ابنتي علاقتها مع شاي الصباح أقل من عادية..فهي تتركه يبرد وتكمل هيئتها ثم تشرب قليلا منه وتغادر.. لكنها بعد القيلولة هي التي تجمعنا على الشاي والكعك المسمسم عصرا.. فيزداد الهول حنوا علينا صغارا وكبيرات، وهي تقدم لنا مرويات يومها الوظيفي .

في رمضان الكريم يختلف..إذ بعد الإفطار.. تسبقه بشاي لومي بصرة وبعد انتهاء مسلسلتها في الفضائية التي علينا أن نحبها جميعا تنهض أبنتي وتعود من المطبخ وصينية الشاي تتقدمها ..

أول يوم من عيد الفطر.. يكون نهوضي من صلاة الفجر...           

وقبل خطوتي الأولى نحو حديقة بيتي.. أضع القوري الكبير على الفوهة الزرقاء الصغيرة..

وأدخلُ الحديقة... تلامس أصابعي وقدماي حديقة البيت: أشذّبُ الخصلات الخضر واجتثُ ما أراه يبيسا مِن الغصون والأعشاب ..فجأة تغمرني ما أكون منتظرة لها وبلهفة : رائحة الشاي مِن نافذةِ مطبخ الجيران أرى رائحة الشاي ..نعم أراها من دون كل الروائح.. أرى رائحة الشاي التي افتقدتها شهرا كاملا.. فأشتاقها.. تتوقف يداي عن الغصون .. لأستنشق الرائحة..اتذكرُ..  أهرع ُنحو المطبخ..اطفأ ُ النارَ. أملأ ُاستكانتي.... أجالسُ شجرة ً.. ارفع استكانة الشاي.. استنشقه وبخاره .. أرتشفُ رشفة ً بتمهل رشفة بطيئة فأشعر بما لا يوصف من تلك السعادة الصغيرة.. السعادة التي لا ننتبه لها يوميا حين تكون بين أيدينا فتهبني نكهة الشاي...

نصاً توارى في تلافيف ذاكرتي

 

عرض مقالات: