غالي العطواني
أٌقام منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، صباح أول أمس السبت، جلسة استذكار للفنان التشكيلي الراحل عبد الجبار البناء، في مناسبة الذكرى الثانية لرحيله.
حضر الجلسة التي التأمت على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق مفيد الجزائري، ونجل الراحل دريد البناء، إلى جانب العديد من الفنانين والمثقفين والإعلاميين.
الاكاديمي والناقد د. جواد الزيدي، أدار الجلسة واستهلها داعيا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت اكراما لذكرى الفقيد. ثم تحدث عنه قائلاً: نستذكر الفنان والمعلم والاب في ذكراه السنوية الثانية، المبدع المجدد عبد الجبار البناء، هذا الفنان الذي اخلص لقضايا شعبه ووطنه وابدى التزامه الكامل في مجمل اعماله الفنية. وهذا الالتزام ادى الى مناصبته العداء من قبل المؤسسة الرسمية وإلى ابتعاد الاعلام والنقد الفني عن تجربته الخلاقة".
وأضاف قائلا ان "البناء يعد من جيل الريادات الفنية التي اسست او ساهمت في صياغة هوية ثقافية عراقية، فهو قارئ الشعر والفلسفة ويمتلك موقفا انسانياً خالصاً على المستوى الفكري"، مشيرا إلى تداخل الأجناس الفنية في تجربته "حيث التخطيط والتصميم والرسم والنحت".
ولفت د. الزيدي إلى ان الراحل وظف جميع الخامات في أعماله الفنية "التي كانت تستنطق الموضوع الاجتماعي الذي ينتمي الى قاع المجتمع والطبقات الكادحة في نضالها من اجل الحرية. وقد صاغ تجاربه كلها انطلاقا من هذا الفهم، وكان منشغلا بتطوير التجربة ذاتياً بعيدا عن الوصايا والاملاءات التي تفرضها السلطة، ولذلك ابتعد عن الاعلام ولكنه انجز الكثير، وسيظل خالداً في مشهدنا التشكيلي العراقي".
بعد ذلك ألقى الرفيق مفيد الجزائري كلمة تحدث فيها عن الفنان الراحل كمبدع كبير وشخصية ثقافية مرموقة ووجه وطني لامع. واشار الى انخراطه المبكر في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، والتصاقه طيلة حياته بالحزب، ووفائه له، وتطوره كانسان وكفنان بتأثير فكر الحزب العلمي ونزعته الانسانية العميقة. وبفضل ذلك كله وغيره تطور ابداع البناء واغتنى، واقام له موقعاً بين كبار الفنانين العراقيين واعلاهم قامة.
وكانت للناقد التشكيلي صلاح عباس كلمة قال فيها ان الراحل "فنان يتمتع بريادتين. الريادة الزمنية والريادة الإبداعية. وان الريادة الزمنية سبرت أغوار الماضي غير البعيد، حيث مطلع العقد الخامس من القرن الماضي وعلاقاته القريبة من جواد سليم وجماعة بغداد للفن الحديث. والريادة الابداعية تمثلت في اشتغالاته المتعددة على المواد الخام الصلبة واللينة، ومزاولته لفنونه المتعددة في التخطيط والتصميم".
فيما ألقى أمين سر جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، الفنان قاسم حمزة، كلمة معبرة جاء فيها ان البناء "كان يمشي بخطى اثقلتها سياط السجان، وكانت ملابسه الرثة وشعره الاشعث لا تسمح للآخرين بأن يتصوروا ان هذا الرجل بلحيته الطويلة.. هو مناضل شيوعي، خرج للتو من سجنه الرهيب، بيته كان بعيدا والتعذيب الذي كان وجبته اليومية قد اخذ منه مأخذا".
وأضاف قائلا ان اصرار البناء كان محط إعجاب الجميع "فراح ينفث غضبه في ازميله العتيق. وراح الخشب هو الآخر يئن تحت ضربات هذا النحات الماهر ويود الفكاك من اسره"، متابعا قوله ان الراحل "كان الابن الوحيد والمدلل، لكن حياة الدعة والعيش الرغيد لم تثنه عن ان يكون ذلك الشيوعي المصر على صنع الامل في نفوس من جايله وعاش معه".
وكان آخر المتحدثين في الجلسة، نجل الفقيد دريد البناء، الذي ألقى كلمة قال فيها مخاطباً والده الراحل: "اننا ورفاقك نفتقدك ونفتقد روحك السمحة المحبة للخير والسلام.. رحل الاب والصديق والفنان المخلص لقضية وطنه ورفاقه الخيرين، واصدقائه الاوفياء.. رحل الانسان الذي نفخر به، ونحتفل بذكراه السنوية الثانية في هذا المكان الذي احبه دوماً وجعل جزءاً منه معرضاً دائماً لفنه".
وشكر نجل الفقيد الحزب الشيوعي العراقي "الذي يرعى كوادره في حياتهم ويستذكرهم في غيابهم، والذي استلهم منه الفقيد القيم الانسانية والاخلاص لوطنه والوفاء لقضيته ومعاناة شعبه وحبه للانسان".
وفي ختام الجلسة وقع نجل الفقيد كتاب بعنوان "قصائد الازميل.. عبد الجبار البناء الفن الذي يدوم"، من تأليف د. جواد الزيدي.