زُعم بأن الهدف من اجتماع التحاور الذي تم في القصر الرئاسي بين بعض الاطراف المعنية، البحث عن تفكيك الازمة وايجاد حل لها. غير انه لم يجر حواراً، انما تكلم الحضور همساً فيما بينهم كطرف واحد، بغياب الطرف الاساسي رافع نقطة النظام { التيار الصدري } على مجريات الخراب الحاصل في البلد من جراء تمسك الفاشلين بمكتسباتهم من السحت الحرام الخرافية. مما يمكن نعته بمنهج اللامنهج واللادولة بل الدولة العميقة.. كما استمر مشهد الحضور يتسم بتكرار صدى ما سُمع من نوايا لحل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة. غير ان الحوار ظل يدور في متاهة ما يتمناه البعض من المتحاورين. حيث جرت الهرولة لتشكيل حكومة، الذي يحسبونه الحل الوحيد الذي يضمن مصالحهم ويحميهم من طائلة القانون وغضب الناس . سيما وان ثمة شارع ملتهب بدرجة حرارة غلبت قيظ صيفنا اللاهب.

سمعنا من الموروث الشعبي العراقي بان شهري تموز، و آب، غالباً ما يطلق عليهما صفة " منضجين التمور والاعناب " بمعنى حلول زمن جني الثمار. غير أن هذا العشم بنزول الخيرات المادية الذي تداول عبر الاجيال بات حاوياً للكوارث في عراق اليوم، وتزامن ذلك مع تغير مناخي لم يسبق له مثيل، حيث جفت مياه الانهر والاهوار وجفت معها الحناجرالتي تنادي بتدارك عواقب ذلك ولا مجيب. الا ان الهم السياسي قد طغى على سواه بل وساد عليه الاستنفار التناحري الذي من شأنه ان يعمي البصيرة قبل البصر، وقد تجلى في مجريات حوار القصر. وجعل الحضور يتناولون ليس حلول الازمة وانما ينشدون حلول" السكينة الملغومة" ليس الا.. متناسين غلو الفساد والفاسدين الذين ارغمت جرائمهم وزير المالية على الاستقالة. ناهيك عن حياة الناس المنهكة بمستويات انحطاط نادرة في كافة مناحيها.

من مشاهد الخروج على نص الحل المفترض، ذلك الذي تجلى بتعكز الطرف المتشبث في المنهج الفاشل باسبقية تشكيل حكومة، قبل حل البرلمان. متناسين بأن تشكيل الحكومة وفق النص الدستوري لن يتم الا من خلال برلمان غير مثلوم، او مشكوك بدستوريته، وجوب حضور صاحب الكتلة الاكثر عدداً "الفائز الاول" في الانتخابات .. وبما ان البرلمان الحالي قد فقد شرعيته حينما انسحب ربع نوابه وهم الممثلون للفائز الاول، الذي يحق له وليس لغيره حق تشكيل الحكومة. هذا وحدث بلا حرج عن فقدان الثقة المتبادلة التي اججها مؤخراً التهديد بسحق الطرف المعارض بعد تشكيل الحكومة. بمعنى ان الاستقطاب وصل الى حد الحياة او موت..

ولابد من ذكر خلو اجتماع القصر من الممثل الشرعي للفقراء والجموع الغفيرة الرافضة للنظام السياسي الحالي. المعنية اكثر من غيرها في الحل والمترقبة المتلهفة للخلاص الشامل. والمتمثلة بقوى التغيير الوطنية.. مما أعطى سمة لمخرجات الاجتماع بخلوها من اي مضمون حل يذكر. حيث تأطر بالفشل التام. الامر الذي يمكن وصفه بحوار الطرشان. لان معظم الحضور كان يدرك بأن تشكيل الحكومة بتجاهل التيار الصدري ومعه قوى التغيير الوطنية عموما سيشكل قطعاً لانفاس العملية السياسية بالمطلق. بيد انهم قد ركبوا رؤسهم ومضوا متجاهلين ذلك. وما يليه من كوارث، وحينئذ لن يصفى سوى انعدام وجود دولة اسمها العراق. بفعل ما سيترتب عليه من تناحرات خطيرة للغاية. اذ ان كل شخص منهم لا مفر له من تحمل هذه المسؤولية التاريخية. اما المتشددون فهم وحدهم قد صاروا كاشفين بشراسة عداوتهم للشعب وطموحه بحياة كريمة ودولة مدنية ديمقراطية قاعدتها المواطنة ومنهجها العدالة الاجتماعية.

 

عرض مقالات: