أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا حلقة نقاشية فكرية - سياسية عامة بعنوان: (الإسلام السياسي واشكاليات مفهوم الدولة)، يوم الأحد الموافق 25/11/2018، تضمنت محاور فرعية متعددة: جدلية الدين والسياسة، الدولة في مفهوم الإسلام السياسي، الحكم المدني، وتحالفات اليسار مع الأحزاب الإسلامية، حضرها نخبة من الجالية العراقية من مختلف الأطياف، تحدث فيها الدكتور رشيد الخيّون الباحث العراقي المهتم بالتراث والفلسفة والتاريخ، حيث غطى الشق الأول المتعلق بالإسلام السياسي وتفرعاته، موضحاً بأن الإسلام السياسي هو مجموعة المنظمات والأحزاب التي تمتهن السياسة عن طريق الدين، وتعتبر الدين هو السياسة، بل هناك من يعتبر السياسة عبادة، أي إنها فرض من أركان الإسلام، وبالتالي يوجهون الإتهام الباطل للعلمانيين بأنهم كفرة ملحدين، لأن العلمانية تريد عزل الدين عن السياسة.

وتحدث عن الإسلام السياسي والدولة، مشيراً إلى مفهوم الحاكمية،(لا حكم إلا لله)، بإعتبارها عمود الإسلام السياسي، الذي يسعى إلى عمل نظام إسلامي في كل مكان، وأشار إلى بعض التفسيرات الخاطئة التي قدمها العلماء سواء من المذهب السني أو الشيعي، مؤكداً بأن التفسير الصحيح للحكم بأنه قضاء الله وقدره، وليس بمفهوم السلطة السياسية. وتطرق إلى طبيعة المجتمعات عبر المراحل الزمنية المتعاقبة، مؤكداً بأنه لا وجود للإسلام السياسي في تلك الدول السابقة، بل كانت تمتلك عقيدة، وهي العقيدة الدينية، والدولة والمعارضة كانت ترفع شعار (الله أكبر)، والفترة النبوية كانت لتثبيت الدين.

وتحدث عن كتاب علي عبدالرازق (الإسلام أصول الحكم)، الصادر في 1925، الذي جاء بنصوص قرآنية لا تؤيد السلطة السياسية. وأوضح بأن الإسلام السياسي لا يمتلك غير النصوص والوصايا الدينية، حركات ماضوية لم تأتِ بشيء جديد.

وختم حديثة بموضوع التحالفات، حيث أكد بأن هناك إمكانية التحالف مع بعض التشكيلات التي هي ليست عقائدية، كالتيار الصدري، الذي يمكن أن ينتمي إليه كل واحد، أي ليس كما هو الحال مع الأحزاب السياسية الإسلامية العقائدية التي من الصعوبة التحالف والإتفاق معها. وقد عبّر عن رأيه الخاص بأن اليسار، من الأفضل له، لو يحرص على موروثه الثقافي أكثر من العمل السياسي.

وتحدث الباحث والأديب راشد سيد أحمد الشيخ القيادي في الحزب الشيوعي السوداني عن المفاهيم النظرية لنشأة الدولة والمجتمع المدني، مستشهداً ببعض النظريات العصرية، وتحدث عن مبادىء النظام السياسي المدني الديمقراطي، مسترشداً بمساهمة الراحل محمد إبراهيم نقد السكرتير السابق للحزب الشيوعي السوداني، على ضوء التجربة السودانية آبان حكم جعفر النميري.

وتحدث عن أسس وهوية الدولة السودانية عقب إنتصار انتفاضة مارس/أبريل 1985 على دكتاتورية نميري، وكيف إحتدم الصراع السياسي حول إلغاء قوانين سبتمبر 1983 الإسلامية، التي فرضها جعفر نميري، بتشجيع وضغط من حركة الأخوان المسلمين في السودان وبدعم الأخوان المسلمين العالمي مع تواطؤ تكوينات وأحزاب يمينية ذات مرجعية إسلامية في السودان.

وأشار إلى مفهوم العلمانية، بأنه يعني المواطنة بكل ملحقاتها بصفتها حقوق مدنية وسياسية وإجتماعية وثقافية وإنسانية، تترتب عليها واجبات وإلتزامات قانونية وأخلاقية، وتشمل جميع المواطنين في الدولة على إختلاف مشاربهم ودياناتهم واختياراتهم الخاصة.

وتحدث عن التصور الذي قدمه الحزب الشيوعي السوداني للدولة كمساهمة في الحوار حول الدولة المدنية عام 1988، خلال المشاورات التي أجراها مجلس رئاسة الدولة مع الكتل البرلمانية تمهيداً لتوسيع الإتلاف بإشراك الجبهة القومية الإسلامية، حيث أكد الحزب الشيوعي السوداني على أهمية إعطاء الأولوية للديمقراطية كحقوق وحريات.

وتطرق إلى مشروع الدستور الإنتقالي، إعلان نيروبي حول علاقة الدين بالسياسة في 17 أبريل 1993، مؤكداً بأن هذا الإعلان قد شكل خطوة متقدمه في إرساء دعائم الدولة المدنية، وقد لخص مباديء النظام السياسي المدني الديمقراطي بالمساواة في المواطنة وحرية العقيدة والضمير، وبصرف النظر عن المعتقد الديني، والمساواة بين الأديان، وبأن يكون الشعب مصدر السلطات، ويستمد الحكم شرعيته من الدستور، مع مراعاة سيادة القانون وإستقلال القضاء، ومساواة المواطنين أمام القانون.

وختم حديثه بما ذكره الراحل محمد إبراهيم نقد بورقته (حوار حول الدولة المدنية)، مقتبساً وليم شكسبير على لسان جوليت، بأن: (الوردة بأي إسم تناديها تظل عبقه). والمداخلات القيمة التي قدمها الحضور أغنت الموضوع من جوانبه المختلفة.