عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، يومي الخميس والجمعة 9 و10 آب 2018 في بغداد ، اجتماعها الاعتيادي .
بدأ الاجتماع اعماله بالوقوف دقيقة صمت تكريما لشهداء الحركة الاحتجاجية وضحايا الارهاب والعنف من ابناء شعبنا ،وللراحلين عنا في الفترة الماضية من الرفاق والاصدقاء.
وتدارس الاجتماع تقارير ضافية عن عمل واداء الحزب وهيئاته القيادية ومنظماته ولجان الاختصاص، حيث اولت منظمات الحزب وقيادته خلال الاشهر الماضية اهتماما كبيرا لانتخابات مجلس النواب وللادارة السياسية والتعبوية للحملة الانتخابية، كما تفاعلت مع اندلاع هبة تموز الشعبية والتظاهرات والاعتصامات السلمية من موقع المنحاز لقضايا المواطنين العادلة والمشروعة ، ودعا الحزب رفاقه واصدقاءه الى الاسهام الفاعل فيها وتبني مطالبها والدفاع عنها والوقوف مع المتظاهرين وادانة القمع الذي مورس ضدهم بشتى انواعه.
ولعبت منظمات الحزب دورا مشهودا في تعزيز التنظيم الحزبي في بغداد وسائر المحافظات ، وساهمت في بناء صلات واسعة مع الجماهير ، وخاضت معارك فكرية وسياسية واجتماعية وطبقية دفاعا عن مصالح الفقراء والمحرومين والكادحين. وتجسد مثل هذا الجهد الوطني ايضا في تعرية جذور الارهاب والتصدي له وللطائفية المقيتة ، وفي الدفاع عن قضايا الوطن وسيادته، وفي توحيد صفوف القوى المدنية والديمقراطية والانفتاح على الفضاء الوطني بهدف بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية . وقد قدم الحزب منذ التغيير في 2003 حتى اليوم الكثير من التضحيات ، شهداء وجرحى ومصابين ، سيبقون مفخرة للحزب الحافل تاريخه بالمآثر والامجاد.
والى جانب هذه النجاحات الكبيرة والتضحيات الجسام لاعضاء الحزب ومنظماته وكوادره وقيادته ، برزت قضايا تنظيمية توقف الاجتماع عندها بروح المسؤولية العالية والحرص الكبير على تعزيز المنجز المتحقق بهمة الشيوعيين وإرادتهم ، مشددا على ضرورة واهمية استنهاض الهمم ورص الصفوف وتنظيم القوى وتوسيع صفوف الحزب وتطوير عمل المنظمات الحزبية وتعزيز دورها وصلاتها مع الجماهير وتخليصها من الثغرات والنواقص. واتخذ الاجتماع العديد من القرارات والتوصيات لتحسين العمل والارتقاء به ، بما يضمن بناء منظمات متماسكة قوية ورصينة، مؤهلة للدفاع عن قضايا ومصالح الشعب والوطن. وابدى الحرص الكبير على تطوير الحوار الديمقراطي الداخلي ، وتعزيز وحدة الحزب السياسية والتنظيمية المبنية على اسس الديمقراطية وحرية الاراء وتفاعلها، والتي تجد تعبيرها في وحدة الارادة والعمل .
وبعد دراسة التقرير المالي - الاداري ونشاط الحزب في هذا الميدان، تم اقرار مجموعة من التوجهات ذات العلاقة.
ودرس اجتماع اللجنة المركزية ، انطلاقا من السياسة العامة التي رسمها المؤتمر الوطني العاشر ( 1-3 كانون الاول 2016 ) ، التطورات السياسية منذ الاجتماع السابق للجنة المركزية ( 9 اذار 2018 ) ، وتوصل الى ان بلادنا تشهد تطورات كبيرة تضعها امام تحديات جسيمة ، وان حالة الانسداد والاحتقان الاجتماعي، وانعدام الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين، وحالة الفساد المستشري، والتفاوت والتمايز الطبقي المتسع، والفشل البيّن في إدارة شؤون البلد، والانتشار الواسع للسلاح خارج اطر الدولة، وتعاظم دور " الدولة العميقة" والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي، والرسائل التي وجهتها انتخابات مجلس النواب لسنة ٢٠١٨، والتظاهرات الاحتجاجية المتواصلة .. ان هذا كله وغيره، يؤشر حقيقة ان استمرار الحال وفق ما هو قائم، أو السعي الى اعادة انتاج النمط السيء ذاته في إدارة الدولة ، هو عنوان للفشل المتواصل وللمزيد من الأزمات في نظام محاصصي مأزوم. لذا فان التغيير والإصلاح اصبحا حاجة موضوعية تفرض نفسها، وهو ما يتوجب ان يكون حاضرا امام الكتل المتنفذة والفائزة في الانتخابات، عند التوجه نحو تشكيل الحكومة الجديدة المقبلة. وبعكس ذلك فان الأبواب ستبقى مشرعة على كافة الاحتمالات،وبضمنها الأسوأ. فعلى الحكومة الجديدة ان تتبنى برنامجا اصلاحيا بسقوف زمنية للتنفيذ ، وان تكون حكومة كفاءات بلا محاصصة ولا فساد .
وبشأن التظاهرات والحركة الاحتجاجية، اكد الاجتماع ان من واجب الحكومة واجهزتها العمل الجدي على التفاعل ايجابا مع هموم الناس، ولن ينفع الاستغراق في الحديث عن مندسين ومخربين وسواهم، فهذا لا يغير شيئا من حقيقة وجود هبة جماهيرية تعكس حالة معاناة متعاظمة. ويتوجب كذلك التعامل مع المتظاهرين الحقيقيين وليس مع من ترغب السلطات في اللقاء به، والكف عن كل الممارسات غير القانونية، وان تعلن الحكومة والقضاء إسقاط كل التهم بحق المتظاهرين وإطلاق سراح من تبقى منهم، وإسقاط " التعهدات المهينة " وبضمنه الكف عن ممارستها في دوائر الدولة، وان يصدر امر ديواني باعتبار شهداء الهبة الشعبية شهداء الشعب، وان يتم انصاف عوائلهم وذويهم ومساعدة الجرحى على التشافي والعودة الى ممارسة حياتهم الطبيعية.
ان حزبنا الشيوعي العراقي المنحاز أصلا لقضايا الجماهير العادلة والمشروعة، يقف مشاركا وداعما للهبة التموزية ويرفض بقوة ويدين أية ممارسة عنفية ضد المحتجين، ويدعو القوى المدنية والديمقراطية والوطنية الى دعم طموحات الناس والاستجابة لرغباتهم، ويشدد في الوقت عينه على الحفاظ على طابع الهبة السلمي وعلى الاختيار السليم لشعاراتها ومطالبها.
هذا وسيصدر بلاغ ضاف عن الاجتماع في وقت قريب.