تعيش منطقة الشرق الأوسط جملة من التحديات والإشكاليات ، فيما شعوبها تتطلع بشغف الى حالة الاستقرار وتوفر الحريات والحد الأدنى من مقومات الحياة .فهناك العديد من بؤر الصراع المحتدم حيث يستمر سقوط ضحايا وجرحى ومعوقين ومشردين ولاجئين بسبب الحروب والصراعات العسكرية المتواصلة ، وتدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية . وفيها يؤجج التحريض الطائفي والعنصري والتطرف ، كذلك النشاط المحموم للجماعات الإرهابية ، وينتشر فيها السلاح غير المنضبط على نحو واسع ، وتأتي التدخلات الخارجية ومساعي فرض الهيمنة والتحكم بمقدرات المنطقة لتزيد الامور تعقيدا.
وتتدخل أطراف عدة لدفع المنطقة الى اتون صراعات عسكرية مدمرة وتشجع عليها ، وعلى التشظي الداخلي والتشجيع عليه ، فيما تواصل اسرائيل ممارساتها العدوانية وتنكرها للشرعية الدولية التي تنتصر لحق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير ، وحقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
وفِي هذه الأجواء المحتدمة جاء قرار الولايات المتحدة بإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران من طرف واحد ،ومن دون غطاء شرعي دولي. ويأتي هذا الأجراء من طرف الولايات المتحدة بعد إلغاء الاتفاق النووي، في سياق نهج التصعيد والتوتر في العلاقة مع إيران الذي اعتمدته إدارة الرئيس ترامب لتشديد الضغط على نظام الجمهورية الإسلامية. إلاّ أن تجارب فرض العقوبات الاقتصادية ، ومنها ما تعرض له بلدنا في التسعينيات ، والتي يظن فارضوها إنها عقوبة ضد الأنظمة والضغط عليها لتغيير سياساتها، فإنها سرعان ما تتحول في الممارسة إلى عقوبة ضد الشعب ذات آثار إنسانية واجتماعية واقتصادية وخيمة تشدد من معاناته وتفاقم صعوباته المعيشية وتهدد نسيج المجتمع وأركان الدولة.
وفيما يتبادل الطرفان التهديدات تعرب أطراف دولية وإقليمية عن قلقها من انزلاق الأوضاع الى صراع عسكري مدمر وما قد يضيفه ذلك من اعباء جديدة على كاهل أبناء المنطقة الذين يعيشون كابوس الحرب ضد الاٍرهاب والصراع الدامي العبثي في سوريا واليمن ، وحالة عدم الاستقرار في العديد منها .
ان شعوب المنطقة ومنها الشعب الإيراني ، تتطلع الى اوضاع مستقرة تستطيع فيها توظيف مواردها وثرواتها لخير ابنائها و نحو بناء بلدانها ، والى علاقات متكافئة مع الدول الاخرى تعتمد الشرعية والقوانين والاعراف الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد .
ويبقى من حق هذه الشعوب ان تتمتع بالحرية والديمقراطية والحياة الكريمة ، وان تختار انظمتها وفقا لإرادتها من دون حروب وعقوبات اقتصادية وحصار .