ضيّف "ملتقى الدكتور علي إبراهيم" الثقافي في مدينة الحلة، أخيرا، التدريسي في جامعة الكوفة د. زيد الكبيسي، الذي قدم محاضرة عنوانها "الأخلاق والراهن العراقي" بحضور جمع من الأكاديميين والمثقفين والأدباء والإعلاميين.
أدار المحاضرة د. ستار العبودي، فيما استهلها المحاضر متطرقا إلى الراهن العراقي وما يعيشه المجتمع اليوم من تدن واضح في السلوك الاجتماعي، إلى جانب الابتعاد عن القيم والمنظومة الأخلاقية.
وأشار د. الكبيسي إلى جملة اسباب قادت وتقود الى الانحدار الذي يعيشه المجتمع العراقي اليوم، من بينها عدم توفر منظومة تعليمية متماسكة، وما خلفته سياسة الاحتلال من مساوئ اجتماعية كثيرة، فضلا عن انحسار الجانبين المعرفي والثقافي، والاستخدام السيئ للتكنولوجيا وما يخلفه ذلك من ظواهر سلبية في بنية المجتمع .
ثم ألقى الضوء على النظريات الحديثة التي عالجت موضوعة الأخلاق، وما طرحه الفلاسفة الغربيون من آراء بينوا من خلالها التأثير البيئي والمعرفي في صيرورة الأخلاق، مشيرا إلى ان الوازع العقلي هو الأساس في تنمية الأخلاق الرصينة، التي لا تحتاج إلى منظومات خارجة عن رؤية الإنسان، أو الاتكاء على الرؤى العقيمة التي لا تترك للإنسان الحرية في الوصول إلى السلوك الأخلاقي النابع من الحاجة الاجتماعية.
وشهدت المحاضرة مداخلات ونقاشات ساهمت في إغناء موضوعها. إذ تحدث البعض عن ظواهر العوز والبطالة وسوء الادارة والفساد، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية التي سادت بعد التغيير، على اعتبار ان النافذة الاقتصادية تعد المصدر الاساس للمنظومة الاخلاقية.
كما أوضح البعض ان التربية والتعليم وما تعيشه المؤسسة التربوية من تعقيد وانحدار وسطحية، إلى جانب الانفلات الامني الواضح وعدم توفر مصدر امني وقانوني يضع الامور في نصابها الصحيح، كل ذلك مثل عوامل جوهرية لما تعانيه الاخلاق اليوم من انحدار وتدهور وتدن. فيما سلط عدد من مقدمي المداخلات، الضوء على توسع المنظومة العشائرية وتضخم تدخلها في الكثير من القضايا التي من المفروض ان تعرض على القضاء، ليكون العقاب مناسبا لنوع الجريمة.
ولعلاج مشكلة التدهور الأخلاقي، شدد العديد من المشاركين في تقديم المداخلات، على أهمية المعرفة والثقافة وترسيخ الهوية الوطنية، وعلى الإدارة السياسية الكفوءة والنزيهة التي تزرع الثقة بين الحاكم والمواطن.
وقد شارك في تقديم المداخلات كل من د. علي الأسدي، الشاعر سعد الشلاه، الباحث محمد الزهيري، الكاتب صباح العكام، الشاعر جبار الكواز، الأستاذ عامر جابك، اللواء المتقاعد فوزي الشمري، الإعلامي صادق النداوي، الكاتب إسماعيل محمد سلمان ود. علي إبراهيم الذي قدم مداخلة أوضح فيها ان الأخلاق، ووفقا للفيلسوف كارل ماركس، تعد انعكاسا للواقع الطبقي، وان للعامل الاقتصادي أثره الكبير في صيرورة الاخلاق، مستعرضا بعض الشواهد المستقاة من المجتمعات الرأسمالية والشيوعية، وما شهده بعض الدول من تطور في المنظومة الأخلاقية، على إثر تبنيها نهج "الاشتراكية الديمقراطية".