قسم التحقيقات

لحم مستورد سعره رخيص، ولونه مغر، وماركاته تشير الى أنه "صحي ومغذي"، فيقبل عليه الناس، خصوصا من الشرائح الفقيرة، دون أن تعي أن رخص سعر هذه اللحوم يخبئ في طياته مخاطر لا تحصى، غالبيتها تتجه الى الاصابة بأمراض خبيثة، لكن الفقراء يتناولون تلك اللحوم ويرددون: "خليهه على الله"!

في شوارع العاصمة بغداد وعبر مكبّر صوتٍ ينادي البائع على بضاعته من اللحوم الحمراء والبيضاء المستوردة، معلناً عن أسعار يسيل لها لعابُ الكثير من الناس الذين يتبعون مصدر الصوت، معاينين أشكال اللحوم وأنواع المشويات التي يصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى سعر ربع كيلو من اللحوم المحلية، لكنَّ هذا الجرس لن يُدقّ في آذان الفقراء والبسطاء من الناس، اللاهثين وراء توفير قوت يومهم والذي  يخلو حتماً من اللحوم الحمراء المحلية.

تلاعب في تاريخ الانتاج

تدخل العراق كميات كبيرة من اللحوم من دول عربية وأجنبية عبر منافذ العراق الحدودية، ولا تخضع هذه المواد في معظم الأحيان، إلى فحص يؤكد صلاحيتها للاستخدام البشري.

وبحسب أحد باعة اللحوم المستوردة فإن هناك أنواعاً عدّة من اللحوم المستوردة ومن شتى المناشئ الهندية والاسترالية والأوربية، منها ما هو جيد وآخر رديء، وربما منتهي الصلاحية، لكن للأسف، بعض التجار من ضعاف النفوس، يعمدون الى تغيير التاريخ والمناشئ ويتم عرضها بسعر مغر.

وسبق وأن كشفت لجنة الصحة والبيئة النيابية، عن أن أغلب اللحوم المستوردة هي غير صحية ويتم استبدال مناشئها بمناشئ أخرى وجلبها الى العراق، محذرةً من استخدام تلك اللحوم للاستهلاك البشري، فيما دعت المؤسسات الرقابية وجهاز التقييس والسيطرة النوعية الى تفعيل دورها بشأن هذه القضية.

وأضافت في بيان صحفي، إنه لا بد من وجود مفردة الأمن الصحي وتطبيقها لحماية وسلامة المواطنين من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك البشري، داعيةً المؤسسات الرقابية الصحية وجهاز التقييس والسيطرة النوعية الى “تفعيل دورها بشأن استيراد هذه اللحوم”. لافتة الى: أن اغلب التقارير المعنية تشير الى وجود خطر يهدد حياة المواطن نتيجة تناول تلك اللحوم، ولابد من اتخاذ تدابير بشأن السيطرة على تدفقها بشكل غير طبيعي على البلد.

تحذيراااات!

تتزايد التحذيرات من خطورة اللحم الهندي المنتشر في المطاعم التي تنتج الكباب وباقي المأكولات وسط غياب تام للرقابة الصحية بينما يتعرض الشعب العراقي الى موت بطيء من خلال اللحم الهندي الذي يستورد من دول موبوءة بالأمراض، مع معرفة الجهات المختصة بهذه المخاطر، ولكن لم تتخذ أي إجراء بخصوص المواد الغذائية المستوردة.

ولكن تبقى هذه التحذيرات بعيدة عن مقتني هذه اللحوم من الفقراء الذين يُصابون بشتى أنواع الأمراض، ومنهم الشاب "سلام"، الذي أغراه سعر طبق من الكباب شهي المنظر، لكنه كاد يودي بحياته وحياة والدته، لولا اتخاذ الإجراءات الصحية لهما، ورغم هذا أصيب بالتهاب القولون المزمن. فيما تعرض شاب آخر الى حالة تسمّم حادة، جراء تناوله أحد أنواع اللحوم المستوردة التي وجد سعرها ملائماً قياساً بسعر اللحوم المحلية، تسبّبت له بتهيّج معوي حاد وتحسّس من اللحوم الحمراء.

ويبدو أن أسعار اللحوم الحمراء العراقية ارتفعت  الى مستويات لا تتناسب وامكانات الأسر الفقيرة فاتجهت الانظار الى استهلاك اللحوم الحمراء المستوردة التي تعج الاسواق المحلية بها ومن مختلف المناشئ، ولم يقتصر هذا الامر على هذه العائلات بل تعداه الى العديد من المطاعم التي تضع في حساباتها تحقيق الربح بغض النظر عن نوع الطعام ومنشأ اللحوم المقدمة للمواطنين.

ويعزو القصاب أبو سعد سبب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء العراقية، إلى قلّة أعداد الأبقار والأغنام التي تصل ساحات البيع المنتشرة في العاصمة، إضافة الى نوعية لحومها الممتازة والمشهورة في المنطقة، الأمر الذي جعلها عرضةً للتهريب الذي عدّه من أسباب ارتفاع سعرها أيضاً.

جرس السرطان

الكثير من اللحوم المستوردة المتوفرة في السوق المحلية والرخيصة الثمن والذي يدخل في كل المطاعم العراقية من كص وكباب وكبة وهمبرغر ومعظم الاكلات الشائعة هو لحم يقتل ببطء لأنه ثبت بانه ملوث ببقايا مبيدات الكلور العضوية ومن المعروف بانه عند بلوغ تركيز معين من هذه المادة في الجسم فانه ينشط الخلايا السرطانية وهذا ما يفسر ازدياد المصابين بهذا المرض بالسنوات العشر الاخيرة بشكل كبير بين العراقيين.

ويقول "أبو علي" صاحب محال لبيع اللحوم الحمراء المستوردة: "خلال الفترة الماضية ارتفعت اسعار اللحوم الحمراء المحلية لدى القصابين في محلات البيع مما دفع المواطن الى شراء اللحوم الحمراء المستوردة كاللحم الهندي لان اسعاره تتناسب وامكانات العوائل الفقيرة حيث وصل سعر 950 غرام مثروم "1500" دينار وكذلك سعر لحم شرح هندي عبوة 850 غرام بـثلاثة الاف دينار وهذه الاسعار تناسب العوائل التي دخلها محدود".

وأضاف: "وبالنظر لارتفاع اسعار اللحوم المحلية ازداد الطلب على اللحوم الحمراء المستوردة وخاصة أصحاب المطاعم الذين يستخدمون لحوم الشرح المستوردة ويمزجونها مع لية الغنم العراقي المحلي ويعدونه  بشكل جيد بحيث لا يؤثر على طعم الكباب اثناء الشوي  على النار، كما ان اصحاب مطاعم الكص يستخدمون هذه اللحوم في اعداد الكص الذي يقدمونه الى زبائن مطاعمهم، كما تقدم مطاعم الكبة على استخدام حشوة طعامها من هذه اللحوم الحمراء المستوردة حيث يتم خلط اللحم المثروم مع اللحم الشرح المستورد مع قليل من لحم العجل العراقي مشيرا الى ان اسعار اللحوم الحمراء المستوردة المناسبة شجعت على استخدامها في مجالات عدة ومنها على نطاق العائلة والمجال التجاري.

اقبال على المطاعم

يرى "الحاج نجم"، صاحب مطعم ان قلة اقبال الزبائن على المطاعم التي تستخدم اللحوم العراقية بأنواعها هو بسبب ارتفاع اسعار وجباتها الامر الذي دفع الكثير من اصحاب هذه المطاعم الى البحث عن البدائل وهو الاتجاه نحو اللحوم الحمراء المستوردة التي تؤمن تقديم المأكولات الى الزبائن بأسعار تتناسب وامكاناتهم المادية لان اسعار اللحوم المحلية مرتفعة لا تخدم اصحاب المطاعم وبالتالي تؤدي الى هجرة الزبائن.

ويقول الطبيب البيطري معن نجم: "ان اهم عامل من عوامل ارتفاع اسعار اللحوم العراقية هو تزايد عمليات التهريب في العراق وهذا بدوره اثر سلبا على ارتفاعها ويجب على الحكومة العراقية ان تفعل دور السيطرة النوعية لتقليل من عمليات التهريب".

لا تصلح للاستهلاك الآدمي

أصبحت اللحوم في العراق أحد مصادر الخوف من الإصابة بالأمراض والموت، مع تناقل الأخبار عن ضبط جهات حكومية لحوما فاسدة، ونشر بعضها على مواقع التواصل الاجتماعي تحذر من مخاطرها. وإن كانت اللحوم العراقية الأكثر تفضيلاً لدى العراقيين، إلا أنها ليست بمتناول الجميع لارتفاع ثمنها، ما فتح المجال واسعاً أمام دخول اللحوم المستوردة لسد حاجة شريحة كبيرة من المواطنين، خصوصا الفقراء وقليلي الدخل.

مواقع التواصل الاجتماعي عجت في الأيام القليلة الماضية بأخبار عن دخول لحوم مستوردة هندية المنشأ، لم يعهدها العراقيون على موائدهم من قبل. وعدّدت أسباب دخولها رغم الرقابة المختصة، ومنها الفساد الإداري المستشري في العراق.

وأكد عراقيون أنهم لا يستطيعون تكذيب ما ينشر على مواقع التواصل لأن "الفساد الذي ينخر الدولة، يدفعنا إلى تصديق أي إشاعة".

 وتقول أم عادل، ربة بيت وتشتري اللحوم من مكان ذبح الماشية في "الجوبة" غربي العاصمة بغداد ان: "الكثير من الناس يفضلون شراء اللحوم من الجوبة، نشاهد الخروف قبل وأثناء ذبحه، نتأكد أن صحته جيدة، ونختار ما يعجبنا منه. لا أستطيع المجازفة بشراء اللحوم المستوردة التي قد تكون فاسدة".

ويبدو أن دخول لحوم فاسدة إلى البلاد بات أمرا واردا. وأكد مختصون داخل دوائر صحية أن حالات تسمم، وأمراض تحصل باستمرار بسبب اللحوم المستوردة، إلى جانب مواد غذائية أخرى مستوردة، منها المعلبات والألبان وأنواع من الحلويات والمرطبات وغيرها.

ويوضح أحد المحللين في مختبر حكومي للتحليلات المرضية، أن "تحذيراتنا بأن بعض المواد الغذائية لا تصلح للاستهلاك الآدمي أخذت بعين الاعتبار واتخذت إجراءات رادعة بحق المستوردين، لكن اللحوم التي حللنا عينات منها، وقلنا بفسادها ما زالت موجودة ومتداولة في الأسواق".

وأضاف أن "بعض اللحوم فسد بسبب سوء الخزن، وبعضها أكدت التحاليل إصابتها بأمراض".

لحم قاتل            

تحذيرات طبية بالجملة من استخدام اللحم الهندي المستورد لما له من اضرار صحية كبيرة، حيث انه ملوث ببقايا مبيدات الكلور العضوية. ومن المعروف انه عند بلوغ تركيز معين من هذه المادة في الجسم فانه ينشط الخلايا السرطانية، وهذا ما يفسر ازدياد المصابين بهذا المرض في السنوات العشر الاخيرة بشكل كبير بين العراقيين، حسب مراقبين.

الشعب العراقي، وبدون ان يعلم، يتعرض الى عملية اعدام جماعي هو وعائلته من خلال اللحم الهندي، الذي تسمح الدولة باستيراده من الدول الموبوءة عالميا، رغم علم المؤسسات المعنية، بحجة توفير اللحوم بأسعار مناسبه للمواطن,

ان موضوع استيراد اللحوم وتداولها في الاسواق العراقية يقع في إطار اغلب المنتجات الاستهلاكية التي دخلت الى البلد بصورة عشوائية والتي أثرت تأثيرا مباشرا في اقتصاده حيث التقصير يقع على دائرة التقييس والسيطرة النوعية وهي الحد الفاصل الذي يبت بجودة تلك اللحوم من عدمها.

والملاحظ ان انفتاح الحدود وانعدام الضرائب ساهم في تغيير الكثير من مسارات التجارة للشركات بحيث اصبحت اغلبها تستورد لحوما لكثرة ارباحها حيث تزداد الارباح أضعافا.

ويرى أحد التجار ان بعض التجار يؤكدون على الربحية من خلال الاتفاق المسبق بين التاجر العراقي والشركات المعنية في ذلك البلد وهو الذي يعطيهم المواصفات أثناء التفاوض مع الشركات على الاسعار.

 تصحر المراعي

العراق والى عهد ليس بالبعيد من الدول المصدرة للثروة الحيوانية، وتكاد تكون الدولة الاولى من حيث تزايد الطلب على لحومها لنكهتها المتميزة كما يقول أحد الخبراء الزراعيين، الذي بين انه حتى يومنا هذا هناك عمليات تهريب للمواشي العراقية الى الدول المجاورة، مضيفا ان احصائيات المنظمات العربية للتنمية تؤكد تناقص تلك الثروة في العراق ولعدة اسباب منها،  شحة الموارد المائية التي ادت الى تصحر اغلب المراعي في البلاد نتيجة للجفاف الحاصل وترك اغلب مربي المواشي اعمالهم اما لا سباب امنية او بيئية، فضلا عن ظاهرة التهريب التي تواكبها حالة من الاستيراد العشوائي لمواش لا تتناسب مع القيمة الغذائية للحومنا بحسب قول رشيد، الذي اضاف قائلا: ان اغلب المستورد معد سلفا للتصدير بعد تسمينه باعلاف صناعية او حقنه بابر لغرض خداع المستهلك، لذلك تجده عصيا على الطبخ ورائحته غير طيبة على العكس من نكهة اللحوم العراقية".

وأضاف: "ان اعداد الاغنام العراقية في الوقت الحاضر ونتيجة لاجتياح الارهاب مناطق مشهورة بتربيتها لا تتجاوز اصابع اليد من الملايين، في حين ان اعدادها في السابق كما هو مسجل في احصائيات وزارة الزراعة تتجاوز الـ "17" مليون رأس غنم تقريبا".

وتابع ان الخلاص والقضاء على هذا الأمر هو بمنع الاستيراد العشوائي والسيطرة عليه من قبل لجان مكلفة من الوزارات والدوائر المعنية، والدفع باتجاه انشاء محميات ومزارع كبيرة للمواشي العراقية في جميع المدن وتكون اما مدعومة من قبل الدولة او بتبنيها هي لهذا الامر او اعطائها كمشاريع استثمارية لشركات رصينة ومتخصصة، وبذلك نكون قد حافظنا على ثروتنا الحيوانية وجعلناها منافسا كبيرا للمستورد الذي بدأ يتحكم بأسواقنا المحلية على الرغم من رداءة المنتج على حد وصفه، موضحا ان جميع المناشئ التي تأتينا منها تلك المواشي تكون اغلبها اما مريضة اصلا او يصيبها المرض اثناء عملية الشحن، وللأسف والكلام للخبير الزراعي لا توجد لجان متخصصة لفحصها عند منافذنا الحدودية، او إنها تدخل البلاد عبر منافذ غير حكومية تم استحداثها من قبل مافيات اتقنوا اللعبة ويديمون عملية الربح السريع حتى لو كان الامر غير شرعي، وهذا ما جعل السوق العراقية غارقة بأنواع اللحوم الهندية والبرازيلية ومن دول شرق اوروبا والعديد من الدول العربية مثل مصر والسودان ودول فقيرة اخرى لا تعطي للجانب الصحي اهمية خاصة في عملية التصدير والخزن والشحن، مشددا على ضرورة السيطرة على التوازن  بين منتجنا المحلي والمستورد.

وتقول أم وسن، مدرسة انها استغرقت ما يقارب الساعة والنصف في طهو كيلو لحم  الغنم الذي اشترته بسعر عشرة آلاف دينار، في حين والكلام له انها لم تستغرق غير ثلاثين دقيقة وعلى نار هادئة بطهو كيلو لحم الغنم العراقي الخالص الذي اشترته بسعر "16" ألف دينار، مضيفا انه فضلا عن سرعة طهوه فهناك الرائحة غير المستساغة التي تنتشر في المطبخ اثناء طهو الاول، في حين ان رائحة ونكهة الثاني الشهية تصل حتى الى سابع جار على حد قولها، مبينة ان الامر الاهم هو القيمة الغذائية النادرة للحوم العراقية التي مصدرها الغذاء الطبيعي بعيدا عن العلف الصناعي.

أسعار المستورد زهيدة

ويرى أحد مربي الماشية: "ان السبب في ما يجري هو موافقة وزارة الزراعة على منح بعض التجار تخويلا باستيراد المواشي من خارج العراق ، وهذا ما يجعلنا في قلق دائم على مستقبل تربية المواشي في البلاد، موضحا ان المستورد تكون اسعاره زهيدة اذا ما قورن بالمواشي العراقية ، مبينا ان سعر البقرة المستوردة يبلغ "500" ألف دينار عراقي، في حين ان ادنى سعر للبقرة العراقية لا يقل عن مليون ونصف المليون دينار عراقي، وهذا يعني ان سعرها هو ثلاثة اضعاف المستورد، وبالتالي يكون الاقبال عليها اكثر من الاقبال على المحلي، وهذا نوع من أنواع القضاء على ثروة محلية مهمة سواء بقصد او من دونه، كما ان السبب في الاختلاف الكبير بالأسعار كون جميع المواشي المستوردة مدعومة من قبل حكومات بلدانها، ما يجعل مربي المواشي يصدروها بأبخس الاثمان، لكونه ضامنا للربح مسبقا، بينما في العراق لا يوجد اي دعم حكومي للمربين، ومع قلة المراعي وتصحر اغلب الاراضي الخضراء نضطر الى شراء الاعلاف وبأسعار عالية، فضلا عن اللقاحات وغيرها من مستلزمات تربية المواشي،  وهذا ما يجعل مواشينا باهظة الثمن اذا ما قورنت بالمستوردة، مؤكدا ان هناك عمليات تهريب لمواشينا الى خارج البلد ايضا اسهمت إسهاما فاعلا في ارتفاع اسعارها".

آثار سلبية على الاقتصاد

وبسبب تفشي تلك الظاهرة ناشد خبراء الاقتصاد الحكومة والجهات المعنية بضرورة المعالجة حفاظا على ثروتنا الحيوانية.

ويشير عدد من الخبراء الاقتصاديين الى ضرورة حظر استيراد اللحوم المستوردة بسبب المخاطر الصحية على المستهلك المحلي لكون معظمها غير خاضع للفحص المختبري المطلوب ومقاييس السيطرة النوعية والمواصفات العراقية عند دخولها البلاد، عبر المنافذ الحدودية،  فضلا عن الاثار السلبية المترتبة على الاقتصاد بشكل عام،  كما ان هناك آثاراً سلبية كبيرة على الاقتصاد العراقي جراء استيراد اللحوم المستوردة التي تكلف العراق مليارات الدولارات التي من الممكن توظيفها واستثمارها في دعم القطاع الخاص لإنتاج اللحوم المحلية، ناهيك عن الآثار السلبية على صحة المواطنين جراء استيراد اللحوم والمواد الغذائية من مناشئ متدنية غير صالحة للاستخدام البشري يرافقه سوء الاستخدام في طريقة الخزن التي تحتاج الى ظروف معينة لا تتوفر في كثير من المخازن والاسواق التي تستورد وتبيع هذه المواد واللحوم المستوردة، مما يتطلب دعم الانتاج المحلي ومربي الماشية والدواجن لسد حاجة السوق من اللحوم البيضاء والحمراء وبيض المائدة،  فالإنتاج المحلي يتميز بنوعيته المميزة والمرغوبة بسبب التغذية الجيدة التي تحصل عليها الماشية بعيدا عن الاعلاف الكيميائية والبايولوجية التي تحتوي على العناصر المعدلة وراثيا والتي تقدم الى الماشية والدواجن المستوردة والتي لها آثار سلبية على الصحة لثبوت اصابة الانسان الذي يتناول لحومها بأمراض السرطان وغيرها.

دور ظاهرة التهريب

الاسواق المحلية متخمة الى حد الاشباع باللحوم المستوردة باختلاف انواعها واسعارها، فهذا الهندي وذاك المصري وذلك السوداني، والبلغاري وحتى انواع تحسب على شركات عراقية وهي في الاصل هندية وبرازيلية ، تبيع كيلو اللحم بسعر خمسة آلاف دينار عراقي، وهذا ما جعل الاقبال عليها من قبل المواطن ذي الدخل المحدود يتصاعد يوما بعد يوم في ظل ارتفاع اسعار لحومنا العراقية، في حين أن ما زاد من سعر مواشينا هو الطلب المتزايد عليها من قبل دول الخليج وخاصة السعودية والكويت، وهذا ما شجع ظاهرة التهريب غير المشروع ما جعل المواطن يعزف عن شراء اللحوم العراقية الخالصة لكون سعر الكيلو منه يعادل ثلاثة اضعاف المستورد، فهناك فرق شاسع ما بين "16" الف دينار وخمسة آلاف التي تمثل سعر كيلو المستورد، وبالتالي الاقبال نحوها اصبح من المسلمات.

مافيا

يرى البعض أن مافيا جديدة تتجول في اسواق العراق المحلية هدفها الوحيد الاتجار والربح السريع، وذلك  باستيراد  اللحم الهندي وضخه عبر  الاسواق المحلية وبأسعار رخيصة, ليدخل  المطاعم العراقية من كص وكباب وكبة والهمبرغر ومعظم الاكلات الشائعة. وزارة العلوم والتكنولوجيا اكدت في تصريحات صحفية  أن هذه اللحوم تحتوي على نسبة تلوث عالية في اللحوم الهندية المصدرة إلى العراق بواسطة مبيدات الكلور، لافتة  إلى أنه عند فحص نماذج منها ظهر احتواء هذه اللحوم المجمدة والمستوردة من مناشئ معروفه، فكيف هو الحال بمجهولية المصدر.

باحث  عراقي في مجال الاغذية واللحوم  بين أنه من الضروري تسمين عجول الجاموس عبر الطريقة المصرية بغية التقليل من نسبة استيراد اللحوم منتقدا استيراد اللحوم الهندية التي وصفها بالرديئة تبعا لتقارير محلية تحذر من هذه اللحوم التي تشير بوضوح تام الى وجود دسامة عالية فيها فضلا عن احتوائها على ملوثات بكتيرية . ويعزو الكثيرون اسباب لجوء العراقيين الى اقتناء هذه اللحوم رغم علمهم بمصدرها الى  قلة الأغنام العراقية وغلاء لحومها بسبب تهريبها الى خارج العراق، وكذلك عدم توفير المواد المطلوبة لمربي الأغنام منها العلف والطبابة المتواصلة لإنتاج أفضل، وهذا له تأثير اقتصادي فلماذا نساعد في اقتصاد الدول الأخرى ولا نساعد اقتصادنا فضلاً عن  غياب الرقابة الصحية وانشغال القادة السياسية بمشاكلهم التي لا تحل, ترك فجوة كبيرة لأصحاب النفوس الضعيفة، الذين أصبح جل همهم استغلال المواطن البسيط.