الى سهولٍ وقيعان وقفار وجبال ليس فيها طرق معبدة، هل كلامي يضايقك ابا حيدر لأنه حق وصحيح؟ ارجوك ان تتحدث معي بصراحتك الشجاعة التي نعرفها جميعا، يوم أمس جعلتني حزيناً جداً، سألتني ان كانت لك اخطاء بحق الآخرين او هفوات بشأن فقراء الادباء؟ لم اجب عن اي سؤال من اسئلتك لأني اعرف عبر تاريخ اتحاد الادباء لم يأت بأمين عام كما انت ابداً (كانوا موظفين ليس أكثر من ذلك)، صديقي وأخي المليء بالطيبة والشجاعة والنزاهة وشاعر يحب "جمهورية البرتقال" تعشقها كما يعشق الناس كل الناس. كنت اعرفك وأحس بك واتأملك وانت تتجسد امام حشد نبيل من الكلمات، كنت اقول لأصحابنا: ـ ابراهيم الحارس الذي لا ينام من اجلنا. في مأتمك احتضنني صديق مشترك وحميم، هو واحد منا، لما شاهدني وقد غرقت بدموعي عليك اراد مساعدتي لكنه هو الآخر انهارت قواه وفقد السيطرة على دموعه، عندها كف عن منعي من البكاء، كل الذين شاهدتهم هناك. كان الم الفقدان يعتصر قلوبهم، رأيتهم كيف يغيبون عن وعيهم ويتحدثون بلغة الغياب القهر بل والعجز من الإتيان بمعجزة، ان يأتوا بك حالاً لأن ما حدث فوق طاقتهم، هم احبتك بوجوههم التي غزاها الألم واعتصرها الشوق للقياك. غيابك ابراهيم عن اتحادهم اقصد اتحادك ينبغي الا يطول.

عرض مقالات: