كلنا يدرك ان الاقتصاد العراقي يمر بفترة ركود حرجة نتيجة لثلاثة عوامل رئيسة تقف في مقدمتها الحرب ضد الارهاب بمختلف اشكاله وما ترتب عليها من انفاق ما يزيد عن خمسين مليار دولار يليه الفساد المالي والاداري الذي تحول الى نفق كبير ابتلع ثلثي ثروة العراق والعامل الثالث عجز الحكومة عن وضع خطط تنموية واقعية في ظل تحديات مالية وادارية عميقة حالت دون تنفيذها وعدم قدرتها على اعادة التوازن في البنية الاقتصادية المعلولة .
وقبل ان تتشكل حكومة قوية الارادة وقادرة على مراجعة السياسات الاقتصادية السابقة وتخليص الاقتصاد من الامراض العالقة به ، في انتظار ما يسفر عن مخرجات العملية الانتخابية المضببة ، يتعرض العراق الى مخاطر القرارات الامريكية المتعلقة بفرض حصار اقتصادي موجه بالأساس ضد الشعب الايراني غير انه لا يخامرنا ادنى شك ان هذه القرارات سوف لن تنحصر اثارها المدمرة في الاقتصاد الايراني فقط وانما سيشمل العراق وغيره من بلدان المنطقة وذلك بسبب التشابك التجاري والمالي بين هذه البلدان .
فبسبب ضعف اداء الاقتصاد العراقي في عمليات الانتاج في الصناعة والزراعة والسياحة وقطاع الكهرباء وغيرها من القطاعات وعجزه عن سد حاجة السوق العراقية من المواد الاستهلاكية والغذائية ومواد البناء مما اضطر ولسنوات من الاعتماد على استيرادها بشكل خاص من ايران بما يزيد عن خمسة مليارات دولار سنويا هذا عدا تكاليف استيراد الالاف من السيارات رديئة الصنع والطاقة الكهربائية والمنتجات البترولية بما فيها الغاز التي تكلف بمجملها ما يزيد على 13 مليار دولار دعك من عمليات التهريب وخاصة في العملة الاجنبية التي تستقر معظمها في المصارف الايرانية .
وبالتأكيد فان ايران التي تمر بمأزق اقتصدي نتيجة الحصار وانهيار سريع في قيمة الريال الايراني والذي يجسد اس المشكلة ، فإنها ستعمد الى تحويل العملة الصعبة من الدولار من السوق العراقية الى ايران لإيقاف هذا التداعي اما عن طريق التهريب او محاولة الضغط على الجهاز المصرفي لتنفيذ هذه التحويلات ولهذا قامت وزارة الخزانة الامريكية كما تنقل الاخبار بتهديد البنك المركزي العراقي بتجميد امول البنك المودعة في امريكا وان حصل ذلك فان تزاحم الطلب على الدولار سيؤدى الى انخفاض القيمة الحقيقية للدينار العراقي مما يترتب عليه ارتفاع الاسعار وانعكاساتها على ذوي الدخل المحدود من موظفي الدولة وحتى العاملين في القطاع الخاص وكافة شرائح المجتمع ونتائجها الكارثية على مستوى معيشة المواطن العراقي الذي يئن بالأصل تحت ضائقة الفقر والحرمان ما يزيد الطين بلة الأمر الذي يؤدي الى مزيد من الغليان الشعبي الذي يجلس الآن على صفيح ساخن .
ان الحكومة العراقية سواء الحالية او التي ستشكل في المستقبل وهي تدرك المآلات المقلقة للاقتصاد العراقي مطالبة بحماية السوق من خلال تدعيم المنتج الوطني من منافسة السلع الاجنبية والزام الوزارات العراقية بعدم اللجوء الى استيراد البضائع وخاصة التي تنتج في السوق العراقية والتنسيق مع دول الجوار في سد حاجة العراق من السلع الضرورية والتعاطي مع القرارات الامريكية بما يتماشى مع المصلحة والسيادة العراقية والتأكيد على الجهاز المصرفي العراقي والاجنبي العامل في العراق بالحفاظ على العملة الاجنبية والحيلولة دون تسريبها الى الخارج والمراقبة الشديدة لنافذة بيع العملة للحد من غسيل الاموال فضلا عن متابعة الانشطة المالية لمكاتب الصيرفة التي تلعب دورا كبيرا في عملية تحويل العملة الى الخارج بالطرق الشرعية وغير الشرعية وتمتلك خبرة طويلة في هذه العمليات وهذه تدخل ضمن الاجراءات العاجلة .
وعلى مدي ابعد فان الحكومة تمتلك امكانات مالية مشجعة لتدعيم مشاريع القطاع العام وتمكين القطاع الخاص من النهوض بدوره في تحريك الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب العاطل من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الاستثمارات العربية والاجنبية وخاصة التركية من خلال تفعيل الاتفاقيات التي ابرمها رئيس الوزراء مع الجانب التركي خلال زيارته في الاسبوع الماضي وخاصة في عملية اعمار المدن التي خربها الارهابيون الدواعش ..

عرض مقالات: