آثار التاريخ في عقلي شيئاً، تذكرت أن "حكومة ماكنة الحرب العسكرتارية"، سمته "يوم الشهيد" وقد تصاعدت في مخيلتي.. كلمات اغنية كانت لازمة يومية تفرضها الاذاعة والتلفزيون على ذائقتنا عبر تكرار بثها كل ساعة تقريباً، اغنية عرفناها وحفظنا كلماتها، رافقتنا في حلنا وترحالنا "احنا مشينا للحرب" أغنية كلما اسمعها تتقافز الى ذهني صورة لرجل بساق واحدة يسير بتقافز معتمدا على عكاز خشبي، واوغل في الأمر متخيلا عين كاميرا كبيرة اصوبها نحو المشهد الذي يظهر فيه رجل العكاز وسط مقطع عرضي لسهل منبسط محاط بالخضرة.. والاغنية ترافقه "احنا مشينا ....".
يبدو انه المعني بكلمة "مشينا"، يمشى الرجل على عكاز وهو يتلفت كأنه يريد أن يتأكد أنه المعني "بالمشي نحو الحرب.." يتقافز على عكازه .. يسير والاغنية تتصاعد يجد نفسه محاصرا بالصوت.. المشهد يشبه الخلفيات التي يعتمدها عبقري السينما المخرج اليوناني "ثيو انجيلوبولوس" في كل افلامه.. حيث الخلفية العميقة والواسعة التي تحتضن كادر الفيلم "رجل العكاز" صاحب الساق المبتورة.. يتقافز وهو يسير نحو الخلفية الهائلة للاغنية "احنا مشينا للحرب"، يبدأ الكادر يذوب في الخلفية، فيما يظهر في الكادر شخص اخر يشبهه يراقب المشهد "عاشك يدافع من أجل محبوبته" يراقب الشخص الذي يشبهه على الشاشة كأنه يريد ان ينفجر من الغضب... يسلط المخرج الكاميرا على وجه الرجل الغاضب.. يبدو غاضبا تماما وهو يراقب الرجل ذا الساق الواحدة وهو يتقافز معتمدا عكازه والاغنية تتصاعد "احنا مشينا للحرب... احنا مشينا للحرب... عاشك يدافع من اجل محبوبته". يبدأ المخرج مركزاً على عيون رجل العكاز.... ويركب صور فلاش باك"، يبدو فيها وهو اكثر شبابا وفي مكان اخر لايشبه المكان الذي كانا فيه الا في الارض المحاطة بالخضرة... وفيما هو يراقب الافق تسقط قنبلة.. يسير احد اصدقائه نحو الملجأ، وقبل ان يصل يصعد الى السماء بعد ان يدوس على لغم.. اكتفى اللغم ببتر ساقة... حملته الى المستشفى حيث المدينة.. بعيدا عن الجبهة ... يظهر على الشاشة مونولوج داخلي تبدو الكلمات واضحة "احسدك يا صديقي لأنك فقدت ساقك وستذهب الى بيتك ومدينتك على الاقل ناقص ساق واحدة، أما أنا فربما أعود الى البيت وانا في احضان تابوت مغطى براية الوطن. "يعود المخرج الى الحدث.. حيث يبدو رجل العكاز يسير بتقافز والاغنية تتصاعد قبل ان تخفت.. عاشك يدافع... عاشك... احنا.... مشينا...".
تظهر كلمة "النهاية" على هيئة عكاز مكتوب عليه "هكذا مشينا في يوم ما الى الحرب".

 

عرض مقالات: