الى حد اللحظة، ما زالت مفاوضات إستكمال الكابينة الحكومية (الوزارات الثماني المتبقية) تدور بشكل محموم بين جميع الأطراف المعنية؛ عبد المهدي-القوى السياسية -الكتل السياسية- ممثلو الدول الداعمة للعملية السياسية في العراق. كل هؤلاء مشتركون حتى أرنبة أنوفهم في كل التفاصيل المتعلقة بتوزيع الحقائب المتبقية. ولدينا هنا تناقضان واضحان؛ الأول مصدره حكومي يحاول أن يقول: إن الحكومة ماشية على السكّة، سواء استكملت الحقائب الوزارية أم لم تستكمل. وإن الوزارات الشاغرة تدار حالياً بالوكالة من قبل وزراء آخرين. في المقابل، هناك ما يناقض هذا القول، لأننا نجد حمّى الصراع تدخل أبواباً جديدة، وهو أمر يناقض تمشية الحال الذي تدعيه الحكومة.
على الكفة الأهم، لدينا برنامج حكومي ينتظر التنفيذ، فإذا كان هذا البرنامج (لا يحتاج) لوجود الوزير ففيم هذا الاقتتال التفاوضي من أجل المنصب؟ وإن كان البرنامج (يحتاج) وجود الوزير، فنحن إزاء انسداد لن نتحرك منه ما لم تنجز العملية السياسية استكمال الوزارات.
هذه كلها تدور بعيداً عن المصارحة مع الناس، وهو نهج وميراث صارا تراثاً سيئاً تتناقله الطبقة السياسية، ومعها رؤوس المسؤولية، فلا تكلّف نفسها عناء الشرح للمواطن، ولا تقول: انتظرنا فإننا سنتقاسم ونعود اليك بنتائج القسمة، قسمتك غامقة اللون!
الشفافية في التعامل مع الناس تعني احترامهم، واحترام حقهم في أن يعرفوا. لأن الشعب هو مصدر السلطات، وطالما أن الشعب هو من ينتخب، فهو مصدر السلطات، ولا توجد لدينا سلطة غيره يمكن أن تتحكم في المقادير وفقاً للدستور والقانون.
إذا كنا سنسير على نهج الحكومات السابقة، حذو النعل للنعل، في الإخفاء وإظهار الابتسامات فقط، فإننا سرعان ما سنرى أنفسنا في ذات المآزق التي وقعت فيها الحكومات السابقة. إلاّ اذا كان هناك شيء جديد يجمع ما بين الكتمان ومصلحة الناس. هذه في العادة حالة تشابه عالم روايات جورج أورويل، حيث أن الأخ الأكبر هو من يراقب كل شيء وهو من يسمح (أو لا يسمح) لنا بأن نعرف. بقي أن نقول إن نتائج الكتمان في اختيار الوزراء ذهبت الى ترشيح أربعة وزراء تدور حولهم أسئلة شتى. والأكثر تعاسة في الموضوع، أنهم لم يكلّفوا أنفسهم عناء رد التهم عن أنفسهم، أو الإجابة على التساؤلات حول مواقفهم القانونية من المساءلة والعدالة، ومن المطلوبية القضائية. هؤلاء أجادوا اللعبة من اليوم الأول.

عرض مقالات: