كما قال شاعرنا الكبير الجواهري: سينهض من صميم اليأس جيل شديد البأس جبار عنيد.... وهذا ما يحصل اليوم في ساحات الاحتجاج حيث خرجت الجماهير الواسعة بعد ان اصابها اليأس مما تفعله السلطة الحاكمة القائمة على نهج المحاصصة والطائفية والعاجزة عن ادارة شؤون البلاد , والناجحة في ادارة شؤونها الخاصة والاستفادة من المال العام على حساب حاجات الناس .

يرى بعض القانونيين بأن الدستور العراقي قد أشار الى حق المواطن العراقي في التظاهر ولكنه لم يتطرق الى الاضراب، داعين الى اعتزال الأضراب والانخراط في التظاهر الدستوري. فما مدى صحة هذا القول؟

بعد التغيير في 2003 نجد ان (قانون ادارة الدولة العراقية لسنة 2004 قد أشار في مادته (الثالثة عشرة) فقرة ( هاء ) الى : (للعراقي الحق بالتظاهر والاضراب سلميا وفقا للقانون .) , حيث نجد ان المشرع الدستوري قد عد الاضراب حقا وليس مجرد حرية .

اما في الدستور العراقي النافذ لعام 2005 فلم ينص صراحة على الحق في الاضراب الذي كفلته القوانين الدولية والدساتير والتشريعات لغالبية الدول خاصة وان العراق هو احدى الدول المنضمة لمعاهدة العهد الدولي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وصادق عليها قانونا في 8/12/1989 ( وهي معاهدة متعددة الأطراف اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة  في 16 /12/ 1966 ودخلت حيز التنفيذ في 3/1/1976, وتلزم اطرافها العمل من اجل منح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , بما في ذلك حقوق العمال والحق في الصحة وحق التعليم والحق في مستوى معيشي لائق ....).

والاضراب السلمي يعتبر وسيلة من وسائل المطالبة بالحقوق لكل عراقي دون تقييدها بطائفة معينة , الا ان الدستور العراقي النافذ لعام 2005 قد اشار الى الاضراب ضمنا وليس صراحة من خلال المادة (38) من الدستور العراقي التي نصت على :-

(تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب:

اولا : حرية التعبير عن الرأي بكل وسائله .

ثانيا : حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر .

ثالثا : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون .).

ومن خلال التمعن في هذه المادة نجد بأن المشرع الدستوري العراقي قد اشار بصورة ضمنية الى الاضراب ذلك ان الحق في الاضراب يعد احدى اهم صور التعبير عن الرأي ويدخل ضمنه وهذا ما يستنتج من منطوق النص الذي اشار كذلك الى حرية الاجتماع الذي يعد الاضراب جزءا منه وحرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل (بما فيها الاضراب) .

كما اشارت المادة (46) من الدستور العراقي الى: (لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه , على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية).

ويفترض ان يتضمن الدستور العراقي بعد تعديله صراحة وبكل وضوح ان حق الاضراب مضمون وتوضيح الاجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق وينظم ذلك بقانون.

واليوم تمارس السلطة القمع الوحشي والقوة المفرطة المتعمدة في قتل المتظاهرين السلميين وتهديد المضربين عن العمل المطالبين بحقوقهم بالفصل والاعتقال. كما قامت السلطة بقطع الانترنت واغلاق بعض الفضائيات ضاربة عرض الحائط حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والاعلام وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي. فالحق في الاضراب يعتبر الوسيلة المثلى للعمال والموظفين في الحصول على الكثير من مطالبهم الجماعية المشروعة التي كفلها القانون والدستور وغيبتها السلطة الحاكمة المتنفذة.

والذي يتابع  مواقف الحزب الشيوعي العراقي فيما يتعلق بالوضع القائم يجد ان الحزب قد جدد تضامنه ودعمه اللامحدود لمطالب المتظاهرين المشروعة وادانته كل قيد يحول دونه  ممارسة الحق الدستوري في التظاهر والاضراب وحرية التعبير وان الحكومة هي من تتحمل المسؤولية السياسية عن اعمال القتل العمد والقمع الدموي الذي تعرض له المتظاهرون وعن الانتهاكات السافرة للحقوق والحريات ولمبادئ حقوق الانسان التي  ينص عليها الدستور ويكفلها القانون .ونجد ان الحزب الشيوعي العراقي منحاز بالكامل الى الناس ومطالبها العادلة وهمومها وشارك في انتفاضة الجماهير حيث سقط منه عدد من الشهداء الأبرار والجرحى .