- افرزت وحدانية التطور الرأسمالي كثرة من الموضوعات الفكرية - السياسية التي تتطلب سجالات فكرية لغرض ترصين وحدة الكفاح الوطني - الديمقراطي المناهض لقوانين وحدانية التطور الرأسمالي.

- بهذا السياق جابهت الاحزاب الاشتراكية مسائل فكرية كثيرة نابعة من تبدلات مراحل التطور الرأسمالي وتجلياته السياسية. واستنادا الى ذلك انقسمت الحركة الاشتراكية الى فصلين كبيرين بسبب الحربين العالميتين والموقف منها، توصيفهما، طبيعتهما، والقوى الساندة لها الى أحزاب شيوعية وأخرى اشتراكية ديمقراطية.

- الانقسامات الفكرية - السياسية الكبرى واكبتها انقسامات في البرامج السياسية حول طبيعة الدولة ودورها في التحولات الاجتماعية، أساليب استلامها، مضامينها الطبقية فضلا عن هيمنتها الاقتصادية.

استنادا الى التباينات الفكرية الكبرى والانقسامات السياسية في الحركة الاشتراكية وعدم وجود رؤية فكرية موحدة نحاول التوقف عند مضامين الانتقالات الكبرى للتوسع الرأسمالي وتأثيره على فكر القوى الديمقراطية.

1

التوسع الرأسمالي ونزعته التدخلية.

بات معروفا ان النزعة العسكرية والروح التدخلية في شؤن الدول الأخرى صفتان متلازمتان والتوسع الرأسمالي وما انتجه ذلك التلازم من نزاعات دولية وحروب أهلية.

- لقد شهدت الفترة التاريخية المنصرمة شكلان مترابطان من التدخل الدولي والنزعة التوسعية تتجسدان ب-

ا– النزعة التدخلية وخيار التطور الاجتماعي.

عمدت الدول الرأسمالية الكبرى الى التدخل في نهوج التطور الاجتماعي عبر ارغام الدول الوطنية على تبني طريق التطور الرأسمالي والابتعاد عن التطور الاشتراكي وقد اسفرت التدخلات الخارجية الحروب الاهلية والنزاعات الاجتماعية التي عرضت السلام العالمي الى مخطر الحروب الدولية.

- رغم وحدة الدول الرأسمالية الكبرى المناهضة للتطور الاشتراكي الا ان سياسة الدول الاشتراكية عملت على تخفيف حدة النزاعات الدولية والمنافسة السياسية بين الدول، ساعية الى خيار التطور الاجتماعي المتوافق والشرعية الدولية.

بكلام مكثف اتسمت الصراعات الدولية في مرحلة ازدواجية التطور الاجتماعي بالتدخل في الشؤن الداخلية بهدف منع الدول الوطنية من تبني خيار التطور الاشتراكي.

ب- التوسع الرأسمالي والعولمة الرأسمالية.

أدى انهيار الخيار التطور الاشتراكي الى اشتداد النزعات التدخلية لغرض ارغام الدول الوطنية على تبني خيار التطور الرأسمالي المتلازم ونهوج التبعية الالحاق.

- تشهد العلاقات الدولية سباقاً نحو الحاق الدول الاشتراكية السابقة بالتكتلات الاقتصادية والاحلاف العسكرية حيث عمدت دول التحالف الأطلسي الكبرى الى بناء علاقات مختلفة بينها وبين الدول الاشتراكية السابقة عبر طريقين الأول منهما ضمها للتحالف الاطلسي وربطها بعقيدته الدفاعية، وثانيهما تحويل أسواقها الوطنية الى أسوق مفتوحة لتصريف منتجات دول الرأسمالية الكبرى.

ان الصراع العسكري الروسي – الاوكراني الذي تغذي تطوره المنافسة الرأسمالية بين الرأسمالية الروسية الفتية التي تشعر بالاختناق من سياسة التحالف الأطلسي وما ينتجه من تحجيم علاقاتها الدولية الاخذة في التطور.

- ان الطور الجديد من التوسع الرأسمالي المتزامن وتفكك النظم الاشتراكية يترابط والتدخل في شؤن الدول الوطنية بهدف تحويلها الى شريك مناهض للأحزاب اليسارية الديمقراطية معتمدا على انظمة سياسية إرهابية.

خلاصة القول ان الصراع الدولي الراهن بين التحالف الأطلسي وبين روسيا والصين يهدف الى ادامة سيطرة القطب الواحد في السياسة الدولية متزامناً ووقوف التحالف الأطلسي الى جانب الطبقات الفرعية في الدول الوطنية.

ان المخاطر المشار اليها أسهمت في تعدد الرؤى والسياسيات التي تنتهجها الأحزاب الاشتراكية عليه لابد من التوقف عند فكر الحركة الاشتراكية وموقفها إزاء الطور الجديد من التوسع الرأسمالي.

2

اثار التدخل الروسي في اكرانيا تبايناً في تحليل دوافعه رغم اتفاق القوى الاشتراكية على مناهضة الحرب والتدخلات الدولية الا التدخل العسكري الروسي اثار رؤى فكرية تمثلت بثلاث مواقف أساسية –

1- موقف اشتراكي مؤيداً للتدخل الروسي دعا اليه الحزب الشيوعي الروسي مؤكداً شجبه للتدخلات الأطلسية الهادفة الى تفكك وحدة الدولة الاتحادية الروسية.

2- موقف رافض للتدخلات الدولية في الشؤون الوطنية بغض النظر عن طبيعة نظمها السياسية وخيارات تطورها الاجتماعي وطبيعة نظمها السياسية.

3-- موقف ثالث شاجب للتدخلات الدولية في الشؤن الداخلية منطلقا من أولية العامل الدولي وتأثيره على التغيرات الداخلية.

- ان اختلاف مواقف الأحزاب الاشتراكية من التدخل العسكري الروسي تستمد حيويتها من طبيعة العلاقات الدولية المتسمة ب—

-- سيادة التطور الرأسمالي عالميا وهيمنته على تطور السياسة الدولية.

-- عدم اكتمال عدة فكرية لكفاح القوى الاشتراكية الهادف لبناء أنظمة اجتماعية عادلة.

- تحول روسيا الاتحادية الى دولة رأسمالية تبحث عن مصالحها الدولية وتناقضها وسياسة التحالف الأطلسي المتسمة بالهيمنة والتدخل بالشؤن الوطنية.

- سعي التحالف الأطلسي الى تفكيك روسيا الاتحادية وتحجيم دورها في العلاقات الدولية فضلا عن إعاقة تحالفها مع الصين الشعبية.

--ضعف التضامن الاممي رغم شراسة القوى الامبريالية الامر الذي يشترط بناء تحالفات دولية مناهضا للعسكرة والتدخل في الشؤن الوطنية.

- تشترط التغيرات الجديدة بناء رؤية فكرية لطبيعة النزاعات الدولية أجدها تتمثل - ب

أولاً- تتسم النزاعات الحالية بين الدول الرأسمالية كونها نزاعات على الهيمنة الدولية بصيغة التبعية والألحاق.  

ثانياً- تشترط السياسة الدولية الجديدة بناء دول وطنية تبتعد عن التحالفات العسكرية وتسعى الى بناء تنمية وطنية ترتكز على صيانة سيادة البلاد الوطنية.  

ثالثاً—مناهضة سياسية العسكرة والتدخلات الدولية في الشؤن الوطنية واحترام توازن مصالح طبقات تشكيلاتها الاجتماعية.

رابعاً- بناء شرعية دولية رافضة للتداخلات الدولية والتركيز على صيانة السلم العالمي.

ان الآراء والأفكار الواردة في متن المقال تستمد شرعيتها من وحدانية التطور الرأسمالي ومخاطره الدولية مرتكزا على تباين اراء فصائل الحركة الاشتراكية الأممية.

عرض مقالات: