بعد اشتداد الأزمة الطائفية في العراق، جرت دعوات عديدة للمصالحة المجتمعية، وتم تأسيس هيئة المصالحة الوطنية، التي بقيت تراوح مكانها. وبين فينة واخرى تقرع الطبول وترفع الرايات ويلتئم شمل الرجال وتحضّر الأوراق والاقلام  لتوقيع " وثيقة شرف " بين الأطراف المختلفة، وما ان ينفض الاجتماع حتى تعود الساعة لنقطة الصفر وينسى الموقعون وثيقتهم الشرفية في إدراج مكاتبهم، التي تم تأسيسها على مبدأ المحاصصة في اتعس أشكالها الطائفية والعرقية! واستمرت المحاصصة كمنهج ثابت ل "تفريخ" الأزمات تلو الأزمات، والتي انعكست على حياة المواطن اليومية، بشكل خاص، في نقص واضح في الخدمات بمختلف جوانبها، وانعكست على المجتمع، بشكل عام، في تردي البنى التحتية وتوقف شبه كامل للدورة الاقتصادية! وبقي النفط هو الأساس في تشكيل نظام ريعي قل مثيله!

بدت الصورة اليوم واضحة للجميع ونحن نحث الخطى نحو صناديق الاقتراع خلال الأيام القادمة، فالمصالحة الوطنية لا يمكن تأمينها من خلال قرارات فوقية لأن مصيرها سيكون الفشل لا محال، حالها حال اعلان "الوحدة العربية" الفورية والاندماجية بين هذه الدولة أو تلك!

المصالحة الوطنية تعني الغور عميقا بين أبناء الشعب الواحد بمختلف اديانهم وطوائفهم وعقائدهم الذين تجمعهم الرغبة والحاجة المشتركة للإصلاح والتغيير! وهذا ما تحقق في ساحات الاحتجاج، خلال السنوات الثلاث الاخيرة، التي جمعت المدني يدا بيد مع الديني، دون السؤال عن مذهب او طائفة او عقيدة المتظاهر!

وهذا التلاحم الشعبي هو الذي هيأ الأرضية السليمة لبدء مصالحة مجتمعية حقيقية.

وما تحالف " سائرون " إلا تجسيدٌ لهذه المصالحة الحقيقية التي بدأت، منذ اليوم الأول لاعلانها، تثير الرعب وسط الفاسدين، الذين يمتلكون المال والسلطة!

العراق مع "سائرون" لم يعد كعكة يتقاسمها المتنفذون، بل هو مشروع وطني يعبر عن تلاحم أصحاب المصالح المشتركة بالتغيير من أجل إعادة الاعتبار للهوية الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن أجل النهوض بالعراق، وعودته مجددا، وطنا متقدما ومتطورا، متآخيا ومسالما!

عرض مقالات: