كانت ومازالت وستظل  التحالفات الوطنية من الموضوعات التي تحضى بكبير العناية والاهتمام في الفكر الماركسي النظري ، وفعلاً تحالفت بعض الجمعيات العمالية التي تنضوي تحت لواء جمعية العادلين التي أسسها ماركس وأنجلس ، تحالفت مع احزاب في فرنسا وهولندا وبريطانيا ، واستمرت تحالفات الأحزاب الماركسية وبمختلف الصيغ الممكنة ، وأكثر التحالفات كانت ، تحالفات انتخابية ، لكن موءتمر الاممية السادس بقيادة الزعيم الشيوعي البلغاري ديمتروف ، أعار اهتماماً خاصاً لموضوعة التحالفات الوطنية وبقضية بناء الجبهات ضد الفاشية الهتلرية التي كانت تهدد عموم البشرية وحضارتها حلذاك ، ووضع شروطا وتوصيات في إقامة الجبهات مع القوى الاخرى ، وكان أهمها هو مبدأ الاستقلالية في التحالفات، بمعنى ان يكون الحزب مستقلاً سياسياً وفكرياً وتنظيمياً، ولا يضحي الحزب بسياسته الخاصة التي تفرضها مبادئه ، ولا يترك أطروحاته النظرية ولا يتخلى عن كيانه التنظيمي . 

والتخلي عن شروط الاستقلالية في التحالفات يعني خرقاً وخروجاً على مقررات الاممية الشيوعية . 

وقد اعتبرت فعلاً الخطوات التي اعتمدها الحزب الشيوعي المصري والجزائري  في حل التنظيم الحزبي في الاتحاد الاشتراكي ، خروجاً على توصيات موءتمر الشيوعية  المنعقد في ثلاثينات القرن الماضي .....

وبالعودة الى تحالف الحزب الشيوعي العراقي في اءتلاف سائرون  ، لا نجد ان الحزب  قد خالف مباديء الشيوعية التي جرت الإشارة اليها ، حيث لم يترك سياسته الخاصة التي أقرها مؤتمره العاشر ، ولم يتجاوز حدود ومبادىء وموضوعات الشيوعية الفكرية ، ولم يحل تنظيمه الحزبي ويذوب في تحالف سائرون   . 

فالحزب باقي بكل مواصفاته والتزامه الوطني ، ولم يفرط بمبادئه  التي بني عليها ، بل اتخذ تحالف سائرون  شعار الحزب الدولة المدنية  شعاراً له هذا أولاً 

ثانياً - اذا كانت هناك تنازلات فهي خارج المبادئ التي جرت الإشارة اليها ، ومن طبيعة اي تحالف هو ان تتنازل الأطراف كل منها عن شيء ما للتقارب مع الاخر ، وليس هناك تنازل من طرف واحد فقط ، ومن لم ينتبه لهذه القضية ، سيقع حتما ً في اخطاء في تقييمه للتحالفات الوطنية .

ثالثاً ، قدرة كل حزب وقواه التنظيمية وسلامة تكتيكه داخل التحالف ، هو ما يحدد دوره وما يحققه من منجزات وطنية ، تنعكس حتماً على سمعته وتزيد جماهيره ،وبالتالي على قدرته وتأثيره الوطني ...

رابعاً، تبنى التحالفات والجبهات الوطنية ، في فترة زمنية من العمل الوطني تتقارب فيها شعارات واهداف ومصالح  بعض الأحزاب تقودها عمليا الى بناء تحالف ما  ولهذا لا يمكن القول ان التحالفات تبنى على أساس رغبة ذاتية لهذا الطرف او ذاك او عدم وجود معارضة في كل حزب لخطوات التحالف...،  

  رابعاً، عندما تبنى التحالفات ، لا يمكن للأحزاب الموءتلفة ان تعطي عهداً  لبعضها ان تستمر بالتحالف الى ما نهاية ، حتى وان كان هناك رغبة عند احدها او بعضها في الاتحاد ، لأن كل القوى داخل التحالف هي خاضعة لعملية الفرز الطبقي والسياسي ومن ثم تبديل الاولويات والمصالح ، عليه من غير الصحيح النظر الى الحلف السياسي على انه سرمدي ولا يتغير  ...وتحالفنا مع أياد علاوي خير دليل على ذلك . 

خامساً ، التحالف في عموم الحال ، يمثل وحدة وصراع الأضداد ، بمعنى ان القوى داخل وحدة التحالف هي في صراع أيضاً نتيجة ر}ية كل منها للظواهر المستجدة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما تتطلبه بالنسبة لنا مصلحة الوطن ، لذلك من غير المعقول نفي الصراع بين قوى داخل التحالف ، وتقييم العمل على انه تابع ومتبوع ....

ومن ما تقدم يتأهل المرء الى القول ، ان الخوف حرصاً، الذي ابداه بعض الرفاق  على الحزب من تحالف سائرون اجد فيه مع احترامي لما ذهبوا اليه في تقديرهم كثيراً من المبالغة ، نعم لكل رفيق وصديق الحق ان يعرب عن رأيه ، بالموافقة او الرفض ، والجدل ،ومحاولة استجلاء الاّراء هو امر من شانه ان يطور العمل الحزبي ويسدد الرأي ، ولكن بعيداً عن  الأحكام التي تعتبر الحزب قد اضاع البوصلة  يعني تائه وهنا لا يمكن للإنسان العاقل ان يظل في حزب تائه ما يندل دربه ، او اللجوء لرمي رفاق بألقاب لا يرتضيها الرفيق المنتقد لنفسه ، ثم لماذا العبور من الموضوع  لمواضيع اخرى ،رغم ان الفائدة  تقتضي من المنتقد ان يبقى في إطار الموضوع ويقدم البديل الذي يرتأيه صحيح  لكي تعم الفائدة  وهذا حقه الطبيعي وواجبه أيضاً ، اما التداعي بالحديث حتى اخطاء الجبهة مع البعث ، والتي جرى تقييمها في الموءتمر الرابع للحزب عام ١٩٨٤ اعتقد بتواضع اننا لم نصل الى نتيجة ، بل ونفقد الفائدة المرجوة من تبادل الرأي  .

 

عرض مقالات: