طريق الشعب

اشادت الحكومة في بيان جديد قدمه رئيسها عادل عبد المهدي في اجتماع عقدته مساء امس الاول، بالتظاهرات التي تجتاح البلاد منذ ما يزيد على اربعين يوما، وقالت انها "حدث مهم وفرصة كبيرة" و"حركة اصلاحية كبرى وشاملة وهي صحيحة وندعمها".

واعترف البيان بالزخم الكبير للتظاهرات، وبكون الحركة الاحتجاجية من اهم الحركات الشعبية، وانها هزت كل شيء في العراق.

الا انه لم يوضح لماذا اذن واجهتها الحكومة بتلك الوحشية الدموية منذ اول ايامها في الشهر الماضي وطيلة المدة التالية، والتي كانت حصيلتها هذه الاعداد غير المسبوقة من الشهداء والمصابين. 

وادعى البيان ان القوات الامنية لم تستخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين منذ 25 الشهر الماضي الا في حالات نادرة. وفي هذا اعتراف صريح باستخدامها الرصاص الحي في الايام الاولى من الشهر من جهة، كما فيه زعم ينفيه ما لا يحصى من الشهادات والوقائع والادلة الميدانية من جهة اخرى.

واشار البيان الى الملفات الملقاة على عاتق الحكومة، خاصة ملف الفساد وملف البطالة، مكررا كونها قديمة ومتراكمة، في محاولة لنفي أي مسؤولية للحكومة الحالية عنها. ثم هاجم الفساد واستشراءه وتأثيره، غير انه لم يأت بجديد في مجال اجراءات محاربته بصورة فاعلة، ومحاسبة ومعاقبة حيتانه الكبيرة، واسترجاع ما نهبوه من ممتلكات الشعب وثرواته.

كذلك اقرّ بيان الحكومة كما قدمه رئيسها عادل عبد المهدي، بان "العاصفة" ويقصد الانتفاضة الشعبية ما زالت مستمرة ولم تنته حتى الآن، وإن ادعى في المقابل ان الحكومة خرجت من "قلبها".

وركز البيان على رفض تحميل الحكومة الحالية مسؤولية تراكم الفساد والبطالة وغيرهما من الملفات باعتبار ذلك امرا غير منصف. وتأكيدا لذلك قال ان الحكومة حققت اصلاحات كبيرة، من دون ان يشير الى طبيعة هذه الاصلاحات ومجالاتها وما حققت واقعا بالنسبة لابناء الشعب الذين عانوا الامرّين خلال السنين الماضية وما زالوا، حتى بلغ بهم الامر حد الانفجار في هذه الانتفاضة البطولية المجيدة.

غير ان ما يلفت الانتباه اكثر من غيره في البيان الحكومي الجديد، هو تجاهله التام عمليا  للحصيلة الدامية المروعة التي خلفها القمع الدموي للتظاهرات السلمية، والتي تتمثل في 320 من الشهداء وما يزيد على 15 ألفا من المصابين. فقضية هؤلاء الضحايا والجرائم الكبرى التي اقترفت بحقهم، وبحق الشعب كله من ورائهم، والمسؤولية المباشرة عن ارتكاب هذه الجائم، ليست كما يبدو مما يشغل بال الحكومة برئيسها ووزرائها جميعا!

لذلك لا يبدو غريبا ان نرى جماهير المتظاهرين وعامة المنتفضين تتمسك بمطلب رحيل هذه الحكومة وتضعه في صدارة مطالبها، وتصر على استقالتها او اقالتها في اسرع وقت.