هوية الحراك الجماهيري، كانت ناصعة بصورة لا لبس فيها، منذ اللحظات الاولى، لانطلاقه في الثلاثين من تموز عام 2015، وما زالت كذلك رغم محاولات اللئام تشويهها، وبناء اهرامات من الكذب والافتراءات حولها، لأن اهدافها وشعاراتها جسدت مطالب الناس في محاربة الفساد والفاسدين وتوفير الخدمات واصلاح العملية السياسية وهو ما لا يريده المتنفذون الفاسدون، والمنطفئون وطنيا واخلاقيا.
وزاد سعارهم، عندما انبثق من رحم هذا الحراك، والنضالات الجماهيرية المتنوعة والمديدة، تحالف "سائرون" العابر للطوائف والقادر فعلاً على فتح ثغرة في الجدار السميك للطائفية السياسية وكسر احتكار السلطة، الذي يريد الطائفيون تأبيده، ليواصلوا، وبدون حياء، نهب اموال الشعب العراقي، بكادحيه وثكالاه، وايتامه، والباحثين عن لقمة العيش في اكوام النفايات، التي تغص بها العاصمة وبقية المدن العراقية.
لقد ظن البعض من بسطاء شعبنا، ان ضمائر ربابنة الكتل المتنفذة وازلامهم ستصحو يوما لتعيد النظر في سلوكها، وتعوض عن سرقاتها وتدميرها للعراق شعبا وارضا وحضارة. وزاد في هذا الوهم ما يطرحه فرسانها ويصرحون به في الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى، محاولين كما هو الحال قبيل كل انتخابات ركوب موجة المطالبة بالاصلاح والتغيير، وبالتالي دفن المحاصصة المقيتة بكل الوانها وتجلياتها، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية، هذه الموجة التي كانت الوليد البكر للحراك الجماهيري في ساحة التحرير وساحات الشرف الاخرى. لكن مراهنة هؤلاء الفاسدين على تدني مستوى الوعي السياسي والاجتماعي لدى المواطن العراقي، ومحاولات تعميقه من خلال الشحن الطائفي والقومي والعشائري سوف لن يكتب لها النجاح كما كان الحال في المرات السابقة. فاربع عشرة سنة من التدهور في شتى المجالات، وتراجع الامور من سيىء الى أسوأ، ربما كانت كافية لأن تفتح حدقات العيون على سعتها، وتجعل اكثر المخدوعين بهم ينتفضون ويلقون بهم او ببعضهم على الاقل في مزابل النسيان.
ان الخطابات الرنانة، والصراخ الذي يصم الآذان، من قبل سارقي الشعارات المدنية الديمقراطية والوطنية والهادفة الى تبييض وجوههم الكالحة وتسويق انفسهم مجدداً، تحولت في الكثير من الاحيان الى ما يثير القرف في النفوس، وليس نادراً ما يجري تشبيههم بالعاهر التي تحاضر عن الفضيلة!
لقد بدأ الناس، يميزون بين مناضلي الحراك الجماهيري، وكل الذين ثبتوا على نهجهم ونضالهم، في الدفاع عن المصالح الجذرية للشعب والوطن، ونادوا بأعلى اصواتهم، بضرورة اصلاح العملية السياسية ومحاربة الفساد بجدية وتوفير الخدمات والامان والاستقرار لكل العراقيين، وانهاء المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة، وبين الدخلاء وسارقي قوتهم، ومصادري حقوقهم وكرامتهم.
ومن يتفحص ويدقق في سلة الاحزاب والتحالفات المجازة، سيرى الحقيقة واضحة وضوح الشمس، في ان غالبيتها العظمى، اما طائفية او قومية او عشائرية، وينفرد من بينها تحالف "سائرون"، وقد اجتاز بحر الطائفية والفساد، الى الصفة الاخرى، حيث الاضواء المتلألئة لعملية الاصلاح والتغيير، التي تفتح الطريق رحبا في حالة نجاحها، لقيام الدولة المدنية الديمقراطية ورايتها في العدالة الاجتماعية.

عرض مقالات: