اعلن مجلس النواب عن تشكيل ثلاث لجان للتحقيق في عدة ملفات تشوبها تهمة الفساد تتعلق بالبنك المركزي ومن بينها ملف نافذة بيع العملات الاجنبية التي تلاحقها تهم الفساد وتهريب العملات الاجنبية وتورط فيها عدد من البنوك الاهلية وشخصيات متهمة بغسيل الاموال فضحها امام الرأي العام الراحل احمد الجلبي مطلع تشرين الثاني 2015 الا ان مجلس القضاء الأعلى لم يعلن حتى هذه اللحظة عن نتائج التحقيقات التي توصلت اليها اللجنة التي شكلها المجلس .
ومما يؤكد تلك التهم التصريحات التي ادلى بها محافظ البنك المركزي بالوكالة علي العلاق في الثالث من آذار من العام نفسه والتي كشف فيها ان الكثير من العملة الصعبة يتم تهريبها الى خارج العراق واستخدامها في عمليات فساد وان البنك بصدد وضع آليات جديدة لبيع العملة عن طريق الحوالات بدلا من المستندات لكن جرى التخلي عن هذه الآلية في عام 2016 عندما عاد البنك لاعتماد الاعتمادات المستندية بدلا من الحوالات . وفي هذه التصريحات انتقد العلاق بيع العملة عن طريق المزاد مبينا ان اللجوء الى هذه الآلية في العديد من الدول يتم كحالة استثنائية الغاية منها خلق توازن واستقرار العملة وان الجزء الاخطر من هذه الالية هو البيع النقدي للدولار الذي وصل الى مبالغ قياسية بلغت 15 مليار دولار سنويا وهي كبيرة جدا قياسا الى وارداتنا من الدولار .
ويظهر ان تلك التصريحات لم تجد لها تجسيدا في الواقع فان ظاهرة غسيل الاموال استمرت وبطرق ملتوية يمتهنها فاسدون، فحسب توصيف معهد الحوكمة في مدينة بازل(سويسرا) فان العراق يصنف بموجب هذا التوصيف في المرتبة السادسة عالميا وتشير التقارير المحلية والدولية الى ان حجم الاموال المهربة والمسروقة التي تندرج تحت ظاهرة غسيل الاموال وصل الى 180 مليار دولار وان هناك 160 مسؤولا حكوميا كبيرا بين وزير ووكيل وزير ومدير عام يمارسون هذه الطرق وان المعدل الشهري للاموال المهدورة بحسب الخبراء الدوليين وصل الى 4 مليارات دولار مما انعكست اثاره التدميرية على الوضع الاقتصادي والسياسي والامني واكثرها بشاعة التدهور في مستوى معيشة العراقيين التي زادت نسبة الفقر بينهم الى 30 في المائة .
ان تهريب الاموال يتم عن طريق قنوات عديدة ومنها التجارة وشركات صيرفة وهمية وشركات تحويل الاموال وعمليات استيراد وهمية حيث بلغ حجم الاموال المحولة لاغراض الاستيراد للقطاع الخاص 279 مليار دولار نصفها تذهب الى تهريب الاموال الى الخارج حسب مصادر عدة.
ان ضعف النظام الضريبي في العراق القديم الجديد وضعف الرقابة المصرفية وضعف الاجراءات القضائية بحق الفاسدين والقائمين بتهريب العملة الصعبة دون رادع كلها ساهمت في التدهور الاقتصادي والاجتماعي المتلازم مع ظهور طبقات اجتماعية طفيلية وبيرقراطية فاسدة تقابلها طبقات فقيرة مهمشة تعيش على عطايا الدولة مما يتعين مراجعة جادة للسياسات المالية والنقدية والتجارية واليات واجراءات نذكر من بينها :
قيام الحكومة العراقية بعقد اتفاقيات مع حكومات الدول التي تهرب اليها الاموال لغرض دعم تشريعات محاربة غسيل الاموال واتخاذ الاجراءات العقابية المنسقة بحق الاشخاص المتهمين بغسيل الاموال ومن يسهم في دعمهم اشخاصا او بنوكا .
تشديد الرقابة على المصارف الاهلية بالاعتماد على الاجهزة الالكترونية في متابعة المعاملات البنكية ومحاسبة المصارف التي تمارس غسيل الاموال والغاء التصاريح الممنوحة لها وتعقب شركات الصيرفة والتحاويل غير المرخصة واتخاذ العقوبات القانونية بحقها .
تفعيل دور القضاء وهيئات النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين والتنسيق بينها في محاربة الفاسدين ابتداء من السياسيين الذين يحمون الفاسدين ويمنحونهم حصانة غير مشروعة ورفع شعار من اين لك هذا واعتباره من المبادئ القانونية الواجبة .
ايلاء اهمية قصوى في بناء السياسة التجارية على ان تكون التحويلات التجارية محددة بالبضائع التي يحتاجها السوق المحلي او التي لا تنتج محليا، ومن مناشئ رصينة للحد من السلع الكهربائية الرديئة التي تستهلك طاقة كهربائية عالية في ظل ازمة الطاقة .

عرض مقالات: