مع مطلع هذا العام تحتفل مجلة “أدب ونقد” بعيد ميلادها الأربعين، فتعد مجلة “أدب ونقد” واحدة من أهم المجلات الثقافية في مصر والعالم العربي، ومن أكثرها استمرارية، حيث صدر عددها الأول في يناير عام 1984، برئاسة تحرير الناقد والمترجم الراحل الدكتور الطاهر أحمد مكي، ومنذ عددها الأول أخذت المجلة على عاتقها تقديم التجارب النقدية والإبداعية، من مختلف أقطار الوطن العربي. وها هي الآن تحتفل بمرور أربعين عاما على صدور عددها الأول، في سابقة ثقافية على الحياة الثقافية المصرية، لتثبت للجميع أن الإخلاص في العمل والمثابرة والجدية هي عنوان هذه المطبوعة الفريدة. التي يصدرها حزب التجمع، وهو الحزب السياسي الوحيد المهتم بالجانب الثقافي، منذ تأسيسه وحتى الآن. جاءت أدب ونقد مختلفة منذ البداية، وما كان ذلك ليتم إلا بدعم من مؤسس وزعيم حزب التجمع الراحل الكبير خالد محيي الدين، وكذلك تضافر كل الجهود الثقافية من التيارات الثقافية التقدمية في مصر والعالم العربي، حيث التفت حولها كل الأقلام الجادة مشاركة وداعمة، فاشتد عودها منذ لحظة الغرس حتى غدت شجرة سامقة في ساحة الفكر والثقافة العربية.

تولى رئاسة تحرير المجلة عبر تاريخها كل من د. الطاهر مكي من 1984 وحتى 1987، ثم الناقدة فريدة النقاش من 1987 وحتى 2007، ثم الشاعر الراحل حلمي سالم من 2007 وحتى وفاته في 2012، ثم الشاعر عيد عبد الحليم من 2012 وحتى الآن.

لقد دخلت (أدب ونقد) كثيرا من المعارك الفكرية التي هزت الحياة الثقافية ومنها قضية المفكر نصر حامد أبوزيد، ودافعت في كل مراحلها عن فكر الاستنارة وكانت دعوتها المستمرة إلى ضرورة تعميم فكر التنوير في العالم العربي.

كما وقفت المجلة كحائط صد في مواجهة القوى الظلامية ودعاة التكفير من خلال ملفاتها النوعية، المناصرة لحرية الإبداع والتعبير.

ولا أنسى هنا الدعم الذي لقيته المجلة من رؤساء حزب التجمع بداية من الزعيم خالد محيي الدين ثم المفكر الراحل د. رفعت السعيد، وكذلك النائب سيد عبد العال، الذين آمنوا بدور المجلة وأهميتها وضرورة الحفاظ عليها.

وتبنت (أدب ونقد) عبر رحلتها الطويلة المواهب الجديدة في الكتابة الأدبية والفكرية والنقدية، فخرج من عباءتها كل المبدعين المصريين والعرب الذين أصبحوا الآن يشكلون متن الثقافة العربية.

وتنوعت المدارس النقدية بتنوع النقاد الذين كتبوا فيها، من أمثال محمود أمين العالم ود. عبدالعظيم أنيس ود. محمد حافظ دياب ود. عبدالمنعم تليمة، وإبراهيم فتحي، ود. لطيفة الزيات، ود. شكري عياد، ود. ماهر شفيق فريد، ود. سيد البحراوي، ود. أمينة رشيد، ود. صلاح السروي، ود. محمد بدوي، ود. جابر عصفور، واعتدال عثمان، وعز الدين نجيب، ورجاء النقاش ود. نهاد صليحة ود. شاكر عبدالحميد، ود. سامح مهران، ود. محمد عناني وغيرهم.

من أهم المدارس النقدية التي ظهرت تجلياتها في المجلة من خلال دراسات متعددة، الواقعية الاشتراكية، بمنظورها الاجتماعي، والنقد المقارن، والبنيوية، والحداثة، وما بعد الحداثة، والكولونيالية (ما بعد الاستعمار)، والنسوية وغيرها من المدارس النقدية.

ومن ذلك النقد الاجتماعي والذي يبدأ النقد الاجتماعي من الاعتقاد بأن علاقات الفن بالمجتمع هامة وحيوية، وبأن هذه العلاقات يمكن أن تعمل على تنظيم وتعميق استجابة المرء الجمالية للعمل الفني، إن الفن لا يولد في فراغ، فهو- في بساطة- ليس عملا شخصيا، ولكنه عمل مؤلف قائم في زمان ومكان معينين، ويستجيب لمجتمع هو فيه فرد هام، لكنه جزء واضح وبارز. وعلى هذا فالناقد الاجتماعي يهتم بتفهم البيئة الاجتماعية، وتفهم مدى استجابة الفنان لها، والمسلك الذي يسلكه إزاءها”.

وقد ظهرت هذه المدرسة – بقوة – في الأعداد الأولى لمجلة (أدب ونقد) من خلال مقالات ودراسات محمود أمين العالم وإبراهيم فتحي وفاروق عبدالقادر وعبدالعظيم أنيس – الذي كان- أحد مستشاري تحرير المجلة في السنوات العشر الأولى من عمر إصدارها. وكذلك من خلال مقالات د. شكري عياد والذي كانت له زاوية خاصة شهريا تحت عنوان “هوامش نقدية”  تابع فيها أهم الإبداعات المصرية والعربية، وتحليلها من منظور اجتماعي سوسيولوجي، فعلى حد تعبيره في أحد مقالاته فإن “وضع الكاتب في المجتمع يجب أن يكون هما من هموم النقد، فما دامت أشكال الأدب وموضوعاته في تغير مستمر فيجب أن يفهم الناقد دلالة هذا التغيير، وما دامت الحياة وحدة متكاملة فأقرب الفروض أن التغيير في جانب منها يستجيب لتغيرات موازية في الجوانب الأخرى”.

ومعظم نقاد هذا الاتجاه اتخذوا من  منهج الواقعية الاشتراكية منهجا لتحليل النصوص الأدبية.

وقد تأثر نقاد هذا الاتجاه بالمدرسة الروسية في النقد بداية من “الشكلانيين الروس”.

كما نشرت المجلة عشرات الدراسات التي عنيت بالتفسير التاريخي للأدب، أي تفسير الأدب في وجوهه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وربما يرجع ذلك إلى أن كثيرا من نقاد هذا النوع في مصر كانت لهم توجهات سياسية يسارية، وهذا لا ينفي قدرتهم الفنية العالية في تحليل النصوص الأدبية في هذا الإطار.

“فالإصرار على أن رجل الأدب يجب أن يلعب دورا سياسيا، أو على الحط من قدر الأعمال الفنية إذا ما قورنت بالأعمال السياسية، إنما هي أشياء وليست في الأصل جزءا من الماركسية، ولكنها ألصقت بها في وقت متأخر، إن المتسبب في وجود تلك المسائل هو روسيا، نتيجة لاتجاهات وميول خاصة بها، ظهرت قبل الثورة بوقت طويل، أو قبل “إعلان” الماركسية نفسها.

فقد كان لدي روسيا أسباب وجيهة جدا تتعلق لماذا ينبغي أن تشغل تضمينات الأدب السياسة ذهن النقاد بصفة خاصة؟”

ومما لاشك فيه أن كثيرا من نقاد هذه المدرسة في مصر والعالم العربي قد تأثروا بـ”جورج لوكاتش” الذي زاوج في رؤيته بين الفهم العميق للمادية الجدلية ومصادرها عند هيجل والمعرفة الحقيقية بالأدب الألماني، فمعظم مؤلفاته في هذا الاتجاه تعيد تفسير أدب القرن العشرين في ضوء الواقعية، مع التأكيد على التضمينات الاجتماعية والسياسية، ولكن لا يخلو ذلك من حساسية بالقيم الأدبية”

ومن أهم الدراسات التي نشرت في المجلة في هذا الاتجاه دراسة للناقد الفلسطيني فيصل دراج تحت عنوان “الثقافات والطبقات الاجتماعية”، حاول فيه الإجابة عن سؤال سماه “سؤال الأدب الطبقي” مرجعا ذلك إلى طبيعة المكونات الاجتماعية، حيث يقول: “تتطور ثقافة كل طبقة في مسار مميز لها يعكس أوضاعها الاجتماعية وحدود سلطاتها الاجتماعية أيضا.

ولهذا فإن القول بأن الطبقة لا تكتمل إلا إذا كان لها هوية ثقافية هو قول في منتهى التعقيد، أو لنقل إنه احتمال يخضع إلى متغيرات عديدة”، ويؤكد د. دراج أنه “إذا كانت كل ممارسة فكرية لا تتحدد إلا بشكل التاريخ الاجتماعي الذي تقوم فيه. فإن كل محاولة لدراسة الأدب العربي الحاضر وأشكال النقد المرتبطة به تظل مستحيلة، أو كاملة الهشاشة، إن لم تنطلق من مفهوم واضح للعلاقات الاجتماعية القائمة: نمط الإنتاج، شكل الدولة، تمايز الطبقات الاجتماعية”.

أما الناقدة د. لطيفة الزيات فتقول في مقالها “شهادة على العصر” المنشورة في العدد 54 يناير 1990: “في الخمسينيات والستينيات برز التوجه الاجتماعي في مختلف المجالات الفكرية والأدبية والفنية والنقدية، وسادت حركة نشطة، تجمع في تفاعل سريع، ما بين الإنتاج الأدبي والفني والمتلقي لهذا الإنتاج. وارتبطت هذه الحركة النشطة بانتعاشة الطبقة الوسطى التي ازدادت في فترة الناصرية حجما ووزنا، متيحة دائرة واسعة من المتلقين لكل أشكال الفكر”

وتشير د. لطيفة في دراستها إلى ظهور ما يسمى “الواقعية الجديدة” في الأدب المصري في تلك الفترة وتبنى هذا التيار مجموعة من الكتاب مثل سليمان فياض وصالح مرسي وعبدالله الطوخي في القصة والرواية ويوسف إدريس وألفريد فرج ونعمان عاشور وميخائيل رومان ومحمود دياب ونجيب سرور في المسرح.

“وبلغت المسرحية الاجتماعية في الستينيات ذروتها، وقطعت شوطا طويلا في التجريب، معتمدة على التراث، وذلك في محاولة لإيجاد مسرح قومي يختلف عن المسرح الأوروبي. وتعمق الجانب النقدي في المسرحية الاجتماعية، بل وتنبأت بعض المسرحيات بهزيمة 67 قبل أن تقع الهزيمة، محللة للواقع الاجتماعي تحليلا فنيا مميزا”.

وإذا كان محمود أمين العالم وعبدالعظيم أنيس يمثلان في النقد الأدبي الفكر الواقعي الاشتراكي، أو الاتجاه الأيديولوجي في مفهومه الماركسي، فإنهما – من خلال دراساتهما المنشورة في “أدب ونقد” – يوضعان في الاتجاه الاجتماعي حيث التفاعل بين الأساس الاجتماعي والقيم الجمالية، حيث نجد في تطبيقاتهما النقدية أن صورة أو شكل العمل وصياغته وخصائصه ليست سوى حقيقة وجوده ومعالمه ومضمونه، تنعكس فيه، على شكل التعبير، تجربة المجتمع، وفلسفته العامة.

وتعد الحداثة من أكثر المدارس النقدية ظهورا على صفحات المجلة، من خلال مئات المقالات لأهم النقاد العرب مثل  صبري حافظ ومحمد بدوي وحسن طلب وجابر عصفور والناقد المغربي محمد برادة والناقد الفلسطيني فيصل دراج والناقد العراقي فاضل السوداني وغيرهم.

وتناولت تلك المقالات الظواهر الأدبية الجديدة في العالم العربي، مثل قصيدة الحداثة، وقصيدة النثر والرواية الجديدة,

مثال على ذلك دراسة للناقد د. صبري حافظ عن رواية “ورود سامة لصقر” لأحمد زغلول الشيطي، والتي يؤكد فيها وجود تيار جديد في الكتابة المصرية والعربية في ذلك الوقت، حيث يقول: ” تتخلق في أفق القصة القصيرة والرواية مجموعة من المتغيرات التي تنتاب لغة القص وتقاليده ومواضعاته الصائغة لطبيعة العلاقة التي تربط النص القصصي بالإطار المرجعي الذي يصدر عنه”

ومن أهم الدراسات والتي نشرت على عدة أجزاء في هذا الاتجاه دراسة الناقد د. حامد أبو أحمد عن “شعراء السبعينيات”. ونجده في مقدمته لهذه الدراسة يأخذ على النقد ابتعاده عن رصد الأعمال الإبداعية ومتابعتها نقديا حيث يقول:

“مع منتصف السبعينيات تقريبا أخذت الدراسات النقدية تسير في خط منفصل تماما عن خط الأعمال الإبداعية، ومن ثم أصبحنا منذ ذلك الحين أمام خطين متوازيين أحدهما يمثل العمل الفني والآخر يمثل الدراسة النقدية.

ونحن نرى أن الأعمال الفنية لم تتخلف أبدا عن ملاحقة العصر والتعبير عن الروح السارية في الزمان والمكان، ولكن النقد هو الذي فشل في التعبير عن روح العصر من حيث أريد له أن يتابع أحدث الإنجازات في مجال الإبداع النقدي العالمي”

ويرى د. أبو أحمد ضرورة استخدام المناهج الحداثية في النقد في تحليل النصوص الإبداعية العربية قائلا: “لقد أبدع الكاتب العربي، خلال العقود الأخيرة، ابداعا عظيما في مجالات الشعر والرواية والمسرح، ووصل إلى مستوى واحد من الإبداع العالمي، على حين فشل الناقد العربي في تحديد بعض المصطلحات الجديدة التي تتواءم مع التجربة الإبداعية، في اعتقادي أن ثمة عجزا لدينا في إنتاج مفهوم نظري للحداثة، على حين نجد أن الأدب العربي في الشعر والرواية والمسرحية قد حقق شيئا في مجال الحداثة، أعني أن العقل العربي على مستوى التنظير فاشل في تحديد مصطلح الحداثة، وعاجز عن متابعة التقدم المنتج في الإبداع الفني” .

إن كلمة ما بعد الحداثة تشير عموما إلى نوع من الثقافة المعاصرة، ولكن مصطلح ما بعد التحديث هو أسلوب فكري يتشكك في المفاهيم التقليدية للحقيقة، والعقل، والهوية، والموضوعية، وفي فكرة اتجاه العالم نحو التقدم والتحرر، وهي مجالات العمل التي لا خيار سواها”.

وقد نشرت في المجلة عشرات الدراسات والمقالات في هذا الاتجاه لمجموعة من النقاد العرب أمثال الناقد المغربي د. سعيد يقطين والناقد المغربي د. محمد بنيس والناقد العراقي حاتم الصكر والناقد السوري صبحي حديدي وغيرهم.

النقد المقارن:

الأدب المقارن هو فرع من فروع المعرفة يتناول المقارنة بين أدبين أو أكثر ينتمي كل منهما إلى أمة أو قومية غير الأمة أو القومية التي ينتمي إليها الأدب الآخر، وفي العادة إلى لغة غير اللغة التي ينتمي إليها أيضا، وهذه المقارنة قد تكون بين عنصر واحد أو أكثر من عناصر أدب قومي ما و نظيره في غيره من الآداب الأخرى، وذلك بغية الوقوف على مناطق التشابه ومناطق الاختلاف بين الآداب ومعرفة العوامل المسئولة عن ذلك.

كذلك فهذه المقارنة قد يكون هدفها كشف الصلات التي بينها وإبراز تأثير أحدها في غيره من الآداب، وقد يكون هدفها الموازنة الفنية أو المضمونية بينهما، وقد يكون هدفها معرفة الصورة التي ارتسمت في ذهن أمة من الأمم عن أمة أخرى من خلال أدبها”

احتفت المجلة كذلك بالنقد المقارن من خلال دراسات لمجموعة من النقاد أمثال د.صلاح السروي ود. مجدي يوسف ود, فريال غزول ود. ماهر شفيق فريد ود. أمينة رشيد، وتناولت هذه الدراسات رؤية مقارنة مابين الآداب الغربية (الشعر- القصة – الرواية – المسرح) والآداب العربية.

ومن ذلك دراسة للدكتور مجدي يوسف تحت عنوان “صورتنا في الأدب الغربي”

والدراسة المعنونة بـ”عن المنهج الغائب في المفاضلة بين الشرق والغرب” لفريدة النقاش (9).

وفي عدد مارس 1986 يكتب الناقد الفلسطيني عز الدين المناصر دراسة تحت عنوان “نظرية مقارنة الآداب في الجامعات العربية”، استعرض فيه تاريخ تدريس الأدب المقارن في الجامعات العربية على يد مجموعة من الرواد مثل الدكتور محمد غنيمي هلال صاحب كتاب “الأدب المقارن” والذي صدر عام 1953، متأثرا بالمدرسة الفرنسية, وإن سبق تدريس الأدب المقارن قيل صدور الكتاب بسنوات وتحديدا عام 1953 في ط \ كلية دار العلوم، لكنه ازدهر كثيرا في فترة السبعينيات والثمانينيات، حيث بدأ التعرف على مدارس أخرى في هذا المجال مثل المدرسة الأمريكية والإيطالية والألمانية.

البنيوية واحدة من أهم المدارس النقدية في القرن العشرين، وقد ضمت مجلة “أدب ونقد” مئات الدراسات التي استخدمت المنهج البنيوي في تحليل النصوص، لمجموعة من النقاد أمثال د. عبدالقادر القط و د, محمد عبدالمطلب، والناقد التونسي د, عبدالسلام المسدي، والناقد البحريني علوي الهاشمي وغيرهم .

ومن تلك الدراسات  دراسة تحت عنوان “الخطاب الروائي عند ميخائيل باختين” للناقد إبراهيم فتحي، ودراسة أخرى تحت عنوان “ثئائية الذات الكاتبة والذات المسرودة عند الكاتب اللبناني محمد دكروب”  للناقد د. صلاح السروي

وقد استفاد نقاد هذا الاتجاه –كثيرا – من رؤى “جريماس” و “تودرووف” وجوناثان كالر” “الذي يعتقد أن النظام البنيوي الذي يحكم كلا من كتابة النصوص الأدبية وتأويلها ليس إلا نظاما من القوانين والشفرات التي ملكناها بوعي أو بغير وعي والتي تساعدنا بدورها على فهم معاني النصوص الأدبية” .

ومن الدراسات التي نشرتها المجلة وجاءت في الإطار البنيوي دراسة للناقد د. شكري عياد تحت عنوان “تطور الإيقاع في الشعر العربي” نشرت في العدد61 سبتمبر1990.

ونجد فيها تحليلا بنيويا للشعر العربي وتطور الإيقاع به قديما وحديثا من الشعر الجاهلي وصولا لتجربة الشعر الحر عند صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي.

وفي الملف الخاص بالناقد الراحل محمد مندور – العدد 63 نوفمبر 1990- نجد مقالات تقف على أهم المناهج النقدية التي استخدمها “مندور” ومنها “المنهج البنيوي” فيكتب الناقد إبراهيم فتحي تحت عنوان “الديمقراطي الثوري مرآة البنيوية التكوينية” والبنيوية التكوينية بلورها كل من جورج لوكاتش ولوسيان جولدمان.

ويكتب في هذا الملف عدد من النقاد والأدباء منهم جابر عصفور وفريدة النقاش وعبدالرحمن أبو عوف وصلاح عيسى ومحمد برادة وملك عبدالعزيز وحلمي سالم.

وبالمثل نجد دراسة للناقد بدر الديب عن “استخدام الزمن عن إدوار الخراط” في العدد55 مارس 1990. حيث يحلل بنية الزمن داخل روايات “الخراط” ومنها “رامة والتنين” و”يا بنات إسكندرية” و “ترابها زعفران”.

يقول الديب: “الزمن في أعمال إدوار الخراط قضية معقدة متعددة الجوانب ترتبط وتحدد طبيعة الواقع الخلاق في تعبيره وتذوقه لما يصنع، وهو من جانب آخر عامل فعال في تكوين وحدة العمل وليس مجرد حبكته أو حكايته”.

وقد نشرت في المجلة عشرات الدراسات النقدية التي اعتمدت على الاتجاهات اللغوية، وهناك دراسات اعتمدت على البنائية والهيكلية التي اجتذبت في السنوات الأخيرة عددا من النقاد، وهي اتجاه شكلي، تجريدي يهتم باللغة والبناء المعماري أكثر من اهتمامه بالمضمون.

النقد النسوي:

ضمت المجلة عبر أعدادها عددا من الدراسات حول “الأدب النسوي” ولنأخذ مثالا على ذلك دراسة للناقد د. شكري عياد تحت عنوان “الأدب النسائي” والتي يرفض فيها هذا المسمى، يقول فيها “الأدب النسائي في نظري تسمية مضللة مثل “الأدب البروليتاري” الذي كان أول خيبة للستالينية. فإذا كان المقصود أن الأدب الذي تكتبه المرأة أو الأدب الذي يكتبه كتاب ينتسبون إلى الطبقة العاملة، يتميز بخصائص أدبية معينة”.

ولعل وجهة نظر د. عياد تقترب من رؤية “جوليا كريستيفا” حيث تقول: “إن الرجال والنساء يستطيعون تجاوز اللغة والتفكير الذكوري بمحاولة الوصول إلى ما يمكن تسميته البعد التواصلي للغة”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“الأهالي” المصرية – 6 كانون الثاني 2024

عرض مقالات: