نغتنم فرصة زيارة رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة المهندس محمد شياع السوداني لواشنطن والتقائه والوفد المرافق له بالقيادة الأمريكية، والتفاوض معها بشأن ملفات مهمة وساخنة، من بينها تفعيل اتفاقية الإطار الستراتيجي ودعم إصلاحات الحكومة الاقتصادية، لنطالبه بما طالبنا به، وغيرنا، الحكومات  العراقية المتعاقبة، وهو مطالبة الإدارة الأمريكية وربيبتها إسرائيل بتعويضات مالية لما سببتاه للعراق من تدمير وخراب وتلوث إشعاعي مميت، إنتهاكاً للقانون البيئي الدولي ولسيادة العراق.علماً بان تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم..

   وأدناه ما يفيد الوفد  في مطالبته بحق العراق هذا:

 أولآ- قصف المقاتنلات الإسرائيلية لموقع التويثة:

في 7 حزيران 1981 قام الطيران  العسكري الإسرائيلي بالهجوم على مركز هيئة الطاقة النووية العراقية في التويثة، مدمراً مفاعل تموز النووي ومختبرات علمية سلمية عن بكرة أبيها، قاتلآ مدنيين أبرياء، وملوثاً المنطقة وما حولها بإشعاعات خطيرة، هددت حياة المواطنين الذين كانوا يعيشون هناك، ولم تقتصر أضرار القصف على منطقة التويثة، بل وتعدتها الى مناطق المدائن وجسر ديالى ومعسكر الرشيد، وغيرها، والتي ومات المئات من سكانها بالسرطان.

علماً بان مجلس الأمن الدولي كان قد أصدر القرار رقم 487 الذي اعتمده بالإجماع في 19/6/ 1981، الخاص بالهجوم الإسرائيلي على مفاعل تموز النووي، والذي نص على أنه "من حق العراق الحصول على تعويضات عن الهجوم".وأدان المجلس بشدة الغارة العسكرية الإسرائيلية، وطالب إسرائيل بالامتناع في المستقبل عن القيام بأعمال من هذا النوع أو التهديد بها"..فلابد ان تحتفظ وزارة الخارجية العراقية بكافة الحيثيات.

ثانياً- تلويث البيئة العراقية بالسموم القاتلة:

إستخدمت القوات الأمريكية وحليفاتها في حربين مدمرتين على العراق، في عامي 1991 و 2003، أحدث أسلحة الدمار والفتك المصنعة من نفايات نووية خطيرة، سميت "اليورانيوم المنضب"،وهي تسمية خبيثة ليقولوا، وفعلآ قالوا، بأنها "ليست خطيرة" على البيئة والصحة.,وقصفت بها حتى المناطق السكنية المكتضة بالسكان، ونشرت الإشعاع الناجم عن إستخدامها في كافة أرجاء العراق، والذي سبب كوارث بيئية وصحية لا مثيل لها.

لقد قدر خبراء ومؤسسات مختصة كمية ما إستخدمته القوات الأمريكية وحليفاتها من ذخائر اليورانيوم على العراق بنحو 3000 طنا مترياً ، وهو ما يعادل 250 قنبلة ذرية من القنابل التي أُلقتها أمريكا على هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الحرب العالمية الثانية.

    وعدا أسلحة اليورانيوم إستخدمت القوات الأمريكية أسلحة الفسفور الأبيض المحرمة دولياً.

وخلفت قوات التحالف ضد العراق في الأراضي العراقية اكم هائل من المعدات الحربية المضروبة بقذائف اليورانيوم، وكذلك اَلاف القنابل والصواريخ غير المنفجرة،بالأضافة الى ملايين الألغام الأرضية.

    وعدا هذا، خلفت وحدات الجيش الأمريكي في البيئة العراقية شتى الملوثات الخطرة،  حيث جاء في تقرير دولي خاص بالبيئة العراقية، اصدره  فريق من الباحثين الاميركيين في "مركز دراسات الحرب" في نيوبورت بالولايات المتحدة، ونشرت صحيفة "USA Today"  مقتطفات منه في عام 2011، ان الغبار في العراق يحتوي على (37) نوعا من المعادن ذات الثأثير الخطير على الصحة العامة، فضلا عن  (147) نوعا مختلفا من البكتيريا والفطريات التي تساعد على نشر الأمراض[1]. وأكد خبراء بيئيون إن الجيش الاميركي لم ينقل معه عند رحيله من العراق مخلفاته الخطرة، وإنما طمرها في الأراضي العراقية [2].

   وهكذا، تحولت البيئة العراقية الى إحدى اكثر بيئات المنطقة تلوثا من جراء الحروب ومخلفاتها،وأكد علماء البيئة ان تأثير استخدام ذخائر اليورانيوم والطائرات الحربية والدبابات والقذائف المضادة للدروع والقنابل الخاصة باختراق الملاجيء تسببت في آثار خطيرة على البيئة وعلى صحة وحياة العراقيين ,

ثالثاً- -دراسات أثبتت إنتشار التلوث الإشعاعي الخطير

 أثبتت دراسات علمية عراقية ودولية إنتشار التلوث الإشعاعي في أرجاء العراق، ومنها، على سبيل المثال:

1- في عام 1996 أُجريت دراسة تقييم المخاطر الصحية لمنطقة مكتظة بالسكان تبلغ مساحتها نحو 1200 كم2، وتشمل مدن صفوان والزبير وغرب البصرة، والتي تعرضت لجرعات إشعاعية عالية بسبب تلوث اليورانيوم المنضب. وأوضحت نتائجها أن أهم مصدر للتعرض الإشعاعي في منطقة الدراسة هو استنشاق هباء اليورانيوم المنضّب وأكاسيده خلال الأشهر الأولى من العمليات العسكرية لعام 1991. ووُجد أن قيمة الجرعات السنوية الفعالة الناتجة من هذا المسار بلغت 435 ملّي سيفَرت تعرّضت لها القوات المسلحة العراقية في هذه المنطقة، وقرابة 167 ملّي سيفَرت تعرّض لها السكان في مدينة صفوان. كما بلغ إجمالي الجرعة الفعالة السنوية التي تعرض لها السكان في مدينتي الزبير وغرب البصرة بحدود 268.6 ملّي سيفَرت[3].

2- في اَيار 2003 فحص الأمريكي سكوت بترسون بأجهزة حديثة وحساسة جداً دبابات عراقية مضروبة بذخيرة اليورانيوم المنضب في بغداد، ووجد تلوثها بالإشعاع بمستوى 1000 الى 10 اَلاف مرة عن الحد المسموح به دولياً [4].

3- في أيلول- تشرين الأول 2003 ،أي 5 أشهر عقب توقف العمليات العسكرية لغزو العراق، أجرى فريق علمي متخصص بالإشعاع والطب الذري، تابع لـ"مركز أبحاث طب اليورانيوم" (UMRC)[5]، دراسة إشعاعية ميدانية واسعة شملت بغداد وضواحيها وكافة مدن وسط وجنوب العراق الى أطراف البصرة.

    وقد وجد الفريق العلمي برئاسة العالم الكندي تيد ويمان وعضوية العالم الألماني سيغفرت- هورست غونتر والعالم العراقي محمد الشيخلي والعالم الألماني شوط ، إنتشار الإشعاع في أرجاء العراق وبسمتويات تعدت المستوى المسموح به دوليا بـ 10- 30 ألف مرة. ووجد الإشعاع في الهواء والتربة وفي جثث الجنود المطمورة تحت الأنقاض وفي معمل ثلج وفي الأشجار،إضافة الى الدبابات والمدرعات والمركبات والمدافع والدشم التي قصفت بأسلحة اليورانيوم.وقد أصيب أثنان من العلماء بأعؤاض التلوث الإشعاعي الحاد رغم أنهما لم يمكثا بالمنطقة أكثر من إسبوعين[6][7][8].

4- في عام 2005، وجد المهندس خاجاك وارتانيان في مدينة البصرة أكثر من 100 موقعاً ملوثاً بإشعاع اليورانيوم المنضب، ضمت حديد سكراب لمعدات عسكرية مضروبة وذخائر حربية مستخدمة، وغيرها. وحذر بشدة من إحتمال إنتقال الأشعاعات الى المواطنين في مناطق أخرى عبر نقل وإستخدام السكراب[9].

5- أكدت صحيفة "بيبليت" الفرنسية بالأستناد الى خبراء ان كمية الذخيرة المشعة الملقاة من قبل القوات الاميركية على العراق تفوق تلك المرمية على هيروشيما في الحرب العالمية الثانية..ولفتت الصحيفة الى ان احتواء الاسلحة المستخدمة في العراق على اليورانيوم المنضب  سيؤدي الى  سقوط ضحايا حتى بعد 20 عاما من الهجمات[10].

 6- خلفت الحرب أطلال من أكداس الحديد السكراب (الخردة)، التي هي عبارة عن بقايا آليات ومدرعات ومدافع ودبابات ومعدات عسكرية أخرى، مختلفة الأحجام، وقد تم قصفها بأسلحة اليورانيوم في حربي عامي 1991 و 2003، وكانت تنتشر في أرجاء العراق لسنوات عديدة،وتم جمعها في أماكن بعيدة عن المناطق السكنية، لكنها مكشوفة، فنقلت الرياح إشعاعاتها الى المناطق المجاورة وسكانها وتنفسوا جزيئاتها. وأكد العلماء ان تأثيراتها ليست محدودة في المناطق المنشرة فيها، وإنما تطال المناطق البعيدة عنها .

   خلاصة القول: أحدث إستخدام أسلحة اليورانيوم تهديداً كبيراً للبيئة العراقية والسكان.ومرد التهديد هو التلوث الناتج عن استخدام تلك الاسلحة ذات السمية العالية وبكميات هائلة، وهي ذخائر مصنعة من نفايات نووية خطيرة، من أنواع اليورانيوم ومواد أخرى شديدة الإشعاع، يولد انفجارها في الهدف(الدبابة مثلآ) سحابة  في الهواء مكونة من ترليونات دقائق أوكاسيد اليورانيوم الصغيرة جداً، التي تنتقل للبشر عبر التنفس وتناول الأغذية الملوثة بها، فتدمر الجسم بكامله، وهي التي تصهر الحديد والصلب وتجعل جسم الإنسان متفحماً عند التأثير المباشر.

    وثمة حقيقة معروفة وهي أثناء المعارك , وفي خضم ما يتعرض له المجتمع من معانات وخسائر , غالباً ما تنسى التأثيرات البيئية الناتجة من هذه المعارك , ولكن هذه التأثيرات ستبقى مستمرة لسنين بعد انتهاء المعارك [12].  

 رابعاً- أبرز تداعيات الحرب

سبب إستخدام القوات الأمريكية وحليفاتها لأسلحة اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض والسموم الأخرى إنتشار الملوثات والسموم الإشعاعية والكيميائية الخطيرة في أرجاء العراق، والتي سببت بدورها أضرار بيولوجية رهيبة، حيث أُصيب  أكثر من مليون و 200 ألف عراقي وعراقية بالسرطانات، وتوفي منهم أكثر من 300 ألفاً.عدا  ما سببه من مئات اَلاف الولادات الميتة والتشوهات الخلقية الرهيبة والإسقاطات المتكررة والعقم (حتى وسط الأسر التي أنجبت قبل الحر)، وغيرها من العلل المرضية العضال غير القابلة للعلاج.

   ونشير الى بضعة أمثلة، يعرفها الأطباء جيداً:

* إرتفعت الأصابات السرطانية في البصرة 8 – 10 أضعاف، والتشوهات الخلقية- 23 ضعفاً.

*  وفي الفلوجة يولد حتى يومنا هذا نحو 147 من بين كل ألف مولود جديد بعيوب ولادية شديدة.

* وفي بغداد أصيب نحو 800 ألف نسمة بالسرطان.وأوضح مصدر في وزارة الصحة بإن أغلب حالات السرطان التي يتم اكتشافها في مستشفيات بغداد تصيب أشخاصاً يسكنون أطراف العاصمة، ولا سيما الشرقية منها.وقد تم تسجيل مئات حالات الإصابة بالسرطان في الأشهر الأخيرة في بلدات جسر ديالى، والمدائن، ومعسكر الرشيد.وأن منطقة جسر ديالى القريبة من موقع التويثة تعاني من تدهور صحي خطير، وتسجل أعلى حالات الإصابة بالسرطان.وأكد عضو نقابة الأطباء العراقيين الدكتور محمود صالح إن الكوادر الصحية العراقية رصدت أكثر من 40 نوعاً من السرطان في بلدة جسر ديالى وحدها، مبيناً أن بقية مناطق شرق بغداد تشهد انتشارا لأنواع أخرى من السرطانات[13].

    ولسوء الأوضاع البيئية حذرت وزارة البيئة من مخاطر التلوث البيئي على انخفاض متوسط عمر الإنسان العراقي. وقال وكيل الوزارة كمال حسين لوكالة " شفق نيوز" إن "متوسط عمر الإنسان في العراق وصل إلى 60 عاما وفق دراسات وبحوث أجرتها الوزارة منذ عام 2006، وهو بانخفاض مستمر.

  على صعيد اَخر، أشار تقرير حديث للبنك الدولي بعنوان:" المناطق الملوثة جراء الحروب في العراق: معالجات تلوث الارض لاسترجاع الحياة فيها"، صدر  في كانون الثاني 2024، الى ان الخسائر والأضرار التي لحقت بالقطاع النفطي والزراعي والصناعي جراء الحروب المتعاقبة التي شهدها العراق، قُدِرت بنحو 3.5 تريليون دينار عراقي، مع تدمير 47% من مساحات الغابات الطبيعية في البلد وتلوث 2.4 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بالألغام مما يحول دون سهولة استغلالها.   

   وشمل التقرير مناطق معينة تعرضت لأضرار الحرب في كل من محافظة بغداد والانبار وبابل وديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين. وأشار الى ان الحروب المتعاقبة كانت متميزة باستهدافها إلحاق اضرار بممتلكات البلد النفطية والصناعية. وقد سبب ذلك ليس فقط خسائر اقتصادية، بل وتلوث الهواء والأرض والتربة والمياه على نطاق واسع جدا لم يشهد له مثيل.

    وحذر البنك الدولي انه من دون إجراء أي تدخل لمعالجة هذه المشاكل فانه من المتوقع ان يكون لتلوث الأرض عواقب و آثار طويلة الأمد على سلامة وصحة و معيشة مجاميع سكانية، مع عواقب شديدة على الفئات المتضررة من أبناء المجتمع الذين يستمرون بالتواجد في هذه المواقع الملوثة لأغراض زراعية وتربية الحيوانات وانشطة محلية أخرى. ويُقدرُ تعداد هذه المجاميع السكانية المعرضة لتبعات التلوث بنحو 3 ملايين نسمة من نازحين داخليين بضمنهم نساء وعوائل تعيلها نساء وأطفال وشباب.

   وبالإضافة الى المناطق الملوثة في المحافظات التي شملها التقرير في وسط وشمالي العراق فان هناك بعض المناطق الملوثة الأخرى في جنوبي البلاد. ويتعلق الأمر أيضا بالأراضي الملوثة بالألغام والمخلفات الحربية المتفجرة[14].

 خامساً- الأستناد الى مبادئ القانون البيئي الدولي:

 يُعرفُ "القانون البيئي الدولي" بأنه:  مجموعة القواعد و مبادئ القانون الدولي العام التي تنظم نشاط الدول في مجال منع و تقليل الأضرار المختلفة، التي تنتج من مصادر مختلفة من المحيط البيئي أو خارج حدود السيادة الإقليمية.

  أحد مبادئ القانون البيئي الدولي هو مبدأ "الملوث الدافع"، والمقصود به ان الموث ملزم بتنظيف ما لوثه. ويوضح أن كل شخص تسبب نشاطه بضرر بالبيئة أو يمكن أن يسبب في إلحاق الضرر البيئة، يتحمل بمقتضاه نفقات كل تدابير تنظيف العامل المسبب للضرر والوقاية من التلوث و التقليل منه و إعادة الأماكن و بيئتها إلى حالتها الأصلية.

    وضمن القانون الدولي مبدأ التعويضات كالتزام ناتج عن ارتكاب دولة عملاَ ما غير مشروع إزاء دولة اخرى من اجل أصلاح ذلك الضرر من خلال التعويض المالي لذلك العمل اير المشروع[15].

    وهكذا، وفقاً للقانون الدولي فان إسرائيل والقوات الأمريكية وحليفاتها ملزمة بدفع تعويضات عن الأضرار التي ألحقتها ببيئة العراق وشعبه.وكان لزاماً عليها ان تسلم العراق خرائط إستخدام الأسلحة، وكذلك الألغام الأرضية والسموم التي دفنتها في الأراضي العراقية..

 سادساً- مطالبات لم تنفذ.. للعلم

لم يطالب النظام البعثي بحقوق العراق بالتعويضات بشأن قصف مفاعله النووي للأغراض السلمية رغم قرار مجلس الأمن السالف والذي إعتمده بالإجماع،والذي نص على أنه "من حق العراق الحصول على تعويضات عن الهجوم على مفاعله النووي".

    ولم تكن ذرائع النظام المقبور مقبولة، بل وظل النظام البعثي يتستر على تداعيات العدوان بذريعة أنه " لا يريد إثارة الذعر" بين المواطنين، وكأنه كان " حريصاً" على حياة وصحة ونفسية العراقيين، وهو الذي خاض الحروب الداخلية والخارجية العبثية ضمن منطلق نهج التسلط والهيمنة. والكل يعلم أنه سكت عن المطالبة بحق العراق ليغطي على عاره وجبنه وعنجهياته الفارغة.

    وإتخذت الحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد سقوطه ذات الموقف،مع الفارق كثرة الكلام الخالي من الأفعال. فلم تتجرأ ولا واحدة منها على مطالبة إسرائيل بالتعويضات لقصفها مفاعل تموز، ولا من الإدارة الأمريكية وبريطانيا وغيرها لإستخداما الأسلحة المشعة في أعوام 1991 و 1998 و 2003 و 2004،فلوثت العراق بإشعاعات تعادل أشعاعات 250 قنبلة ذرية من قنابل هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين..

لكنه جرى كلام كثير من قبل العديد من المسؤولين، وأطلقت وعود عديدة في هذا المضمار، ولم تنفذ.

   ففي عام 2005 أعلنت  د.مشكاة المؤمن وزيرة البيئة ان وزارتها  تسعى وبكل الوسائل الى رفع دعوى قضائية وجرمية على من تسبب في تلوث البيئة العراقية على مدى السنوات السابقة[16]. لكنها ليس فقط لم تف بذلك، وإنما تراجعت عن تصريحاتها بدرجة 180، معلنة أمام الجمعية الوطنية: "عدم وجود تلوث باليورانيوم المنضب في العراق"!!!.

من جهتها، وعدت وزيرة البيئة السيدة نرمين عثمان حسن بمقاضاة من لوث العراق باليورانيوم المنضب،ودعت في المنتدى الوزاري البيئي العالمي في دبي عام 2006 الى ضرورة محاسبة المتسببين للتلوث.وطالبت بإنشاء محكمة دولية لتحديد مسؤولية التلوث في العراق، من شركات وأفراد ومسؤولين محليين، الى حكومات أجنبية. ودعت الى وجوب تطبيق مبدأ" الملوث يجب ان يدفع الثمن" [17]..

وفي العام 2009أعلن عن بدء الإجراءات من جانب العراق بمطالبة اسرائيل بتعويضات عن تدمير مفاعل تموز النووي.وان الأمانة العامة لمجلس الوزراء بعثت بكتابها المرقم 1/2/100 في 25 / 11/ 2009 الى وزارة الخارجية، يتضمن موافقة رئيس الوزراء على قيام الخارجية بتحريك دعوى التعويض ضد اسرائيل.ً.

وفي عام 2010،أعلنت وزيرة حقوق الانسان المهندسة وجدان سالم بان وزارتها تستعد لرفع دعاوى قضائية الى المحكمة الجنائية لتعويض المتضررين من اليورانيوم المنضب، وقالت في ندوة نظمها "المركز العراقي للتنمية الاعلامية" أنه بعد استكمال التقارير ستقوم وزارتها برفع دعاوى في المحكمة الجنائية على الدول التي قامت بهذا الفعل وتعويض المتضررين منه [18]..

وفي عام 2014،دعا نواب من كتل مختلفة مجلس النواب والحكومة الى رفع دعوى قضائية ضد اسرائيل للحصول على تعويضات جراء قصفها مفاعل تموز النووي، وقتلها علماء وطيارين عراقيين[19].

وفي عام 2016،أعلن مجلس النواب نيته مقاضاة إسرائيل وإلزامها بدفع تعويضات مالية من جراء قصفها لمفاعل "تموز"، خاصة وأن المفاعل كان يخص عملية التنمية والتطوير في البلد[20].

وأكدت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية أن ملف قصف اسرائيل مفاعل تموز ما زال مفتوحاً حتى الآن، وأن "وزارة الخارجية تمتلك جميع حيثيات الملف [21].

    وفي عام 2021،دعا القيادي في تحالف الفتح علي حسين الفتلاوي وزارة الخارجية العراقية بالتحرك وفتح تحقيق موسع بشأن تورط الجيش الأميركي باستخدام نحو 300 طن من صواريخ اليورانيوم المنضب ضد العراق.  وان الأدلة واضحة جدا حيث انتشار الأمراض السرطانية بشكل ملفت للنظر في مناطق الوسط والجنوب إضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة التي لم يكن العراق يعرفها من قبل".ودعى الحكومة إلى "التوجه للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية الإنسانية والمحاكم الدولية لعرض جميع الحقائق والمعلومات واعترافات المسؤولين من كافة دول العالم".[22].

 للأسف، كل ما مر ذكره لم يتحقق منه شيئاً.. فهل ستفعلها حكومة السوداني ؟

 أكاديمي عراقي متقاعد، متخصص بالأضرار البيولوجية لأستخدام أسلحة اليورانيوم

 

عرض مقالات: