العراق ليس أول دولة تعتمد الخصخصة في نشاطات اقتصادية متنوعة، فهناك العديد من الدول التي اعتمدت هذا النظام الاقتصادي من أجل تطوير برامجها الاقتصادية بهدف تقديم خدمات أفضل للمواطنين!

ولكن ما يحدث في عراقنا من " خصخصة " في ظل بلد غارق في الفساد، ( باعتراف مسؤولين محليين ودوليين) يثير العديد من الاسئلة والشكوك في آن واحد! خاصة وأن العديد من المواطنين يتحدثون، بالملموس، عن تراجع في الواقع الصناعي والزراعي، ويؤكدون على أن معظم المصانع والمعامل قد تم بيعها كـ "خردة" باسم الخصخصة تارة وباسم دعم القطاع الخاص تارة أخرى! والنتيجة صار البلد معطلا من اية انتاجية حقيقية. وأصبحنا بفضل هذه السياسات أول بلد مستورد في العالم!

في العام الماضي بدأت خصخصة الكهرباء في بعض مناطق بغداد، وروج المستثمر، مع اطراف في هذه المؤسسة او تلك، ان هذه الخصخصة ستحقق للناس عاملين مهمين: اولهما ايصال التيار الكهربائي على مدار اربع وعشرين ساعة، وثانيهما رخص الامبير!

واذا بها وعود في وعود، فما ان اقترب القيظ حتى بدأ انقطاع التيار الكهربائي الوطني " والمخصخص"! وتفاجأ العديد من الناس ببطلان هذين العاملين وعدم صحتهما واضطروا مجددا الى الاستعانة بالمولدات، التي سبق وافرغت جيوبهم مما تبقى لها من دنانير وهي شحيحة اصلا!

يبدو ان الدولة غير قادرة على حل هذه المعضلة، لا عن طريق وزارة الكهرباء ولا عن طريق "الخصخصة"، فالمولدات الخاصة تستطيع تأمين ما يطلبه المواطن، ولكن عليه ان يدفع!

ترى هل هناك تواطؤ بين هذا الثالوث؟! هل هناك من يستفيد من عدم توفير التيار الكهربائي بما ينسجم وحاجة المواطن؟! هذا المواطن الذي يتساءل عن السبب الحقيقي لعدم حصول انقطاع في الكهرباء اثناء الحملة الانتخابية الاخيرة؟!

لقد عدنا الى نقطة الصفر! فاسباب التظاهرات التي انطلقت في صيف 2015، كانت بدايتها المطالبة بتحسين الكهرباء.

فلا غرابة ان نشاهد اليوم انطلاق تظاهرات جديدة وعديدة في بغداد والمحافظات، تظاهرات ترفض رفضا قاطعا الخصخصة  وتدين المسؤولين عن التردي الحاصل في قطاع الكهرباء!

اغاتي يا مسؤول، من شدة الحر وضعف الكهرباء، اصبح المواطن امفتح " باللبن " ولن تنطلي عليه مواعيد عرقوب! ويدعوكم هذا المواطن البسيط الى حل ابسط وهو ان تضعوا الرجل النزيه والكفوء في المكان المناسب. وبما اننا لا نمتلك الثقة في انكم ستفعلونها، فاملنا الوحيد بحكومة جديدة تضع لبناتها على اساس المواطنة ومحاربة الفساد وخدمة الوطن والمواطن!

عرض مقالات: