فجعنا هذا اليوم، الأربعاء المصادف 28/08/2019، بنبأ الرحيل الابدي للشاعر والأمين العام لاتحاد ادباء وكتاب العراق ومحرر "ادب وفن" في مجلة (الثقافة الجديدة) والشخصية الوطنية والاجتماعية والديمقراطية واليسارية العراقية العزيز ابراهيم الخياط (ابو حيدر)، إثر حادث مروري على الطريق الرابط بين كركوك وأربيل حيث كان وزميله الشاعر عمر السراي (الذي اصيب في الحادث) متوجهين الى دهوك لحضور فعالية ثقافية هناك.
إن (الثقافة الجديدة) تتذكر على الدوام السنوات العديدة التي قضاها العزيز (ابو حيدر) في العمل ضمن قوامها وما بذله من جهود مثابرة لتطوير عملها والارتقاء به الى ذرى جديدة، كي تظلّ أمينة لشعارها المركزي العتيد: فكر علمي .... ثقافة تقدمية، وأن تكون في مقدمة المنابر التنويرية في المشهد الثقافي والإبداعي العراقي عموما، من خلال ما قدمه من أفكار واقتراحات لتطويرها.
وبرحيل ابراهيم الخياط ينكس الشعر قامته، وبفقده نودع وبغصة كبيرة في قلوبنا احد النجوم الكبيرة المتلألئة في سماء الثقافة والسياسة والنضال.
لقد كانت حياة العزيز إبراهيم، على امتدادها، درسا كبيرا لأجيال عديدة من رفاقه وأحبته، وعزاؤنا ان الفقيد الكبير ترك لنا و لهؤلاء، وغيرهم أيضا وهم كُثر، أرثا كبيرا من المواقف الأصيلة والإلفة الطاغية والذكريات الطيبة التي ستظل تتحدث عنه، وتذكر به، وتبقيه حياً دائم الحضور بيننا، هذا اضافة الى السلوك الإنساني الرفيع والروح الشفيفة والتي لا تساوم على القيم والمبادئ الكبرى التي تربى عليها.
مرة قال المفكر المصري الراحل محمود أمين العالم ما معناه أن الذين يحتفظون بشموخ القامة الإنسانية في وجه العواصف والمحن، وينسجون الدفء والطمأنينة والاستمرار المضيء في تاريخ الإنسان، بتواضعهم ونزيفهم الصامت هؤلاء هم صناع الحياة بحق، بهم يتحرك المجتمع متطلعا إلى العدالة والسعادة والمحبة والحرية والسلام. ومن المؤكد ان هذا الوصف ينطبق أيضا على فقيدنا الكبير إبراهيم الخياط. فهو احد القامات الأصيلة التي لم تنحن أمام العواصف والمحن ولم تساوم.
إن رحيل المبدع الكبير ابراهيم الخياط خسارة فادحة لنا جميعا، ولقضية شعبنا التي منحها الراحل الغالي كل ما يملك من طاقات ابداعية.
وما عسانا ان نقول الآن بعد صدمة الرحيل سوى: أبا حيدر .. لقد خسر معك الموت هذه المرة لعبة المفاجأة... ولكن مع ذلك باق أنت بين أجمل قامات وطننا الثقافية المسكون بـ " جنون " الحرية والعدالة والمساواة والكرامة، وسيبقى منجزك النضالي والثقافي، على مختلف الصُعد، محفورا في الذاكرة الجمعية.
(ابا حيدر)، كم من الوقت سيمر لنعترف بهذا الغياب، ونتجاوز ارتباك اللحظات التي يأتي فيها اسمك مقروناً بالرحيل. سنظل نتعلق بأهداب هذه الذكريات، الآن وبعد ان رحل جسدك، ستبقى روحك تمارس حياتها بنشاط: تقرأ، تستمع، تجادل، تكتب بصبر وأناة، وضحكتك الشفيفة لا تبارح أيامنا، فأنت المجبول من طيبة هذه الأرض الطيبة، أبن بعقوبة مدينة البرتقال.. ابن العراق..
ختاما.. لكافة افراد عائلة فقيدنا الكبير (أبي حيدر) ولكل اصدقائه ورفاقه وكل محبيه وهم كُثر سواء داخل الوطن أو خارجه، خالص مشاعر المواساة وجميل الصبر مقرونة بالتضامن الحار معهم في هذا المصاب الجلل.. آملين ان يكون هذا خاتمة الاحزان.
والذكر الطيب دوما للراحل الصديق الكبير والرفيق العزيز ابراهيم الخياط!
وداعاً ابراهيم.. نم مغردا في مملكة الشعر... ستظل حاضرا على الدوام... فكرا وممارسة وسلوكا اخلاقيا رفيعا... وفوق ذلك مبدعا راقيا ظل وفيا لأفكاره ومُثله ولم ينحنِ امام العواصف !
لن ننساك يا " أبا حيدر " لأنّ الورد يظلّ يعبق برائحة الحياة ولا يشيخ.
هيئة تحرير مجلة (الثقافة الجديدة)
28/08/2019