استطاع مجلس الخدمة العامة في السابق ان يكون جهة متميزة وقادرة على ضمان تدفق مرشحي الوظائف العامة من خلال دقة الاختيار للموظفين العامين، عبر الاختبارات والامتحانات المتواصلة سواء عند التعيين او الترقية او شغل الوظائف الاعلى ضمن السلم الوظيفي.

وبفضل جهود القيمين على مجلس الخدمة نجح العمل الإداري وتوفرت العدالة امام المراجعين واخذ كل ذي حق حقه بعيدا عن الذاتية والمصالح الشخصية والدوافع الحزبية والطائفية والعشائرية والمناطقية.

اليوم تغير الحال حين غاب مجلس الخدمة المدنية بسبب بعض المتحكمين من عشاق الارتجال والفوضى والذين تحمسوا لإلغائه، وذلك لإفساح المجال أمامهم للتلاعب بالتعيين وإسنادها للمقربين والمفضلين لديهم وابعاد المستحقين أصحاب الكفاءات.

السنوات تمضي ما يعني ان كفاءات الأمس شاخت، لذا يتطلب الأمر اعتماد سياسة التعويض بالأفضل وليس العكس ووجب وضع الحلول لمشاكل ضعف كفاءة العاملين وقدراتهم، لما لهذه المشكلة من  ردود سلبية في تدني مستوى الدوائر وفقر نتاجها للمراجعين، فالواقع الحالي لبعض الدوائر الخدمية والرسمية يبدو متواضعا وضعيفا وبعيدا عن الكفاءة والمعرفة والعلمية، خاصة حينما يراجع احد المواطنين دائرة معنية فيصطدم بمجموعة من الموظفين البسطاء من غير العارفين ولا الدارسين ولا المتخصصين بالقوانين ولا المطلعين على التعليمات ولا آخر المستجدات، ما يجعل المواطن يترحم على الأيام السابقة، عند مقارنة موظفي اليوم بموظفي الأمس من أصحاب الكفاءات الوظيفية والإمكانيات العالية وانجاز المعاملات باقل الهفوات والاخطاء.

دعوة الى الجهات المسؤولة والمعنية بالامر للبحث عن طرق وأساليب علمية وتوجهات اصولية تبدأ من حسن اختيار الموظف الجديد ووفق معايير دقيقة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب والحرص على اختيار الشخص المؤهل للوظيفة، والاهتمام بحسن اختيار مسؤولي الشعب والاقسام على اساس الكفاءة والقدرة، وليس القرابة والعلاقات، مع ضرورة تطوير قدرات الموظفين بإدخالهم في دورات دراسية وتطويرية وتأهيلية ولأي موقع جديد، لان ما يفتقده الموظفون الجدد هو الخبرة والمستوى الدراسي المناسب للوظيفة بالاضافة الى الرغبة في التعلم واكتساب الخبرات.

المطلوب من الجهات الحكومية خطوات جدية نحو التحضر والتقدم واللحاق بركب البلدان المتطورة وهذا لا يتم الا من خلال انبثاق مجلس الخدمة المدنية الذي كان في يوم من الايام الميزان الفاصل بوضع كفاءات وخبرات وشخصيات تليق بالمستوى الوظيفي التي تشغله ولتحقيق العدالة ولو بواقع نسبي، كما سيقطع الطريق امام المحسوبية والمنسوبية التي تسببت في اهدار ساعات رسمية وأيام واضاعت الحقوق والواجبات بقرارات خاطئة ونتائج فاشلة.

عراقنا اليوم بحاجة ماسة الى انصاف ابنائه واختيار الاكفأ والافضل لشغل الوظيفة العامة.

عرض مقالات: