قصف مقر الحزب الشيوعي نذالة ، ورسالة غير مجدية و غيرِ محلها .
الحزب الشيوعي يكون مرتاحاً جداً خارج الحياة السياسية العراقية الملتبسة العجيبة ، يمكنه أنْ يكتفي بدوره الجماهيري والثقافي وقيادة برلمان الشارع. ليس جوعانا لمناصب، فممثلوه وشبابه يديرون أبرز المؤسسات الثقافية والفكرية والانسانية ، وقد جرب استلام وزارتين كانتا من أشرف الوزارات العراقية طيلة الخمسة عشر عاماً الماضية.
أعضاؤه ومنتسبوه الأساسيون فيهم من يعترض على خياره السياسي الحالي ، لكنّ مسؤولية البقاء في المشهد السياسي لحماية ماتبقى من قيم العدالة الاجتماعية الغائبة ، واحتواء مجانية الدخول الى عالم السياسة الذي استسهله الجميع ، لتمتليء باسماء لاحزاب وحركات تشبه الاغاني ومحلات البقالة تأتي بكل من هبّ ودب من سياسيي الصدفة والشيوخ الخفيفين والمقاولين القفاصين وامثالهم .. كل ذلك يحتم أنْ يكون الحزب الشيوعي في المشهد كبقعة أمل مضيئة.
أما اولئك الذين يريدون محاسبة هذا الحزب على متغير دولي في موسكو او الصين او الخمسينات ! فانما هم مثاليون حنبليون، واذا صح مآلهم فيجب محاسبة جميع التيارات الفكرية الدينية والعلمانية خلال القرون الماضية، لاننا بعد ذلك كله أمام عالم فاشل ،فاشل جدا، في الاقل بمايتعلق بكرامة الشعوب وحقوق الانسان والعدالة وحق البشر في الحياة .فشل وظلام لايسعفهما الا حركة تنويرية وعصر عراقي وعربي للنهضة يقوده مفكرون محاربون.
في سياق ذلك ايضا بقي الحزب الشيوعي (العراقي) ذا نكهة مختلفة عن الايديولوجيا المصنعة. هو مزيج اليوم من الثقافة التقليدية التي تندثر، والتقاليد الشعبية غير المهددة بالمخاوف والاوامر، وهو خيمة لجميع دعاة السلام والوحدة والأمل في البلاد ممن انتموا لهذا الحزب ام كانوا خارجه. فلا نائبان في البرلمان يضعان الحزب الشيوعي امام مسؤولية انهيار البلاد ، ولا خروجهما يجدي نفعا لانصاره والمتعلقين بنهجه وسلوك اعضائه المنضبطين..
وعليه فأن اعتداءً مسلحاً على مقر حزب لا يملك ميلشيا ولا يمتهن السلاح ولا يؤمن بالتصفيات وسياسة كسر العظم الشائعة في العراق ،انما يعدُّ خيبة وجبنا وقلة أدب .. فليس من القوة في شيء ان تكسر قلماً او تمزق قصيدة او تهدد حالما لمجرد أنه حلم بتغيير أبيض، يقوده حزبٌ يأمَنُ جانبَه أصدقاؤه وأعداؤه معا.

عرض مقالات: