في لقائه مع عدد من الصحفيين في بغداد، صرح الدكتور حيدر العبادي أن حكومته لن تجازف بمصالح الشعب العراقي لإرضاء ايران، او اي دول اخرى. واضاف، ليس من حق أية دولة جارة ان تقطع مياه نهر الكارون عن شط العرب وتسبب ازمة مياه خانقة، "وسنتحدث مع الايرانيين بخصوص ذلك".

وقبل هذا كان العبادي قد اتخذ موقفاً وطنياً آخر بشأن الالتزام بالعقوبات الامريكية على ايران، رغم ادانته لها، ومعرفته التامة بأن الحصارات الاقتصادية تستهدف الشعوب بالدرجة الاولى وليس الحكام، ولنا في العراق تجربة هي الاكثر مرارة في عالمنا المعاصر.

وبسبب هذين الموقفين الوطنيين، شنت عليه حملة اعلامية ظالمة، من لدن المعنيين وحلفائهم داخل العراق، استهدفت في الاساس التشهير به، والسعي لاضعاف حظوظه في ولاية ثانية. ورغم استدراكه واتخاذه عدة اجراءات لارضاء اصحاب الشأن لا سيما قيامه بارسال وفد رفيع المستوى الى واشنطن، لاستثناء العراق من تطبيق العقوبات على ايران، الا ان هذه المساعي ذهبت ادراج الرياح.

وقد اتخذت بعض التصريحات المقابلة طابعا شديد اللهجة ونابياً، لا يليق استخدامه في العلاقات بين دول الجوار ولا غيرها من الدول. مشفوعاً بمواقف واجراءات لا تعدو كونها وسائل ضغط وابتزاز للجانب العراقي، من قبيل المطالبة بتعويضات عن الحرب العراقية – الايرانية بأرقام فلكية تتجاوز تريليون دولار واتهام العراق بالتماهل في اطفاء الحرائق التي نشبت في بعض الأهوار العراقية والمشتركة، بالاضافة الى قطع امدادات الكهرباء بحجة وجود حاجة داخلية اليها، لكن توقيتها يفضح الهدف المراد منها.

واذا اضفنا مطالبة مسؤولين ايرانيين الحكومة العراقية بتوفير المياه الكافية لـ هور العظيم، الذي تقع ثلثاه في الاراضي العراقية، والثلث المتبقي في ايران، في وقت قطعت فيه نهري الكارون والكرخة، ومعهما ما يقارب الاربعين رافداً كانت تصب في الاراضي والانهر العراقية، يتضح لنا حجم الكوميديا السوداء التي يراد تمثيلها على ارض العراق، ومن قبل كل الدول المجاورة دون استثناء، لأن تشرذم البيت العراقي الداخلي وانشغال اطرافه بصراعات لامبدأية وبعيدة كل البعد عن مصالح الشعب والوطن، تغري هؤلاء جميعاً بالعبث بمقدرات العراقيين والعمل على رسم حاضرهم ومستقبلهم من وراء الحدود.

يأخذك العجب، وانت ترى وتسمع بعض الساسة العراقيين يدافعون عن حقوق، بل اطماع الدول المجاورة على حساب شعبهم العراقي، ومنها قضية التعويضات، التي يرى هؤلاء الاخوة ان من حق ايران ان تطالب بها العراق وهو الذي عانى شعبه من هذه الحرب العدوانية اضعاف معاناة الايرانيين.

لو كان هناك شيء من العدل والانصاف في السياستين الدولية والاقليمية لتحتم على دول الخليج ومعها ايران، دفع تعويضات مجزية الى العراق، لأن الاولى ورطته بحرب الثمان سنوات، والثانية لمسؤوليتها في ادامة تلك الحرب وما سببته من دمار وخراب في كلا البلدين.

عرض مقالات: