نرحب بكم في هذه الأصبوحة التي نستذكر فيها تاريخا مديدا من النضال العنيد والعمل الدؤوب والابداع المتجدد.. تاريخ 83 عاما على صدور "كفاح الشعب" يوم 31 تموز عام 1935، الجريدة الأولى لحزبنا الشيوعي العراقي الوليد آنذاك.
وسجلت تلك اللحظة انطلاق مسيرة الصحافة الشيوعية العراقية، التي تعددت أسماؤها وفق متطلبات المرحلة النضالية للحزب، فكانت: كفاح الشعب، الشرارة، القاعدة، العصبة، اتحاد الشعب، صوت الشعب، الفكر الجديد، الثقافة الجديدة، طريق الشعب، أزادي، ريكاي كردستان، كفاح السجين، رسالة العراق ، نهج الأنصار.. وغيرها من الصحف والمجلات التي أصدرها الحزب لا سيما المتخصصة منها والمناطقية، التي حمل كل مطبوع منها سمته الخاصة، من دون أن ينحرف النهج الأساس أو يحيد.
وبقيت صحافتنا الشيوعية، متصلة اتصالا وثيقاً بهموم الوطن ، وبالفكر الماركسي، والتراث الاشتراكي. وعبر هذه المسرة المعطاء، غدت مدرسة متميزة همها الأول والأخير الشعب وطموحاته وما يواجه الوطن والعالم من قضايا ملحة.
وكان وراء هذا التألق رفاق وأصدقاء ومناضلون ، شيوعيون وديمقراطيون وتقدميون، نعتز ونفتخر بهم ، انهم الرواد الذين اسسوا هذه المدرسة بتقاليدها ونهجها وعطائها المتألق، وهي في كل هذا تستمد العزم والقوة والإصرار من دعم جماهير شعبنا وإسنادهم، ومن سياسية ومواقف الحزب وقيمه ومبادئه واهتمامه اللامحدود بإعلامه ورعاية العاملين فيه.
اننا ننظر باعتزاز وافتخار الى المسيرة الحافلة لصحافتنا الشيوعية، والمدرسة الصحفية التي ارست أسسها وطورتها. وفي العيد الثالث والثمانين للصحافة الشيوعية العراقية نتذكر ونمجد شهداءها وروادها ورموزها، كما نتذكر ونمجد شهداء ورواد ورموز الصحافة العراقية جميعا.

الأعزاء جميعاً..
لا يخفى على أحد الظروف العصيبة التي مر بها وطننا، بعد التغيير في العام 2003، والتغييرات التي حصلت في النظام والمجتمع.
ومع تشابك الاحداث وتعقدها وتطورها، وسوء إدارة الحكومات المتعاقبة واصرارها على التشبث بالمنهج الفاشل ، منهج المحاصصة الطائفية – الاثنية ، وما نجم عن ذلك من تدهور في الخدمات الاساسية واتساع البطالة واستشراء الفساد ، شهدت مدن البلاد في السنوات الماضية والوقت الراهن احتجاجات شعبية واسعة تشترك فيها قطاعات وشرائح اجتماعية عدة، ترفع مطالب عادلة.
إن حزبنا الشيوعي العراقي اذ يقف مساندا للاحتجاج السلمي ذي المطالب العادلة والمشروعة، ويؤكد وقوفه مع المضطهدين بالفقر والعوز والحرمان، يدين الممارسات القمعية ضد المتظاهرين ويطالب باطلاق سراح المعتقلين منهم وابطال التعهدات السيئة ومختلف اشكال التعذيب والملاحقة والحرمان من الوظيفة . ان الحكومة مطالبة بتلبية مطالب الناس وخاصة الآنية والملحة منها.
ان الرسائل التي بعثت بها انتخابات مجلس النواب والتظاهرات الحالية تؤشر بان استمرار الحال من المحال، وتؤكد الحاجة الى التغيير وان تكون الحكومة المقبلة، حكومة كفاءات بلا محاصصات ولا فساد ، وان يكون لها برنامج اصلاحي حقيق بسقوف زمنية للتنفيذ. ان السير على خلاف هذا هو عنوان للفشل والمزيد من الازمات.
ومن أجل عراق اخر مختلف يستحقه العراقيون يطرح الحزب مشروع الاصلاح والتغيير ويسعى إلى تحقيقه مع القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية والوطنية ، لاقامة الدولة المدنية الديمقراطية ، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية .
لقد غطت الصحافة الشيوعية بمنابرها المتعددة (جريدة، مجلات، وإذاعات وموقع إلكتروني)، جميع الاحداث التي رافقت الحراك الاحتجاجي في انطلاقاته المتعددة، وكانت أخبار هذا الحراك وشعاراته، تعلو صفحات الجريدة وتتصدر نشرات الإذاعة وتتقدم أخبار الموقع. فاعلام الحزب ، كما الحزب ، منحاز الى الناس وطموحاتهم وتطلعاتهم .
وهذا ليس بجديد على صحافة تحمل ارثا نضاليا بحجم أرث الحزب الشيوعي العراقي.

إيها الأحبة..
لقاؤنا اليوم، ليس مجرد احتفاء واستذكار وتكريم على أهمية ذلك، أنه تجديد للعهد بالمضي على ذات النهج والطريق.. "طريق الشعب".
وتأكيد على مواصلة ما كانت الصحافة الشيوعية في سفرها الطويل، صحافة من حبر ودم، وصوتا يقول ما تصغي إليه العقول والقلوب.. هذه هي صحافتنا: محرض ومحفز ومنظم، وداعية واداة تنوير، ومسيرة رائدة، وتاريخ حافل، ومواقف شجاعة ومبدئية.
ففي زمن الخيارات الصعبة، أيام كان الحزب يلجأ إلى النضال السرّي، كانت الصحف الشيوعية بمثابة خندق متقدم من خلالها تعلن المواقف ويحرض الناس على الفعل السياسي المبدئي، وينظم الحزبيون صلاتهم عبر تداولها.
وعلى مر الأزمنة، ومع تبدل الأحوال والانظمة، لم تضيع الصحافة الشيوعية بوصلتها. فهموم الناس اهتمامها، والفكر التقدمي زادها، ووجهتها الوطن الحر والشعب السعيد.. وعلى هذا الطريق ماضية تتجدد.
تحية اجلال في عيد الصحافة الشيوعية، لمؤسسيها وجميع من ساهم في مسيرتها الخالدة.
المجد لشهداء الصحافة الشيوعية والعراقية عموما.
ـــــــــــــــــــــ
*
القاها الرفيق ياسر السالم
عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي