أصبحت الادوية رفيقا طبيعيا وأساسيا للانسان، خاصة المتقدم في السن والمصاب بأمراض الشيخوخة. فتراه يتنقل بين الاطباء وعياداتهم باحثا عن الدواء والاستقرار الصحي، لضمان ايام وسنوات هادئة وصحة مستقرة.
لكن الواقع الصحي في العراق، بات اليوم قاسيا بكل تفاصيله. فالمريض يواجه تصاعدا غريبا ومفاجئا في أسعار الخدمات الطبية، مثل الاشعة والسونار والتحليلات المختبرية وملحقاتها. وقد توج الامر بحصول تصاعد مذهل في أسعار الادوية، وصل الى حد الانفلات. حيث تجد الدواء متوفرا في كل الصيدليات، لكنه يباع بأسعار متباينة، وذلك بحسب موقع الصيدلية ونسبة الطلب لديها، وخاصة ادوية الامراض المزمنة.. تلك الأدوية التي تتسرب من المؤسسات الرسمية لتجد من يحتاجها ويشتريها بأسعار يحددها المضاربون!
وبعد ندوات وصرخات ومطالبات وجهها المرضى من الفقراء وذوي الدخل المحدود، رضخت الجهات المختصة وذات العلاقة بالاعلان عن اصدار تسعيرة حكومية للادوية المتوفرة في الصيدليات، ولكن، وكما يبدو، اتضح لنا - نحن المواطنين - بأن اسعار الادوية اصبحت بعد التسعيرة اعلى مما كان قبلها. وقد بحثنا عن السبب ووجدناه معقولا ومقبولا لذوي الشأن. فيما نحن المكتوين بغلاء أسعار الدواء.. فلنا رب يحمينا!
ان الجهات ذات الاختصاص - ومنها وزارة الصحة ونقابة الصيادلة والعاملون في مجال استيراد الادوية - وضعت بعد سلسلة من الاجتماعات ضوابط على استيراد الادوية، وحددت نسبة للمستورد (الشركة) ولصاحب المذخر والصيدلية. وبفعل هذه النسب تضخمت المبالغ وارتفع سعر الدواء، وبهذا صار دواء اليوم أعلى سعرا من دواء الامس "يعني ما قبلنه بجزه.. قبلنه بجزه وخروف".. وفوق هذا وذاك نجد ان الدواء الوارد الى العراق من مناشئ متنوعة، بعضه رديء ودون المستوى المطلوب، وذلك لغياب الرقابة والتقييس والسيطرة النوعية.
كذلك عرفنا من بعض المصادر ان الكثير من الادوية المستوردة هي في نهاية عمرها الانتاجي (يعني اكسباير)، وان البعض من ذوي النفوس الضعيفة يعمل على تغيير تاريخ الانتاج والصلاحية، ما يعرض حياة الناس الى الخطر. بينما يساهم في هذا التزوير البعض من العاملين في مهنة الصيدلة. واثبتت الايام والاحداث ان البعض من المتنفذين والمتخصصين في المجال الصحي الحيوي، يرتكبون الكثير من الاخطاء والانحرافات في مجال عملهم، فيما يتطلب منهم ان يكونوا اكثر حرصا واخلاصا لمن ائتمنهم على صحة الناس!
من هنا نطالب بمحاسبة المقصرين والفاسدين، وبإعادة النظر في أسعار الدواء.. وهذا مطلب الجماهير والفقراء منهم على وجه الخصوص.