في الدنمارك لي صديق من الإخوة العرب، نديمٌ كومفورتبل(مريح)، يحتسي صهباء أبي نؤاس مع ثرثرة أقاصيص الحب فيعطي الجلسة نكهتها بسحر السعادة والانتشاء. يرغمني أن أغني غناءاً حزيناً متجذراً في النفس العراقية فكنت أشدو لهُ بصوتٍ رديء أغنية للمطربة (غزلان) سمعتها ذات يوم وهي تغني على مسرح الزيونة في بغداد من إخراج المرحوم الدكتور ناجي كاشي وتمثيل الفنان القدير فيصل جابر ( أوصيكْ بيّ لو متت / بين الضلوع إدفنّي / ماريد غيرك بالغسِل / بدموعك إتغسلني/ بيدك تحل ليّ الكفن / تنيمني وتحبني / مسموح الك ذاك الوكت / تعاشرْ وليف بدالي/ صدكَني مودايم إلك / باچر وشد رحالي) . أما هو فيغني بصوت رخيم رائعة من أشجان الغربة والإغتراب عن الأوطان للمطرب اللبناني وديع الصافي وتلحين العراقي سمير بغدادي ( على الله تعود على الله/ يضايع في ديار الله / من بعدك إنت ياغالي / مالي أحباب غير الله / يللّي مرمرت زماني /كإنك بطلت تهواني / وترجع يحبيبي من ثاني /وعلى الله تعووووووود على الله) ثم يصيّر لسانه كما آلة العود وينهي أغنيته .. ترن ترن رنرن رن . ومع صعود ماء أبي مرّة في شآبيب الرأس يبكي صديقي العربي لشدة مأساة العرب . ذات يوم صُدمت حين التقينا وإذا به لا يحتسي الخمر بل الحشيشة والمخدرات فقلت له هذا غريب يا صديقي فأين زجاجات خمرك؟  قال لي ابتداءً من اليوم أنا لاأتعاطى الخمر بل الحشيشة وماشابه. قلت لماذا فقال: أن الخمرة حرام بنصٍ قرآني لا لبس فيه، أما المخدرات فلم تذكر بشي في قرآننا الكريم. قلتُ ياسلام: أما تخشى على صحتك وإنهيار عقلك وأخلاقك، قال: لا يهمني شيء غير أنني أتجنب الحرام الذي يترافق مع الخمر. عندها فهمت لماذا تتاجر حركة طالبان الإسلامية المتطرفة بالمخدرات، لأنها تعتبر حلالا ً أما ألخمر فحرام الى يوم الدينونة. ولذلك قبل يومين حصل شجار وقتال بين عشائر الجنوب العراقي على تجارة المخدرات، بإعتبارها تجارة مربحة وحلالٌ ليس كما الخمور. فما الذي ينتظره العراقيون من دمارٍ وخراب تحت يافطات تجعل العقل مترنحا في كشف الصواب عن الخطأ. فما على الشبيبة العراقية غير أن تنتبه لمخاطر المخدرات وأن تداوي الروح بما حرّمته اليوم سياسة الكهنوت العراقية وبما قالهُ مظفر النواب (مادام هنالكَ ليلٌ ذئبٌ/ فالخمرة مأواي/ سأسكر فالعالمُ مملوءٌ بالليل)

عرض مقالات: