حين تجعل البؤس و اليأس يهيمنان على نفوس الناس.. لا ترجو منهم أن يصفحوا عنك ، ويعربوا عن أسفهم إذا وقفوا بوجهك ذات يوم وحين تجعلهم يعيشون تحت خط الفقر في بلد يعدّ من أغنى البلدان ويعوم على بحرٍ من النفط، ينهشهم الجوع والمرض، وتعصف بهم الأزمات، لا تتأمل منهم أن يرفعوا أكفهّم بالدعاء لك ابدا! وحين تتحول حياتهم الى جحيم لا يطاق، لا كهرباء ، لا خدمات تليق بهم كمواطنين حقيقيين، والبطالة عنوان حياة الشباب منهم وحتى مَنْ دخل العقدين الثالث والرابع من العمر دون جدوى ، لا تفكّر ساعتها انهم لن يفكّروا بالخلاص منك وانقاذ انفسهم . هذا ما حصل ويحصل من سنوات حين خرج الناس وما زالوا يخرجون الى الشوارع والساحات متظاهرين يطالبون بالاصلاح ومحاسبة الفاسدين. أتعرف لماذا خرجوا ومازالوا يخرجون عليك متظاهرين؟! لأنك أضعت كل احلامهم التي كانوا قد يمنون انفسهم بها ذات يوم عندما سقط الصنم ، ودبّ اليأس والقنوط الى نفوسهم نتيجة الفساد وسوء الادارة وتردّي كل شيء.
أموالٌ تبني بلداناً وتجعلها من أجمل وابهى البلدان ذهبت في مهب الريح ، وصارت ارصدة في المصارف الاجنبية لأناس بلا حياء ولا ضمير ابدا! خدماتٌ تتردى يوما بعد اخر، ولا بارقة أمل في اصلاحها واشاعة الجمال ! مصانع وشركات انتاجية عملاقة متوقفة عن العمل ، أكل الصدأ والزنجار معداتها.
لا زراعة، لا تجارة، لا سياحة ، لا اهتمام بالثقافة والفن والتربية والتعليم والرياضة ، لا تعيينات، ازمة سكن مستديمة، بل ازمات.
كل هذا وتطلب منهم أن لا يخرجوا عليك متظاهرين يطالبون بأبسط حقوق المواطنة التي كفلتها دساتير العالم أجمع. وفوق كل هذا وذاك تقطع. الانترنت خوفا من التحشيد الاعلامي والتواصل فيما بينهم ، وعند خروجهم ترميهم بالغاز المسيل للدموع منتهي الصلاحية وخراطيم الماء الحار والرصاص الحيّ! هل قطع الانترنت والغاز والماء هو الحل الناجع؟ بالتأكيد لا، اذا اردت أن تحلّ المشكلة عليك أن تفتح صفحة جديدة أساسها الصدق و الاخلاص وتعزل الفاسدين ، بل تحاسبهم وتعيد كل مالٍ وعقارٍ نهبوه بغير وجه حق الى خزينة الدولة وعليك أن تجعل البناء والاعمار الحقيقي لا الترقيع من أولويات عملك، وان تشيّد محطات لتحلية الماء المالح كما يفعل جيرانك الخليجيون على الأقل.
الانترنت سيعود حتما، لكن المشاكل المتفاقمة التي جرى ذكرها هل ستنتهي ، ويصير العراق عراقاً حقيقياً مزداناً بالمحبة والامان والسعادة؟ هذا هو مطلبنا الحقيقي الذي نرجو أن يتحقق في قابل الايام.. والا ّ سنظل نطالب به كل يوم.