لمناسبة الذكرى (61) لتأسيسه وجه الاتحاد العام للادباء والكتاب نداءً جاء فيه:

يا أرباب الكلمة الحرة والأصيلة، وعرّابي الجمال والندى..
اليوم يتمُّ اتحادكم سنته الأولى بعد الستين، ليشمخ وعياً وإنسانيةً وعراقةً تنثر الورد في بساتين الندى، ومسيرةً تطرّز الحياة بالموقف والثقافة والمعرفة.
ويجيء هذا اليوم المبارك في ظل الظروف الصعبة التي تمرُّ بها البشرية جمعاء، ليمثّل نقطة احتفاء واحتفال بالصمود الذي أكّدت عليه كتابات الأدباء، وهي تتحدّى الوباء الجائح، وتصنع التواصل بالفكر، وتكسر العزلة بإشاعة ضوء الحروف، فلزم علينا أولاً أن نحيّيكم يا سعاة بريد المحبة لما سطّرتموه من ألق ومشروعات أدبية شهدت لها ساحات التواصل الحقيقي والافتراضي.
هذا وقد امتدت مواقفكم الوطنية برّاقةً على مدى أشهر قبل اليوم، وستستمر، إذ أنتم تقودون وتدعمون تظاهرات الشعب ضد الطغاة والمفسدين، فقد شهدت الساحات توهّج أفعالكم وعلوَّ أصواتكم من أجل حياة كريمة للمواطنين، ومن أجل إحقاق الحقِّ والقصاص من قتلة الشعب، ومحاسبة من أراقوا دماء الشهداء، ومن سرقوا قوت الفقراء، ومازالوا يتحكّمون بمصير البلاد، وقد فاحت دماؤكم الزكية شهداء بررة في سبيل الدفاع عن قيم العدل، واختطف منكم جمعٌ نخص منه زميلين عزيزين هما (مازن لطيف) و(توفيق التميمي) ونكرر مطالبتنا الدائمة بالكشف عن مصيرهما، ونحمّل الدولة كلها مسؤولية سلامتهما.

أيها الأدباء..

إنه لأمر ضروري أن نتنادى اليوم مستلهمين طروحاتكم لتأسيس مجلس ثقافي وطني، تجتمع تحت خيمته كل أصناف الثقافة، ويكون الضامن الأكيد لاستقلال القرار الثقافي، وإبعاده عن التدخل والبيروقراطية ومحاولات التحكّم، مجلس يأخذ دوره في صياغة المنهج الفاعل وتكوين الرؤى الممتدة من القاعدة نحو أعلى المستويات، إذ ليس من المنصف أن تظل الثقافة مرهونة بنظام قديم لم يعد مناسباً ولائقاً بحضارة أمة مجدها الفكر، وفخرها الحضارات، وقد ابتدأ اتحادكم مشوار الفاعلية نحو هذا المشروع الذي تواكبت الجهود المشكورة من أجله قبل الحين، وسيتواصل في سبيل تحقيقه مع كل ذوي الشأن، فللأدباء ريادة وسيادة لن يتنازلوا عنها.

فيا أيها الأدباء..

يا رعاة حقول الأمل، أنتم اليوم بتكاتفكم وتحدّيكم؛ إنما تعيدون النبض الأول والمستمر لاتحادكم الذي امتدت عقوده، لتمثّل تاريخ الحركة الأدبية العراقية، وهي تمنح الأدب العربي عناقيد التطوّر والارتقاء، وأنتم اليوم بصوتكم الصادح وتفانيكم المثمر قوة لا يستهان بها، وطاقة ساطعة وشامخة تقضُّ مضاجع المتنفّذين وهم يصرّون على بقاء الوطن في خانات الركود، فاستمروا هادرين مجلجلين؛ فالانتصار كل الانتصار باستمرار قيمكم التي وجب على الجميع التعلّم منها، فكما قارعت أقلامكم الشريفة الظلم والنظام الديكتاتوري الفاشي والتغييب وشراء المواقف والقسر الفكري وتكميم الأفواه، يستمر مدادكم بنشر العدل والوقوف مع الشعب وكنس المواقف المهادنة والزائفة والأماني الباطلة بالعودة إلى الخراب والخنوع؛ بسلطة الحقيقة التي جسّدتموها بنضالكم الأصيل.
وانطلاقاً من موقعكم السامي في المجتمع، نحوّل الكلمات إلى حناجر، والحناجر إلى عاصفة تطالب باسمكم أيها الناطقون بالضوء، ونوصل صوتكم ونقاتل من أجله بكل الوسائل السلمية السديدة، لضمان عيش لائق بكم، وبالناس أجمعين.
فيا أرباب السلطة، تذكّروا أنكم عمّالٌ للشعب، والأدباء نخبته..
فسارعوا لتحقيق النتائج الملموسة التي طالبنا ومازلنا نطالب بها حتى ننالها، وننتزعها بقوة الإصرار، لدعم الأدب والأدباء، وضعوا نصب أعينكم مطالب الناس في التحرر من التجاهل والإهمال.

واختتم النداء بالدعوة الى

إن الرعاية والضمان والسكن والعيش والطباعة والتأليف والرفاه والعلاج.. إلى غير ذلك حقوقٌ أساس، وواجبكم تعبيد الطرق لتمرير القوانين الساندة لها، فمن المخجل أن يعجز بلدٌ عُرف عنه صيته الثقافي عن إصدار ما يؤمّن لمثقّفيه حاجاتهم، التي هي حاجاتٌ تجيء لدعم الوطن، لا لتشكيل عالة عليه، واعلموا أن ثورة الأدباء متّقدة، وستمتد إلى أقصى الحدود حتى إنجاز كل ما يستلزم الأديب من ضرورات تنهض بواقعه، وان المقبل سيملأ الآفاق ويتنامى، ولا خيار إلا إيلاء الأدب مكانته التي لا تقل عن المصاف الأولى.