في السيرك الحقيقي تجد المتعة طريقها بسهولة إلى قلوب وعقول المشاهدين وهي محمولة على أجنحة الانبهار، والإعجاب اللامتناهي بقدرة الإنسان على ترويض الحيوانات، حتى المفترسة منها، وتحويلها إلى كائنات مسالمة تأتمر بأوامر مدربيها، والانصياع إلى كل ما يطلبونه منها.

الكثير من مرشحي الانتخابات لدينا أرادوا أن لا يتخلفوا عن إقامة "سيرك" خاص بهم للتخفيف من معاناة العراقيين وإدخال الفرحة إلى نفوسهم، فنشطوا وبالغوا في النشاط عشية الانتخابات البرلمانية في 12 أيار المقبل.

بيد أن اغلب المرشحين، أثبتوا بما لا يدع مجالا للشك، أنهم عصيون على الترويض ولا يستطيعون تقديم سوى عروض بائسة مملة، بل متسربلة بسخام الأنانية، و اللاوطنية، مع الإصرار وبصلافة قل نظيرها، على التزوير وتزييف إرادة الناخبين. وهذا ما يصطدم به المواطن العراقي يومياً سواء على شاشات التلفاز أو بشكل مباشر، لوجوه كالحة، أدمنت العبوس، منذ نعومة أظفارها، رغم محاولاتها، الظهور بمظهر الفرح والتفاءل، والابتسامة الشوهاء التي سرعان ما تختفي بمجرد مغادرة أصحابها الاستوديو أو مكان اللقاء مع الناس.

وللإيغال في الخداع، تجد نفسك في كثير من الأحيان أمام فاسد حتى النخاع، يهاجم الفاسدين، ويقسم بأغلظ الإيمان، على محاربة الفساد، وإسترداد الأموال المنهوبة من خزينة الدولة، أو من الرشى والكوميشن، ويواجهك من تجري الطائفية في دمه، أنه ضد المحاصصة والطائفية السياسية والحزبية، كما يصدمك من تسبب في ضياع ثلث مساحة العراق، بتأكيده على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى! ولا يبتعد كثيراً الذي أعطى لضميره إجازة طويلة الأمد، بالحديث عن الأخلاق والضمير الحي، وسعيه الى تعويض الشعب العراقي عن سنوات الذل. وامتهان الكرامة، بل أن البعض يزعم بأن العراق سينافس اليابان خلال عقد من  الزمان فقط إذا جرى انتخابه هو وليس غيره من الفاشلين والطارئين على الحياة السياسية.

 هل يتوقف مسلسل المهازل عند هذا الحد؟ أم تراه ينتقل إلى مسارب أخرى غاية في الانحطاط والدونية، فإذا تجاوزنا مرحلة السبيس، وإستخدام بعض الوجوه الجميلة لكسب الأصوات، أو شراء البطاقات الانتخابية التي أصبحت تجارة رائجة، يقودها سماسرة أمتهنوا الغش واللصوصية، و العهر السياسي، سنرى أنهم توجوا هذه الأساليب "الشريفة" بتمزيق صور ودعايات الأحزاب والقوى الأخرى، خاصة تحالف "سائرون" وبقية المدنيين والديمقراطيين، عبر تسخير أطفال، يستلمون إلف دينار عن كل ملصق يمزقونه، أو يعبثون به!

فهل سمع أحد أو رأى، أو قرأ في تجارب الشعوب، حتى التي نهضت من تحت ركام الاستبداد والدكتاتورية والتخلف مثل هذه الممارسة الغريبة والدنيئة؟

لا أمل في الخلاص من هذا الواقع المأساوي والمرير، إلا بالتصويت لمرشحي تحالف "سائرون" الذي يتميز بأن 99 في المئة منهم، لم يتلوثوا بغبار السلطة ولم يكونوا يوماً في مواقع المسؤولية، فضلاً عن أياديهم النظيفة، ودفاعهم المستميت عن الفقراء والمحرومين، وهو الوحيد (التحالف) العابر للطوائف، الذي يضم كل ألوان الطيف العراقي، بغض النظر عن الدين والقومية والمذهب والعشيرة. كما انه التحالف الوحيد أيضا الذي ينادي بالعدالة الاجتماعية، وبرنامجه الانتخابي يرسم خارطة طريق واضحة لعراق الحاضر والمستقبل.

عرض مقالات: