الكثير الكثير ظهر في الأيام الاخيرة ، والتطورات أكدت بما لا يدع مجالا للشك أو حتى الاقتراب منه ، ان البعض لا هم له الا البقاء في موقعه سواء كان تنفيذيا أم تشريعيا أو قضائيا . وامتد هذا الى " وعاظ السلاطين"، فالتطورات عرت أيضا مواقف البعض حد النخاع، كونهم منحازين الى أولياء النعمة الناهين الآمرين مهما اعتمد " الوعاظ " من رصانة التعبير ، ولبسوا جلباب الموضوعية والحيادية وعدم الانحياز والحرص على الوطن والوطنية وصيانة الديمقراطية وشفافية الانتخابات وحفظ صوت الناخب .
ولَم نلحظ مثل هذا الحماس في مرات سابقة بُحّت فيها الحناجر وهي تقدم البراهين على حصول تزوير هنا وهناك. فيما يلاحظ الْيَوْمَ ، في واحدة من مفارقات هذا الزمن الرديء ، ان افرادا صدمهم الناخب بعدم التصويت لهم عقابا على سوء فعلهم وفشلهم، وهم يتحملون الكثير من وزر ما يعاني منه المواطن العراقي رغم إغداقهم الوعود ، ويحوم حولهم الكثير من شبهات الفساد ، هم من يعلو صوتهم ضد الفساد والتزوير وخرق القوانين والتعليمات وهدر المال العام!
والبعض يعرف حق المعرفة ، خاصة من المتابعين الجادين ، ومنهم الاعلاميون والقانونيون ، ان التعديل الثالث لقانون الانتخابات الذي أقره مجلس النواب بنسبة ٥٢,٥ في المائة والعهدة على مصادر مجلس النواب ذاتها ، وحفز عليه وحرض على اتخاذه عدد من رؤساء الكتل السياسية ومواقع متنفذة في الدولة لغايات ودوافع لا حاجة للكثير من العناء لكشفها ، سوف لا يغير كثيرا من نتائج الكتل الكبيرة الفائزة وخصوصا تلك التي اقترع ناخبوها أساسا في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية . واذا كان هذا معروفا جيدا فلماذا هذا الازدراء والتقليل من جهد عدد من الكتل السياسية، للوصول الى تفاهمات بشأن تفسير المحكمة الاتحادية لـ "الكتلة النيابية الأكثر عددا " ، الذي ابتلينا به وهو من دون شك يتطلب مراجعة وتدقيقا حتى لو تطلب الامر تدخلا في نص المادة ٧٦ من الدستور النافذ ؟!
وواضح ان هذا البعض كان يريد ان تعلن كتل معينة وصولها الى تفاهم بشأن الكتلة البرلمانية الأكبر ويمني النفس بذلك، بل هو لا يريد أساسا ان يتوافق عدد من الكتل ومن بينها تحالف " سائرون " بما يعلنه من برنامج وطني للتغيير والإصلاح ، وما يتوافق عليه مع اخرين من الحريصين على وقف مسلسل التدهور وبدء العد الإيجابي لإنقاذ الوطن والقطع مع الماضي بما يمثله من منهج اداء وسياسيات عرجاء وفشل ورموز. ولكن نقول: فات هؤلاء وربما غيرهم في خارج الحدود ان عجلة التغيير قد دارت وإن ببطء ، فاستمرار الحال من المحال وكرة الثلج اذا تدحرجت كبرت. فكيف اذا كان هناك اصرار من جانب المصلحين بان لا عودة الى ما كان. ومن هنا نستطيع ان نتوقع حجم المعارضة والتمنع والإعاقة، التي تنتظر مشروع الإصلاح خصوصا وان بداياته فقط اثارت كل هذا الهلع والخوف عند الفاسدين والفاشلين .
ان لسان حال الإصلاحيين الصادقين مع أنفسهم ومع شعبهم يقول لهؤلاء البعض: خذوا راحتكم ، دققوا في نتائج الانتخابات، فنحن أساسا نرفض كل شكل من أشكال التزوير وايا كان مصدره وعنوانه. ألغوا العد الالكتروني الذي أنتم من قرر اعتماده على مرأى ومسمع من الحكومة وكل اجهزة الدولة ، التي أعدت تقريرها الخاص عن الانتخابات بتكليف من رئيس مجلس الوزراء، وأنتم كما مجلس النواب والمفوضية السابقة وربما الحالية ، تتحملون كامل مسؤولية الهدر بالمال العام الذي حصل.
بل حتى وان ذهبتم في " مؤامرة " داخلية – خارجية الى اعادة الانتخابات ، فلن ولن تستطيعوا قتل روح وارادة التغيير عند شعبنا ، طال الزمن أم قصر !

عرض مقالات: