أول أمس بعد عودتي من مهرجان – تامرّا – المنعقد في بعقوبة البرتقال، تسلّمت دعوة  لحضور الحفل الخطابي الفني الذي سيقام بمناسبة الذكرى 84 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي وذلك يوم السبت 31 آذار 2018 الساعة 11 صباحاً على قاعة سميراميس.

ورغم توعكي ( المفتعَل) – لا أدري كيف لفّق لي الزمن ذبحة صدرية ألمّت بي منذ أكثر من عام ونصف ..

حين فتحت الطبيبة المساعدة سجلها الذي يذكّر بسجل الملكيْن الصالحيْن .. ومضت في سؤالها عن السنوات التي امضيتها في التدخين رغم تركي للتدخين منذ اكثر من تسع سنوات !  حينها قرر الطبيب اخضاعي الى العلاج ، لحظتها امتعضتُ وداهمني حزنٌ أثقل كاهلي ؛ كيف سأقضي بقية حياتي على الأدوية ! مع ذلك أعانتني نبتة – المورينكا – التي جلبتُ بذورها من الدنمارك بواسطة صديق مهتم ومتخصص في مشاريع زراعة البَر العراقي ومتنزهاته بانواع مختلفة من الأشجار للمساعدة والعون في تحسين البيئة العراقية .. وكان مصدر البذور بلاد الهند حيث نجحت زراعة هذا النوع من الأشجار في بلدنا العراق على يد أكثر من مهتم.

سقتُ هذه المقدمة تحضيرا لعزمي على توزيع بذور وشتلات الشجرة المعجزة – المورينكا اوليفيرا- التي اعتنيت بإكثارها وتوزيعها مجانا كما في كل ذكرى لهكذا مناسبة.

- نعم يا حبيبي نعم .. انا بين شفايفك نغم ...- اعتزازا بعبد الحليم حافظ – هذا فاوَل عاطفي هعهعهع – استمع الى اغنيته الآن.

واذن صار أن  أهيئ 184 مغلّفا ملأتها بالبذور المهيأة للزراعة مع ورقة بيانات وفوائد الشجرة لكل مغلّف. 

كان الاتفاق أن أذهب صحبة ولدي البكر الذي عزم على الذهاب الى الشركة التي يعمل فيها هناك، والذي كان قلقا علىّ، استيقظت صباحا ولم الحق بصحبته فتبسمت في سري وحملت مغلفات بذوري وبيانات زراعة الشجرة وفوائدها وبعض شتلات الشجرة  وهممت شطر مشواري المعتاد ..

في اتحاد الأدباء اودعت الشتلات هناك لأصحابها واستمعت الى جزء من لقاء ثقافي بشأن الترجمة الأدبية بحضور الزميلة آمال ابراهيم . من ثم توجهت لتهنئة من يتواجد في المقر العام للحزب الشيوعي العراقي . كان الغالبية قد توجه إلى قاعة الاحتفالات في سينما سميراميس.

رحت اتفحّص الوجوه التي تشبهني في ملامح اجهادها وتعبها وتفاؤلها، وبسبب من الزحام الشديد لم الحق مناداة رفيقي القديم حميد ابو ماجد وهو يمرّ في متناول نظري، كان الرفاق يبتسمون لي او لغيري فنتبادل التحيات  بالإيماءة والابتسامة.. كما انتبهت لاحقا أن الرفيقين حميد مجيد موسى و د. رائد فهمي يجلسان وسط الجمهور خلاف المعتاد ..

أن تعيش وسط هذا الزحام الواثق الخطوَ سينتابك شعورٌ بالزهو من انك لست وحيدا في هذا العالم المؤقت الذي يمور فسادا وانانية .. زحام يثير فيك شجنا وحنينا، سيما  والحماس للعناية بالعراق وشعبه.

فترة الاستراحة صرت أوزع مغلفات البذور بفرح .. والتقيت برفاق قدامى ورفيقات .. كنّ يعرفنني وانا خجلٌ اتوسل الاعتذار لكن سرعان ما تعود بي الذاكرة إلى ما قبل ثلاثة واربعين عاما ..! وحين أقارن لا أجدُ سوى فارق بسيط .. نحن الشيوخ ما نزال شباباً ، ويغني كريم  منصور .. بس تعالوا ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أديب ومترجم

عرض مقالات: