يختلف الكثير من النقاد، حول القيمة الأدبية لأعمال القاص والكاتب المسرحي العراقي أدمون صبري (1921- 1975).

وأدمون صبري تخرج عام 1951 من كلية التجارة والاقتصاد جامعة بغداد، ونشر أول مجوعة قصصية له عام1952 بعنوان (حصاد الدموع) واستمر في نشر الاعمال القصصية والمسرحية، ومنها (هارب من المقهى) ومجموعة مسرحيات قصيرة، و(محكوم بالإعدام)، و(أديب من بغداد).

ويذكر ان فيلم (سعيد افندي) مأخوذ من قصته (شجار) التي نشرها عام1957، وكتب أيضا قصة فيلم (من المسؤول).

 وبعد انقطاعه عن النشر إثر اعتقاله عام 1963 وفصله من الوظيفة، عاود النشر عام 1967 واصدر مسرحية (العطالة) التي قدمت على المسرح الوطني في بغداد.

وهذا العمل يتكون من أربعة فصول، تتناول حياة  أسرة بغدادية، متكونة من الموظف (فرج) رجل مثقف وقارئ جيد، وزوجته زهراء  - ربة بيت - وابنه ظافر – طالب في كلية الطب - وابنته انصاف - طالبة - وابن اخيه سليم المصاب بداء السل بسبب طبيعة عمله وعدم اهتمامه بصحته.

 تشهد الأسرة انقلابا كبيرا في وضعها، حيث يجد رب الاسرة نفسه بعد خدمة ثلاثين عاما في شركة الملاحة النهرية، مفصولا من العمل وبدون ان يحصل على أي تعويض أو مكافأة.

هذا الانقلاب، يجبرها على تأجير غرف في بيتها كي تسد نفقات مصروفها اليومي، فتفقد العائلة خصوصياتها، ويحرم (فرج) من متعة القراءة بعد تأجير غرفة مكتبه، وتصيبه كآبة قاتلة، ويفقد اهتمامه بنفسه وأناقته، ويضطر الى مجاملة (رشاد) السكير أحد المستأجرين، وتحمل صخب (ماكينة) الخياطة التي عادت زوجته الى العمل عليها.

كما أن ابنته تفقد خصوصيتها لان غرفتها شغلتها الأرملة (سميحة)، ويجبر الابن على العيش في القسم الداخلي بعد أن شعر ابوه (فرج) بعلاقته مع الأرملة.

 وحين يعود سليم بعد علاجه من السل، لم يجد له مكانا وتصر زوجة عمه على عدم افساح المجال له للعيش معهم، رغم انه عاطل عن العمل ولا يملك شيئا.

ومع تطور الاحداث أثر وفاة (سليم)، وزواج سميحة من (رشاد) وتمكن المستأجر الثالث عبد الواحد (الطبال) ان يعيّن فرج كموظف لبيع التذاكر في الملهى، يتصاعد الصراع بين فرج وزوجته زهرة حول مسؤوليتها في موت ابن أخيه سليم، ودورها في اقناع سميحة بالزواج من رشاد، وما آلت اليه أوضاعها بعد قطع الراتب التقاعد الذي كانت تحصل عليه. وتنتهي المسرحية بتصاعد درامي كبير إثر حادثة بيع رشاد دمه ومرضه ثم وفاته، ولم يعمل ظافر – ضمن مسؤوليته الأخلاقية كطالب طب - على منعه من هذا العمل الضار بصحته. فظافر كان يسعى الى موت رشاد كي يعود الى عشيقته الارملة سميحة التي يعتقد انها اخذت منه في غفلة من الزمن.

ينفجر فرج غضبا حين يعرف بالحادث، ويطرد (ظافر) ولا يعتبره ابنا له وينعته بالحقير والاناني. 

هذه المسرحية، لا تختلف كثيرا عن اعمال أدمون المسرحية الأخرى، في أنها، كما يقول الروائي والناقد عمر الطالب، أقرب الى القصص الحوارية منها الى العمل المسرحي.  ولكن قيمتها تكمن، في كشف الآثار السلبية للبطالة على المجتمع والتي تشكل أساس الجريمة المنظمة، والنزاعات الحادة الدموية، وانتشار الفقر، والتربة الخصبة لتجنيد الشباب من قبل المنظمات الإرهابية.

ويرى المخرج جوزيف الفارس ان ادمون صبري عمد في  مسرحية (ايام العطالة) الى الاسلوب الرمزي للتعبير عما كان يحسه ويعاني منه،  كما في مسرحيته الرمزية (مارس إله الحرب ) والتي اخرجها الفنان المرحوم سالم شفيق.

 ويرى ان احداث مسرحية ايام العطالة، تناولت بأسلوب واقعي، البطالة والحرمان، و(انها باكورة الاعمال المسرحية للمسرح العمالي والتي اخرجتها لمكتب نقابة البرق والمطابع والاعلام، وقد مثل ادوارها كل من الفنانة المسرحية مريم الفارس والفنانة سناء سليم وعماد بدن وصبحي العزاوي وعبد الرزاق الشريفي وسعيد سامي.) ويضيف: أن  ادمون صبري (كان يتابع التمارين اليومية وبشغف لمسرحية ايام العطالة، حيث كانت احداثها تعبر عن معاناته ضمن مرحلة من مراحل حياته، انها تجربة قاسية عاش ظروفها متناولا احداثها من الواقع المرير الذي عاشه ، وكنت في التمارين اليومية اراقبه لمعرفة ردود افعاله المرسومة على وجهه، واتبين مدى تعاطفه مع العمل ، فينتابني فرح وانا اشاهد علامات البشاشة والابتسامة مرسومة على وجهه ، فمن باب الفضول كنت احب ان اتعرف على رأيه واطلع على اسباب هذه الابتسامات والمصحوبة بكلمة ( حلو ) فكان يجيبني ، هسه داشوف نفسي واتذكر ايامي لمن جنت عاطل عن العمل) .

 إن ما يهمنا في هذا المجال ونحن نحتفل بيوم المسرح العالمي، اهمية الإشارة الى هذا المنجز الذي لامس وجع العراقيين من البطالة، ليس في الوقت الماضي فقط، بل  في وقتنا الحاضر أيضا،  وأن  تقاطعنا في تقييمه، ولكننا نتفق على أهمية ما يحمل  من رسالة أخرى، كونه من منجزات المسرح الجاد وفرقه  في تقديم عروض تهتم بهموم ومشاكل الناس رغم الظروف الصعبة  التي تمر بها ومنها الفرقة التي قدمت مسرحية (العطالة).