في الثلاثين من نيسان 1945 راية النصر الحمراء ترفرف على الرايشستاغ في برلين. وفي موسكو كانت الأمال معقودة على ان يكون الاول من ايار، يوم نضال الطبقة العاملة، والتضامن الأممي، واليوم الذي اعتبر منذ 1918عطلة رسمية في روسيا السوفيتية، يوم تحرير برلين. لكن القتال في شوارع المدنية كان مستمرا. والقوات الالمانية كانت ما تزال موجودة بين فسمار وهامبورك، وفي ولاية شليسفيغ هولشتاين ، وفي أجزاء من ساكسونيا وبافاريا ، وفي مناطق من لتوانيا. ولم تكن براغ محررة بعد، وكذلك المناطق النمساوية الواقعة شمال وجنوب نهر الدانوب. ولكن هزيمة المانيا الفاشية كان لا يمكن تجنبها.
وعلى الرغم من استمرار القتال في الأول من ايار في برلين ، إلا أن العرض المخطط لحامية موسكو وطلاب الكلية العسكرية أقيم في الساحة الحمراء. ولا يُعرف اليوم الكثير عن هذا الاحتفال، على عكس موكب النصر الذي جرى في 24 حزيران 1945. في الأول من ايار كان الجو في موسكو استثنائيا، كان يوم مشمسًا ودافئًا. وكان الغناء يسمع في كل مكان ، وكانت عشرات الآلاف من السكان في الشوارع يحتفلون مع القوات المسلحة - تمامًا مثل يوم النصر في 9 ايار (حسب توقيت موسكو، 8 ايار حسب توقيت وسط اوربا - المترجم). وقال احد المشاركين في المسيرة: "لم اعش سعادة بهذا القدر، لا قبل ولا بعد . لقد انتظرنا جميعًا هذا اليوم وأتى". وفي الساحة الحمراء ، حيا الجيش وأعضاء الحكومة وقيادة الحزب الشيوعي السوفياتي القوات المستعرضة. وشهدت مدن اخرى في الاتحاد السوفيتي احتفالات مماثلة.
في هذا اليوم ، التقى الألمان المناهضون للفاشية ، الذين تم تحريرهم للتو من السجون ومعسكرات الاعتقال النازية ، للاحتفال لأول مرة بعد اثني عشر عامًا من حكم الدكتاتورية الفاشية. وفي منطقة باغو الريفية التابعة الى مدينة بوتسدام تجمع في اكبر بيوتها (المضيف في الريف العراقي – المترجم) قرابة 100 معتقل محرر ليمضوا ليلتهم محتفلين. و كما افاد المؤرخ غنتر بنسر، تحدث في تلك اللية الشيوعي مارتن شمت والديمقراطي الاجتماعي اوتو بوخفتز ، مستذكرين ضحايا الفاشية، وتعهدوا بتحقيق وحدة الطبقة العاملة. وفي قبو في حي ليشتنبرغ في برلين ، احتفل الألمان المناهضون للفاشية والجنود السوفييت بعيد العمال. وتم الاحتفال أيضًا في معسكرات الاعتقال المحررة داخاو وبوخنفالد، وبالضد من رغبة القوات الأمريكية المتواجدة هناك. وكتب بسنر: " لم يسمح المتظاهرون باضطهادهم في منطقة نورهاوسن، في احتفالية جمعت المعتقلين المحررين من معتقل دورو وسكان المدينة من المعادين للفاشية". وفي مناطق اخرى مثل ايرفورت استطاع المناهضون للفاشية تنظيم احتفال سري. وربما شهدت مناطق محررة من المانيا احتفالات مماثلة.
واحتفل في الأول من ايار 1945 في العديد من بلدان العالم. وهنا في اوربا ايضا، ضمن بلدان اخرى، في بريطانيا العظمى، في سويسرا، وفي المدن المحررة من يوغسلافيا، في السويد، هنغاريا،، النمسا، وفي فرنسا. وفي السويد في تلك الأيام كان عمال المعادن والصهر يضربون عن العمل من اجل حقوقهم. وفي بودابست طالب المتظاهرون، بين امور اخرى، باصلاح ديمقراطي للاراضي. وفي فيينا ، التي حررتها القوات السوفيتية في 13 نيسان ، نظمت مسيرات وتجمعات في احياء المدينة ، في الغالب بمشاركة الشيوعيين والديمقراطيين الاجتماعيين وممثلي حزب الشعب اليميني المحافظ. وقبل أيام قليلة ، في 27 نيسان ، أعلن ممثلو الأحزاب الثلاثة المؤسسة للجمهورية الثانية استقلال البلاد.
وفي باريس نظمت نقابة سي جي تي القريبة من الحزب الشيوعي تظاهرة سارت من ساحة الباستيل الى ساحة الأمة للاحتفال بالنصر على الفاشية ، ولكن أيضًا لإحياء تقاليد العمال والنقابات. كما ذكرت جريدة اللومانتيه، الجريدة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي في 3 ايار 1945 ، سار في ذلك اليوم مليون متظاهر في شوارع المدينة: شيوعيون واشتراكيون وأعضاء في المنظمات اليسارية الأخرى ، ورياضيون عماليون وغيرهم الكثير من المعاديين للفاشية. وتقدم التظاهرة سجناء محررين من السجون والمعتقلات، واغلبهم كان بملابس السجن. وكذلك مقاتلون ساهموا الى جانب الجمهوريين في الحرب الأهلية الاسبانية.
كان يمكن رؤية الأعلام الحمراء وأعلام الجمهورية الفرنسية وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. ولافتة تحيي ذكرى الثورة الفرنسية المجيدة في عام 1789 ، وكومونة باريس عام 1871 وانتفاضة حركة المقاومة في باريس ضد المحتلين الفاشيين في آب 1944. ولافتة طُالبت بحقوق العمال والنساء. واخرى طالبت، على سبيل المثال ،باجر متساو للرجال والنساء : "نفس العمل نفس الأجر".
وفي اليوم التالي نقلت الاذاعات اخيرا اخبار عن تحرير برلين، ولم تمر سوى ايام قليلة، حتى اعلن استسلام المانيا الفاشية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نينا هاغر: برفسور في علوم الفلسفة في المانيا الديمقراطية السابقة. انضمت الى الحزب الاشتراكي الموحد في عام 1968. وفي عام 1992 انضمت الى الشيوعي الألماني ومنذ 1996 قيادية فيه. كانت في السنوات 2012 – 2016 نائبة سكرتير الحزب ورئيس تحرير جريدته المركزية. وهي عضو هيئة تحرير مجلة الحزب النظرية "اوراق ماركسية".

عرض مقالات: