هي الانتخابات الثانية بعد هزيمة داعش العسكرية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي والخامسة في تاريخ الانتخابات التشريعية البرلمانية، وهي انتخابات مبكرة جاءت بعد احتجاجات ومظاهرات واعتصامات قبل وبعد انتفاضة تشرين، الانتفاضة التي شهدت حوالي أكثر 600 شهيد و30 الف جريح ومصاب بضمنهم البعض من القوات الأمنية والاغتيالات قامت بها ميليشيات مسلحة طائفية تابعة لجهات خارجية وبدعم من قوى سياسية دينية متنفذة، جميع التوقعات الواقعية  أشارت إن النتائج المرتقبة من الانتخابات ستكون ضعيفة وضعيفة جداً وهذا ما حصل فعلاً وليس قولاً، إلا أن المفوضية العليا للانتخابات ركبت رأسها وأعلنت نسبة المشاركين( 41% ) أي ساهم حسب اعلان  المفوضية ( 9 ملايين و 770000 ألف من مجموع 25 مليون يحق لهم التصويت) والمقاطعة بلغت( 59% وهي نسبة عالية وهناك شكوك حول كيفية  احتساب هذه النسبة حسب حسابات مفوضية الانتخابات لأن النسبة الحقيقية من خلال رقم المشاركين لا تزيد عن ( 36%) ) وهذا جعل المتابعين للعملية الاعتقاد أن الأمور لم تجر كما اظهرتها وسائل الإعلام التابعة وتخالف التحليلات والاستنتاجات التي كشفت ضعف المشاركة وليس كما أدعت مفوضية الانتخابات وهو دليل فوضى، ان المقاطعة الكبيرة والتسريبات تناقض ارقام المشاركة حيث أعلن أن المفوضية اشارت إن نسبة المقاطعين للانتخابات تجاوزت ال( 67% ) حسب نتائج أولية في العاصمة بغداد ( و59% ) في عموم المحافظات العراقية ، النتائج التي نشرت وإعلان المفوضية العليا للانتخابات لم ترض الفصائل الطائفية الشيعية المسلحة ولا البعض من القوى المتنفذة التي خسرت الرهان على الرغم من أن السلطة ظلت بيد القوى الشيعية المتنفذة لكن نسب المقاعد اختلفت مما أزعل البعض، ولهذا أعلن إن فصائل المقاومة" لا نعرف معنى المقاومة في هذا المضمار ومن هو الهدف !!" ان هذه الفصائل تقترب من " إعلان حالة الطوارئ بسبب نتائج الانتخابات"، وذكر مراسل "RT" خبراً مفاده "أن اجتماعا يعقد حاليا لأحزاب شيعية وفصائل "المقاومة!!" قد يشهد إعلانا خلال الساعات المقبلة عن "حالة الطوارئ!"  احتجاجا على نتائج الانتخابات، وأُكد "أن هذه الأطراف المجتمعة ستطلب فرز صناديق الاقتراع يدويا"، لم نستغربْ ولن نستبعدْ ما ادام السلاح المنفلت بيد أيدي منفلته وما دام البعض يستهتر بالدولة، وهذا ما توقعناه عندما قلنا أن الانتخابات المبكرة يجب ان تكون وفق معايير ديمقراطية واضحة تبدأ من،  قانون انتخابي عادل وليس لخدمة القوى المتنفذة التي تتصارع لحد إشهار السلاح، ومفوضية مستقلة فعلاً عن تأثيرات القوى صاحبة المال والقرار، وقانون أحزاب واضح كي يفهم المواطن من أين هذه الأموال ومصادر السلاح، لكن عدم الاستماع والاستمرار في اجراء الانتخابات لمجرد الادعاء إنها مطلب قوى انتفاضة تشرين فتلك الطامة الكبرى بما سيحدث أو   ما يجري، وقد اوضحها رئيس تحالف الفتح هادي العامري في تعليقه على نتائج الانتخابات بقوله  أنهم حوصروا لأنهم "فريق علي بن ابي طالب والحسين ع ليصبحا الامامين شماعة لكل من تسول نفسه فيضع معطفه عليها " ، وبدورنا نسأل..

ــــــ من هو الفريق الذي حاصرهم ؟ وأصر هادي العامري بالقول " لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن "، طبعاً بدون شك والتباس إن التهديد بالسلاح وإعلان الطوارئ هي الحرب الثمن الذي قصده السيد هادي العامري وهو لم يبق  وحده في إطار الرفض للنتائج فهناك التجمع أو التحالف الشيعي المكون من تحالف الفتح، ودولة القانون، وكتائب حزب الله، وعصائب اهل الحق وقد توجد فصائل أخرى منظمة للحشد الشعبي أو خارجه متهيئة ويدها على الزناد والمواطن البريء هو الضحية ليقع بين كماشة الميليشيات الطائفية وداعش الإرهاب ،ونتائج الانتخابات والمقاطعة الجماهيرية الواسعة. وهناك شرط للتهدئة رأس الانتخابات وتعديلها لصالحهم وسنرى!

منذ البداية أشرنا إلى  القوى التي تتمسك بالسلاح  للهيمنة على السلطة وآلياتها المعروفة، هذه الفصائل المسلحة تُعتبر أدوات إرهاب للمواطن بسبب الوضع الأمني المنفلت، وتكرار الاستعراضات العسكرية في البعض من مناطق بغداد ومحاصرة المنطقة الخضراء والتهديدات المستمرة وعمليات الخطف والاغتيال واستخدام  العنف غير المبرر ضد المنتفضين السلميين قبل واثناء انتفاضة تشرين، واشتركت في هذه الاستعراضات العسكرية المسلحة أكثرية ميليشيات القوى المتنفذة  بما فيها التيار الصدري الذي يملك جيشاً جراراً ومع ذلك فالسيد مقتدى الصدر طالب في خطابه بعد الانتخابات " أن يكون السلاح بيد الدولة!"،  وهذا يفرح المواطنين التواقين للسلام والتخلص من العنف والفساد، وبخاصة إذا بدأ بسرايا السلام ( جيش المهدي)  كي يكون مثالاً يحتذى به ووفق ما جاء في خطابه الأخير، نقول إن قرار تجميد البعض من سرايا السلام الذي نشر في ( بغداد – ناس) 13 / 10 / 2021 ، في ديالى وبابل خطوة جيدة إلا أن القرار كان من الأفضل أن يشمل جميع محافظات العراق وليس التجميد فحسب بل حل السرايا وتسليم الأسلحة للدولة  وسيكون عملاً رادعاً على الأقل ضد التهديدات التي تقوم بها البعض من الفصائل المسلحة، مثلما أعلنت عصائب الحق على لسان سعد السعدي عضو المكتب السياسي للحركة في 13 / 10 / 2021 " ليس لدى المفوضية والحكومة خيار سوى تصحيح المسار وإلا سيدخل البلد في نفق مظلم ومشاكل لا يحمد عقباها" وهنا العاقل يدرك أي نفق مظلم ينتظر البلاد والعباد وما هو الامر الذي لا يحمد عقباه؟ ، وتلوح في الأفق أزمة حول نتائج الانتخابات وهي أزمة خطيرة ومن أخطر الازمات الانتخابية السابقة وسوف نقرأ على تشكيل الحكومة الجديدة سورة الفاتحة ولا سيما ونحن نستقبل في كل ساعة تغيير نتائج الانتخابات وتصريحات مختلفة بين المفوضية والذين لم تلب النتائج طموحاتهم بالفوز أو بسبب قلة المقاعد البرلمانية وهكذا دواليك.. وعلى ما يظهر إن إجراءات المفوضية العليا الجديدة والمتقلبة تزامنت مع تهديدات علنية بدون أي خشية أو خوف من ميليشيات وفصائل مسلحة وكذلك أحزاب قيل عنها أنها حليفة لإيران التي صدمت من النتائج الأولية وفقدت الصبر خوفاً من ضياع السلطة واعتبروها مؤامرة على " الحشد الشعبي وبعض القوى المتنفذة" وبهذا الصدد قال احمد الاسدي المتحدث باسم تحالف الفتح " إنهم يرفضون النتائج ولن يتعاملوا معها، مبينا أنها "ستتغير حتما" للعلم نحن على يقين من ذلك!!" ثم أن هناك العديد من التهديدات الأخرى لا تختلف عن تهديدات تحالف الفتح البعض أنذر المفوضية بالويل والثبور وطالب جماعته بحمل السلاح مما جعل الكثير من المصادر السياسية العراقية المطلعة على التهديدات إلى الإعلان يوم الثلاثاء 12 / 10 / 2021 ونشرها " ( العربي الجديد ) إن "مفوضية الانتخابات تتعرض لضغوط كبيرة من قبل قوى سياسية حليفة لطهران حققت أرقاماً ضعيفة في الانتخابات البرلمانية"

لم نكن غير موضوعيين في استنتاجاتنا ولا في رؤيتنا للأوضاع السياسية وما نتج من تجارب خلال الأعوام السابقة بخصوص الانتخابات التشريعية وغير الانتخابات ، بل كنا وما زلنا واعين لجوهر الازمة العامة التي تخيم على البلاد ولهذا أكدنا أن الانتخابات يجب أن تجري وفق قواعد وقرارات صحيحة واشرنا لها ونعيد للفائدة  ــــــــ قانون الانتخابات العادل ومفوضية مستقلة فعلا وقولاً، وقانون أحزاب واضح، إنهاء المحاصصة، تقديم المجرمين القتلة لشهداء الانتفاضة وغيرهم، حصر السلاح بيد الدولة ومنع التدخلات الخارجية في شؤون العراق، الالتزام بانتقال السلطة سلمياً وديمقراطياً وليس تحت تهديد سلاح الميليشيات والدعم الخارجي  والأموال التي لا يعرف من أين مصادرها؟..  ونسأل عندما يطالب البعض اخراج القوات الامريكية والمتحالفة ونحن معه " قلباً وقالباً"

ــــــ لماذا لا يَستفسر عن ماذا يفعل قائد فيلق القدس الإيراني في بغداد، وما مشكلة كوثراني المسؤول عن ملف العراق في حزب الله اللبناني ؟ نريد جواباً حتى نثق بهم!

إن ما أذيع عن نتائج الانتخابات وما رافقها من أخطاء وبانتظار النتائج النهائية، واعتراضات وتهديدات عبارة عن حلقة في سلسلة الازمة والتسلط وهذه نتيجة لأسباب ذكرناها، وأكدنا إذا لم تعالج الأسباب وفق منظور وطني ديمقراطي لا يمكن التخلص من الأزمة والفوضى والتهديد بالسلاح بما فيه خطر قيام الحرب الاهلية، وإن من يقول لا يمكن أن تقوم الحرب الأهلية نقول له هل شاهدت الاستعراضات العسكرية للميليشيات الطائفية في بغداد؟ وهل شاهدتها ومقراتها المنتشرة في المحافظات؟ وهل شاهدت الأسلحة بكل أنواعها الخفيفة والثقيلة والمدرعات خارج سيطرة الدولة ؟ وهل يعتقد البعض أن كلمة واحدة لا تشعل حرب لا تبقي ولا تذر!، وللعالم تجارب قاسية في هذا المضمار، الحرب قاب قوسين إذا لم يتم تدارك الأمور وفق فطنة أهل الرأي الوطنيين الحريصين على مصير البلاد، وكثير من الحروب بدأت بتصريح او تهديد عادي او كلمة ازعجت المتربص..

عرض مقالات: