لم تختلف القوى السياسية الفاعلة في شأن ترشيح الدكتور عادل عبد المهدي لرئاسة مجلس الوزراء. وحظي ترشيحه للمنصب بدعم لم يحصل عليه أيٌّ ممن كلفوا سابقا بهذه المهمة. وفوق ذلك، وكما أفاد هو عند عرضه المنهاج الحكومي امام مجلس النواب يوم ٢٤ الشهر الجاري، لم يفرض عليه أحد من سائرون والحكمة وبدر والنصر تسمية أي وزير، بل منحوه حقاً حصرياً في اختيار من يريد في اطار استحقاقهم الانتخابي.

ولو احصينا عدد نواب هذه الكتل، وطرحنا منه عدد النواب الذين انسحبوا من كتلة النصر، لوجدناه يفوق المائة، اما اذا عدنا الى الكتل التي أبدت دعمها له، وأضفنا نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، اللذين يحتفظ السيد عبد المهدي بعلاقات تاريخية مع قيادتيهما، لوجدنا عدد النواب الداعمين له بدون تحفظ يقترب من المائة والخمسين، ما يوفر له دعما برلمانيا مريحا، يمكنه من اختيار ما لا يقل عن ١٢ وزيرا من اصل ٢٢ يشكلون العدد الكلي للوزارة.

غير انه لم يشكل الوزارة وفق هذا الحسابات، مع انها ليست صعبة ولا غائبة عنه. ولو كان اعتمدها لتمكن من تشكيل حكومة فعالة قادرة على تنفيذ برنامجه الحكومي.

لم تجر الأمور للأسف بهذه الطريقة، فقوى المحاصصة الطامعة بالمناصب سعت الى فرض نفسها من جديد، ومارست الضغوط لتدفع الامور على سكة المحاصصة ذاتها، التي ارهقت الشعب والبلد بمساوئها وتداعياتها الكارثية.  

وهكذا لم تلبّ التشكيلة الوزارية غير الكاملة أمل المتطلعين الى الإصلاح الا جزئيا، بعد ان لم تضم عددا كافيا من الوزراء الذين يحضون بثقة الشعب. في حين عبر الشارع عن عدم رضاه عن ترشيح وزراء تدور حولهم شبهات تطرف وعنف وفساد، وإن لم يفقد الامل برؤية اصلاح حقيقي.

نعم، لم يخرج رموز المحاصصة من الجولة خالي الوفاض، لكن ازمة النظام السياسي، وسعة الفساد وعمقه واثاره التدميرية، لا تسمحان لاحد ان يجامل على حساب ضمان الامن وتحسين الخدمات وتوفيرها، لا سيما تلك الضرورية المتعلقة بالمعيشة والحياة وحفظ الكرامة.

وان امام رئيس الوزراء اليوم، وقد نالت حكومته الثقة، مهمة استكمال تشكيلها بإسناد الحقائب الثماني المتبقية الى وزراء يمتازون بالنزاهة والاستقامة والخبرة والكفاءة، لتكون قادرة على تنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي يخرج النظام من ازماته المستفحلة، ويضع البلد على جادة التغيير والتطوير والتنمية. ومن دون الاصلاح والتغيير الملموسين المنشودين، لن يتحمل الشعب ممثلا بحركاته الاجتماعية واطرها المتنوعة، بقاء حكومة تتشبث بطريقة الحكم التي عفا عليها الزمن، والتي عجزت عن تقديم الخدمات وحصدت الفشل ولم تنتج سوى الفساد والخراب.

 

 

عرض مقالات: