تباشر الدورة العادية الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة أعمالها اليوم (19 أيلول) ، وستناقش  قضايا دولية هامة وساخنة، كالتنمية المستدامة والتغيرات المناخية والصحة والمستقبل.وضمنها، يشهد مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم  20 أيلول الجاري إنعقاد "قمة الطموح المناخي"، التي تُعدُ تجمعا فريدا على صعيد الجهود الرامية لمواجهة أزمة المناخ، حيث ستجمع قادة 193 دولة، ومجموعة شركات عملاقة ذات علاقة وخبراء دوليين متحصصين بالمناخ، لإظهار الإرادة العالمية الجماعية لجعل العالم أكثر عدالة واخضرارا ونظافة للجميع، ولتجسيد طموح المجتمع الدولي وأمله ان يُحولُ زعماء العالم الوعود والأوال الأقوال إلى أفعال، ويجعلوا من القمة ركيزة سياسية أساسية للمضي قدماً في معالجة أزمة المناخ المتفاقمة، مرتكزة على ثلاثة مسارات لتسريع العمل المناخي، بما فيها الطموح، والمصداقية، والتنفيذ.

    من القضايا الكبرى المطروحة على القمة: ما هية: أفضل السبل لنقل العالم من الوقود الأحفوري المسبب للانبعاثات إلى الطاقة الخضراء والنظيفة.وقد وضع الأمين العام للأمم المتحدة "قوائم مهام" تتضمن مجموعة من الإجراءات الملموسة المطلوب اتخاذها من قبل الحكومات وقادة المال والأعمال، والتي تستند إلى أجندة تسريع العمل المناخي ودليل لخمسة إجراءات حاسمة يجب على العالم اتخاذها لتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة.

   وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "يجب أن يكون الآن هو الوقت المناسب للطموح والعمل.. أتطلع إلى الترحيب بالمحركين والفاعلين الأوائل في قمة الطموح المناخي.. العالم يراقب، والكوكب لا يقوى على الانتظار".

  يأتي هذا في وقت تبدو المؤشرات المرتبطة بالعمل المناخي خارج المسار الصحيح، أو تسير صوب الاتجاه الخاطئ. وتؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى نزوح ملايين الأشخاص، فيما يتفاقم إرتفاع درجة حرارة العالم، وتستمر حرائق الغابات الخارجة عن السيطرة في التسبب في الموت والدمار، بدءا من كندا ووصولا إلى الجزر اليونانية. وشهدنا هذه الأيام الآثار المدمرة  للفيضانات والسيول الجلرفة الناجمة عن ة عن إصار دانيال في ليبيا.

   وأكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن تغير المناخ يعد "حالة طوارئ متصاعدة في مجال الحقوق للعديد من البلدان"، ودعا إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة أزمة الكوكب العالمية.وحذر من أن تغير المناخ يدفع ملايين الناس إلى المجاعة، كما أنه يدمر الآمال والفرص والمنازل والحياة. وقال: "في الأشهر الأخيرة، أصبحت التحذيراتُ العاجلة حقائقَ قاتلة مرارا وتكرارا في جميع أنحاء العالم".

وأضاف المفوض السامي لحقوق الإنسان إن البشر ليسوا بحاجة إلى مزيد من التحذيرات، ولكنهم يحتاجون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، الآن. وتساءل "عما يمنعنا" من القيام بهذه الإجراءات.

    واستشهد تورك بالوضع في أنحاء بلدان منطقة الساحل الأفريقية، حيث يكافح معظم الناس من أجل البقاء اليومي.

    وقال إن الموارد اللازمة للبقاء على قيد الحياة، مثل الأراضي الخصبة والمياه، تتضاءل مما يؤدي إلى نشوب الصراعات بين المجتمعات. وذكر أن تدابير التكيف التي يحتاج السكان إليها بشدة مكلفة للغاية، كما أن الدعم المالي الذي وعدوا به مرارا في المؤتمرات الدولية يتدفق ببطء شديد.

    وأكد المسؤول الأممي عدم إمكانية معالجة أي من التحديات التي تواجهها هذه البلدان بمعزل عن غيرها. وأشار إلى ترابط تغير المناخ- بما في ذلك حالات الجفاف والظواهر الجوية المتطرفة ذات الصلة- والفشل في الاستثمار بشكل كاف في التعليم والرعاية الصحية والصرف الصحي والحماية الاجتماعية والعدالة وغيرها من حقوق الإنسان.

 وقال تورك إن عقود الحكم الضعيف، والافتقار إلى عملية صنع قرار شفافة وخاضعة للمساءلة هي المصادر التي ينمو عليها التطرف العنيف.

   ولم يعد سراً ان الفحم والنفط والغاز تسهم في 75% من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للإحترار العالمي، والتي لا تزال تؤجج أزمة المناخ. ويظهر العلم بوضوح أنه من أجل تجنب أسوأ آثار تغير المناخ والحفاظ على كوكب صالح للعيش، يجب أن تقتصر الزيادة في درجات الحرارة العالمية على 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.

   على أنه برغم أن الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية هائلة بالفعل، ومع تسجيل انبعاثات غازات الدفيئة العالمية مستويات قياسية، إلا ان التغيير ممكن- وفقاً للأمم المتحد، التي حذرت:. لم يعد هناك وقت.. أزمة المناخ تؤثر على جميع الناس والدول، مؤكدة ان نصف سكان العالم يعيشون بالفعل في مناطق خطرة، حيث يعتبرون أكثر عرضة بمعدل 15 مرة للوفاة بسبب التأثيرات ذات الصلة.وقد وقعت في السنوات الخمسين الماضية  70 في المائة من جميع الوفيات بسبب الكوارث الناجمة عن المناخ في 46 دولة هي من أقل البلدان نمواً في العالم.

   وكان الأمين العام للأمم المتحدة، قد أعلن في وقت سابق إن "عصر الاحتباس الحراري انتهى، وبدأ عهد الغليان الحراري العالمي. الهواء لا يمكن تنفسه، والحرارة لا تطاق، ومستوى الأرباح التي يتم جنيها من الوقود الأحفوري والتقاعس عن العمل المناخي أمر غير مقبول".

    وأضاف "يجب على القادة أن يقودوا.. لا للمزيد من التردد.. لا للمزيد من الأعذار.. لا للمزيد من الانتظار..على الجميع التحرك.. ببساطة لم يعد هناك وقت لإنتظار الآخرين!".

   ودعت الأمم المتحدة الى ضرورة تسريع العمل المناخي، مشيرة الى وجود عدد متزايد من الدول والمؤثرين والقادة الذين يكثفون جهودهم في هذا الشأن. فمنذ عام 2015، زاد عدد البلدان التي لديها استراتيجيات وطنية للحد من مخاطر الكوارث بأكثر من الضعف. كما انضم العديد منها إلى مبادرات مثل أجندة تسريع العمل المناخي التي أقرها الأمين العام. وتحدد الأجندة - التي تم إطلاقها في وقت سابق من هذا العام - المهام المطلوبة في عام 2023 من قادة الحكومات وقطاع الأعمال والمال لمنع تجاوز العتبات المناخية الخطيرة، وتحقيق العدالة لمن هم على الخطوط الأمامية في مواجهة أزمة المناخ. 

   وعبر تلك الأجندة دعا الأمين العام للأمم المتحدة الدول إلى"تسريع جهوده"، والالتزام بعدم تبني استخدامات جديدة للفحم، والتخلص التدريجي من استخدامه، والوصول إلى خط النهاية الأنظف، أي بلوغ عالم صافي، عالم انبعاثاته صفر.ويعني "صافي الانبعاثات الصفري" تحقيق التوازن بين الكربون المنبعث في الغلاف الجوي والكربون المزال منه.

   ومن المقرر ان  يقدم  قادة الحكومات أثناء القمة- وخصوصا حكومات الدول الأكثر انتاجا للانبعاثات- تقارير بشأن مدى الوفاء بالتزاماتهم حيال معاهدات تاريخية مثل اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، لحماية الكوكب.. 

   وصتقدم الدول كذلك تقارير المساهمات المحددة وطنيا والتي تتضمن أهدافاً للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ وللتكيف مع تأثيرات هذا التغير، وتعهدات للصندوق الأخضر للمناخ، الذي يدعم البلدان النامية المتضررة لتعزيز وتنفيذ خطط عملها لخفض الانبعاثات وبناء قدراتها على الصمود.

   ويُطلب خلال القمة من كافة الدول الأكثر إنتاجاً للانبعاثات، وخاصة حكومات مجموعة العشرين، الالتزام بتقديم مساهمات أكثر طموحاً على صعيد الاقتصاد محددة على المستوى الوطني بحلول عام 2025.

 

لقد فشلت لحد الآن الجهود الدولية في مكافحة التغيرات المناخية، وتتحمل مسؤولية ذلك بالأساس  الدول الأكثر تلوثاً بالإنبعاثات الغازية المسببة للإحترار العالمي.. الأساسية فهل ستستجيب حكوماتها لهذه المطالب المشروعة ؟. ولعل الأهم: هل ستنفذ الأتفاقات والقرارات الأممية ؟

 

 

عرض مقالات: