بدأً يجدر بنا ان نذكر اركان الدولة الثلاثة الارض الجغرافيا المحددة والشعب الامة التي تعيش على جغرافيا معلومة الحدود والدستور او الحكومة التي تقوم بحفظ الامن والخدمات  بعد ان تنازل الافراد لها ببعض حقوقهم وفق عقد إجتماعي وبذلك فالحكومة هي الممثل الشرعي للشخص المعنوي(الدولة ) في المحافل الدولية وخوض الحروب اذا تعرضت الدولة لاي اعتداء خارجي. لكن عندما يحصل خلل بأحد اركان الدولة او بالاكانها جميعها حيث ,هنالك عدداً من الأسباب تقف وراء تفكك الدولة, والفرضية الأساسية التي تُمثِّل ركيزة لإنهاء الاستعمار هي أن أوضاع الشعب ستزدهر حينما يكون قادراً على حكم نفسه بنفسه. ولكن، خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لم تحظَ فكرة (الشعب ) ومكوناته بإنتباه كبير، ووضعت القليل من  الاستراتيجيات من جانب السلطات الاستعمارية العائدة إلى ديارها لتمكين الدول المستقلة حديثاً من التحول إلى كيانات ناضجة ومستقرة. وقاد الفشل في التعامل مع هذه المشكلة إلى عدد من الحروب الأهلية التي كان مبررها حق تقرير المصير. وقد أخفت الحرب الباردة هذه المشكلة عن الأنظار إلى درجة ما. وتدفقت المساعدات من القوى العظمى إلى قادة تلك الدول وساعدت على توطيد حكمهم. وفي الحقيقة، استفاد بعض قادة هذه الدول استفادةً كبيرة من الحرب الباردة. بيد أن نهاية هذه الأخيرة وخسارة المساعدات الأجنبية معها كشفت الهشاشة الحقيقية عند هذه الدول. وغالباً ما يضاف عامل مساعد آخر إلى نهاية الحرب الباردة، وهو مشكلة الديمقراطية وتشَدد أشكال الحكم الديمقراطي على حق المواطنين بالمساهمة في آلية صنع القرار. بيد أن الدول ذات حكم الفرد الواحد تمارس قبضة ضيقة جداً على السلطة. وهكذا يتم الحصول على الإستقرار بواسطة التسلط والرعب. لكن الانتقال من حكم الفرد الواحد الأوتوقراطي إلى الديمقراطية غالباً ما يترك الدولة من دون رؤية واضحة للطرف الذي يجب أن يمسك بالسلطة. وهكذا، فإن الدخول بحالة (فراغ من السلطة ) يُقدِّم الفرص للجماعات الساخطة كي تحاول الاستيلاء على الحكم.  تجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ هناك عامِلَين آخرين لفشل الدولة ، الأول هو سوء الإدارة والفساد؛ والثاني هو النظام الرأسمالي العالمي، طالما أن المديونية الكبيرة التي تمثل سمة العديد من هذه الدول الضعيفة تهدد بشدة قدرتها على النمو. وإذ تنتمي الدول الفاشلة إلى طبقة خاصة بها، ان العديد من الدول الفاشلة يقع في أفريقيا وانهارت بشكل خطير. وهي انتقلت إلى حالة من الفوضى، مثل مالي والصومال. وتناقش الدراسات السياسية مدى واسعاً من الخيارات، ابتداءً بالاحتواء والعزل وتقديم المساعدات الأجنبية وانتداب بعض السلطات الحكومية إلى الأمم المتحدة وحتى إعادة إدخال أنظمة الوصاية الخاضعة للأمم المتحدة إليها. أن البلدان التي وضعتها الجغرافيا قرب الدول الفاشلة تتضرر اقتصادياً وأمنياً، أما إذا ما انهارت دولة مثل نيجيريا، التي تُعتبر من أكثر البلدان فساداً، فإن ذلك سيعود بعواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي لما تمثله من ثقل لا يستهان به في الأسواق النفطية العالمية. يَعتَبر الخبراء أنه من الصعب تحديد مفهوم "الدولة الفاشلة"، فهم يقولون إن قلة فقط من الدول تدخل في هذا التصنيف لعل أهمها وأكثرها جلاءً الصومال التي تُجسِّد كل سمات الدولة الفاشلة حيث انه من الصعب حكمها وتطبيق مباديء الحوكمة فيها. يختلف الوضع تماما في أرض الصومال الحر وإقليم "بونتلاند" اللذين انفصلا عن دولة الصومال واللذين يتمتعان ببعض الهدوء والاستقرار على عكس بقية مناطق البلاد رغم أن عصابات القرصنة البحرية تنشط أيضا في سواحلهما.

والدولة الفاشلة تعني إنها لم تعد قادرة على الحفاظ على نفسها كوحدة سياسية واقتصادية قابلة للحياة. إنها دولة أصبحت غير قابلة للحكم تنقصها الشرعية في عيون المجتمع الدولي. في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، مثل كمبوديا، هاييتي، رواندا وسيراليون. ولفهم الطابع الدقيق لدولة فاشلة، ينبغي مقارنتها  بنقيضها، أي الدولة القابلة للحياة التي تستطيع أن تحافظ على سيطرتها على حدودها الاقليمية وأن تؤمن مستوى لائقاً من الخدمات كالخدمات الصحية والتربوية لشعبها، وهي دولة تملك أيضاً بنية تحتية متماسكة واقتصاداً عاملين، وهي قادرة على الحفاظ على القانون والنظام. وتكون دولة من هذا النوع متماسكة اجتماعياً وصاحبة نظام سياسي داخلي مستقر. وهي عاجزة عن تأمين الاحتياجات الأساسية أو الخدمات الضرورية لمواطنيها، ولا تملك أي بنية تحتية عاملة ولا نظاماً, ولا أنظمة قانونية ذات مصداقية وفي بعض الحالات، تقع السلطة بين أيدي مجرمين وأمراء حرب وعصابات مسلحة أو متطرفين دينيين. وقد تقع بعض هذه البلدان في براثن الحروب الأهلية لسنوات عديدة. أكثر مظاهر تفكك الدولة إيلاماً هو ما تسببه من عذابات كبيرة للمدنيين في أغلب الحالات سيكون من الخطأ الاعتقاد أن تفكك دولة ما حدث داخلي بالكامل. بل على العكس، يحمل هذا الأمر معه انعكاسات إقليمية وأحياناً دولية. فحين تستوطن الفوضى، يتدفق اللاجئون عبر الحدود هرباً من العنف. وغالباً ما ينتشر النزاع لتطال البلبلة الدول المجاورة في بداية التسعينيات، ضربت الحرب الأهلية مثلاً في رواندا الاستقرار الهش، أساس ما كان يدعى آنذاك زائير واليوم الكونغو. وقد تصبح الدول الفاشلة ملاذاً للعصابات الإجرامية وتجار المخدرات ومهربي السلاح. وغالباً ما يكون من الضروري انفاق جهد إنساني كبير وأموالاً طائلة لمساعدة السكان المدنيين. تفكك الدولة مشكلة بالنسبة إلى العديد من البلدان في النظام العالمي، وهي ليست مجرد مشكلة داخلية. لقد بقي  الخبراء الاستراتيجيون يعبِّرون عن مخاوفهم من ظاهرة الدول الفاشلة في عالمنا المعاصر وخاصة منذ نهاية الحرب الباردة في نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي. في البداية ساد الاعتقاد أن مناطق الحروب والفوضى تمثل خطرا على شعوب تلك البلدان نفسها أو الدول المجاورة لها، لكن منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية أعاد المفكرون الاستراتيجيون النظر في أطروحاتهم المتعلقة بالدول الفاشلة وأصبحوا يعتبرون أن تلك البؤر التي يستشري فيها العنف والجريمة والفوضى والحروب والفقر تمثل خطرا يتهدد أمن العالم واستقراره. لقد استخدم مثل هذا المنطق الاستراتيجي في تبرير التدخلات العسكرية باسم محاربة الارهاب والجريمة وغيرهما من المظاهر الأخرى التي تعتبر من سمات الدول الفاشلة.

فعلى سبيل المثال أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية قوات عسكرية إلى الصومال سنة 1992 من أجل مساعدة منظمة الأمم المتحدة على احتواء المجاعة غير أن الفوضى المسلحة في مقديشيو سرعان ما جعلت سلطات واشنطن تقرر الانسحاب من هناك على جناح السرعة.  خلال الأعوام الماضية نشطت الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المنطقة فراحت تنفذ غارات جوية في الصومال ضد مواقع يشتبه في أنها تمثل معسكرات للجهاديين، كما أن واشنطن أيدت الغزو الاثيوبي سنة 2006 من أجل ضرب المليشيات الاسلامية المتنامية التي استولت على السلطة. لقد أصبحت سواحل الصومال مرتعاً خصباً لعصابات القرصنة البحرية، الأمر الذي تسبب في اضطراب حركة الملاحة البحرية في قناة السويس، بل إن الصين نفسها اضطرت إلى إرسال سفن حربية إلى خليج عدن من أجل حماية بواخرها التجارية التي تجوب تلك المنطقة.  أفغانستان أيضا تشكل مثالا للدولة الفاشلة وما قد ينجم عنها من أخطار جسيمة، فالفقر المدقع وأعوام الحرب الأهلية اوجدا بيئة خصبة مهدت لظهور تنظيم القاعدة وتنامي دور حركة طالبان قبل أن يتطور الأمر بعد ذلك ليشكل خطرا يتهدد العالم بأسره وخاصة الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. اسهمت الحرب ومجازر الابادة في رواندا في انهيار جمهورية الكونجو الديمقراطية في تسعينيات القرن الماضي. لعل ما زاد من تفكك البلاد آنذاك الصراعات التي تفجرِّت من أجل السيطرة على الموارد الطبيعية التي تزخر بها الكونجو، إضافة إلى عدة دول أخرى مثل رواندا وبوروندي وأوغندا.

بعض الدول فاشلة من عدة أوجه وهي تعتبر مجرد حدود رسمها المستعمر بشكل اعتباطي على الورق. على سبيل المثال تسببت هذه الحدود المصطنعة في القارة الافريقية في تمزيق أوصال العديد من الجماعات الإثنية. عندما غادرت القوات الاستعمارية اندثرت السلطات البيروقراطية المرتبطة بها، الأمر الذي تسبب في استشراء الفقر وضعف الحكم، كما أن العديد من الدول المستقلة حديثا انزلقت في أتون الحروب الأهلية على غرار الكونغو وبوروندي ورواندا وليبيريا وسيراليون. تسببت الحرب الباردة أيضا في نشوب العديد من الحروب الأهلية وتأجيج الصراعات مثلما حدث في أنجولا والموزمبيق. انهارت الدولة في الصومال بشكل كامل بمجرد غياب الدور السوفيتي الداعم لنظام مقديشيو. بعبارة واحدة، الدولة الفاشلة هي تلك الدولة التي لا تستطيع القيام بوظائفها الأساسية حتي ولو تبني نظامها السياسي بعض المظاهر الاجرائية للديمقراطية، لذلك فان حالة الغضب وعدم الرضا التي تجتاح مصر الآن مرَكَّبَة وشديدة التعقيد، فبعضها يرجع الي فشل الدولة وبعضها يرجع الي الصراع السياسي الدائر علي السلطة وكلا السببين كان من الأسباب الرئيسية التي أدت الي اندلاع احتجاجات  25 يناير. كما أن الدخول في مرحلة الانتخابات والاستفتاءات والانتقال من ادارة المجلس العسكري الي إدارة الإخوان لم تفلح في تهدئة هذا الغضب. وإذا عدنا إلى شكوك البعض كنعوم تشومسكي وغيره أمكن القول إن الاهتمام الغربي الناشئ  بنجاح الدول الأخرى يعود إلى التداخل الطارئ بين وضع الدولة الداخلي وبين التهديد الأمني لمصالح الولايات المتحدة. فبعد انهيار نظام الحرب الباردة فإن التهديد لم يعد مركزاً في دولة واحدة، وإنما في دول متعددة، سواءً كان تهديداً إرهابياً أو اقتصادياً أو أمنياً. ومشكلة القراصنة الصومال تدل على أثر انهيار دولة على المصالح الأمنية لدول أخرى. إذا تجاوزنا مشكلة التوظيف السياسي للمؤشر، والتعريفات المتعددة للدولة ونجاحها فإن فكرة وجود مؤشر بحد ذاتها مضللة، ليس في هذه الحال فحسب وإنما المؤشرات الاجتماعية والسياسية والتنموية كافة التي تحاول أن تضع دولاً أو مجتمعات ذات ظروف تاريخية مختلفة وذات تحديات مختلفة ضمن قوالب مشتركة، ومنها مؤشرات التنمية الإنسانية التي أصبحت  دليلاً أساسياً لكثير من متخذي القرار والإعلاميين. بخصوص هذا المؤشر تحديداً فإنه يقيس حال الدولة من خلال 12 مؤشراً فرعياً، المهجرين، وجود جماعات انتقامية، نزيف بشري، تنمية غير متكافئة، سقوط اقتصادي، فقدان الشرعية، فشل الخدمات العامة، فقدان سيادة القانون وانتهاك حقوق الإنسان، جهاز أمني يعمل كدولة، صعود نخب متحزبة، تَدَخُل خارجي. هذه المؤشرات الفرعية أبرزت الأعراض وغيّبت الأسباب، مثلاً غيّبت قيادات سياسية فاشلة، أو طُغَم سياسية حاكمة، فمع أنه يمكن القول إنهما مشمولتان ضمن مؤشر غياب سيادة القانون، أو حكم الأحزاب أو الأقليات إلا أننا نعلم أن شخصية الحاكم ووجود حكم الطغمة يلعبان دوراً أساسياً في ما تؤول إليه أمور العالم الثالث، ووجودهما يحكي فشلاً للدولة مهما كانت الأمور الأخرى مستقرة، بل ربما يمثلان أهم عاملين في التخلف وسوء الأحوال. أيضاً تم تغييب عنصر النسيج الاجتماعي وهو عامل أساسي يضمن استقرار المجتمع حتى في حال غياب أو ضعف الدولة. وكثير من الأزمات التي تواجهها الدول إنما تبرز لما يُضعِف النسيج الاجتماعي ويصبح غير قادر على حماية نفسه، أيضاً هذه المؤشرات حاولت قياس أمور عائمة للغاية مثل شرعية الدولة الذي لا يمكن قياسه بدقة، كما أنه مفهوم نسبي للغاية، بحيث يستحيل جمع دولتين مثل دولة أوربية  والصومال ضمن قياس مشترك له، ومثله الديمقراطية فهي تثير جدلاً لا حول تعريفها فحسب، وإنما حول تأثير غيابها على فشل الدولة.