يستمر العد التنازلي لانتخابات مجلس النواب، التي تعد وفقا للعديد من المتابعين المحليين والخارجين، انتخابات مفصلية يعوَّل عليها كثيرا في وضع بلدنا على الطريق السليم، وانتشاله من الأزمة متعددة الاشكال التي يعاني منها، جراء عوامل عدة يتصدرها النهج المتبع في إدارة الدولة وفي سلوك وأداء المتنفذين والمهيمنين على القرار منذ ٢٠٠٣ ، وفشلهم الشامل الذي يجعلهم مسؤولين عما آلت اليه اوضاع بلدنا من سوء. ولا يوجد بالطبع ما يشير الى قدرة من حكموا العراق وجُربوا على مدى 15 سنة، على ان يقدموا الحل المرتجى.

ان التحضيرات والاستعدادات لانتخابات مجلس النواب تجري وسط تحديات كبرى يواجهها البلد. ومثل الانتخابات السابقة لا تجري الحالية ايضا في ظروف طبيعية، فيما يبرز ادراك متزايد لأهمية وضرورة التغيير ، وعدم القبول ببقاء الحال على ما هو عليه. 

وستجري هذه الانتخابات في ظل تعديلات مجحفة ادخلت على قانون الانتخابات، بأمل ان يبقى المتنفذون في مواقعهم. ولكنها تجيء أيضا بعد ان فضحت جماهير شعبنا والحركة الاحتجاجية أساليب المتنفذين ووعودهم الكاذبة، وفشلهم المدوي في كل المجالات والصعد، مما فاقم من اوضاع الناس وزاد من سوء وضعهم المعيشي وشل قدرات البلد وعطل طاقاته، وبعد ان لم يبق للمتنفذين ما يسترون به أنفسهم وقد سقطت ورقة التوت وبانت عوراتهم.

ولا شك في ان الكثير مما يتطلع اليه الناس لجهة التغيير يعتمد عليهم هم، فالقرار بأيديهم واصواتهم هي المحددة في نهاية المطاف. لذا فمن الخطا الكبير ان لا يجري التوجه الواسع نحو صناديق الاقتراع واختيار الاصلح والافضل، وبالطبع من غير الفاشلين والملوّثة اياديهم بالمال العام الحرام. فهنا تقع بداية طريق الإصلاح الشامل المطلوب.

وربما لا يوجد الآن عذر للمواطن في عدم السير على هذا الطريق، فقد توفرت له فرص جيدة للاختيار، ولَم يعد محصورا بين قوائم وشخوص سبق ان اختبرها وجربها. وان القناعة لكبيرة في ان يمكن، في هذه الانتخابات، كسر احتكار السلطة والإتيان ببديل يسير على وفق برنامج اصلاحي، ويتبناه شخوص اكفاء ونزيهون يقرنون القول بالفعل، وينطلقون اولا وأخيرا من مصلحة الوطن والمواطن. ويقدم تحالف "سائرون"، برنامجا ومرشحين ، ومن بينهم مرشحو الحزب الشيوعي العراقي، المثال على ذلك.

في الايام القليلة المتبقية حتى اجراء الانتخابات في ١٢ أيار، نتوجه الى جماهير شعبنا وندعوهم الى المشاركة فيها بهمة وعزم، والى وضع مصالح الوطن ومصالحهم نصب اعينهم عند الاختيار، الذي نريده حرا وبملء الإرادة، بعيدا عن الاملاء او الإكراه وعن التزوير وتزييف ارادة الناخبين. نريده اختيارا ينطلق من القناعة الفعلية والقدرة على التنفيذ، ومن البرامج السياسية لا من الوعود والتلاعب بالالفاظ او من تأجيج النعرات الطائفية، التي تسعى لصرف أنظار الناس عن انتخاب من يعبرون ويدافعون بصدق عن مصالحهم وتطلعاتهم، واختيار الاكفاء والنزيهين وذوي الايادي البيضاء.

لنتوجه بالملايين، نساء ورجالا، شيبا وشبابا، الى صناديق الاقتراع، ولنجعلها انتفاضة بنفسجية مليونية تهزم المحاصصة والطائفية السياسية، وتضع البلاد على طريق اقامة دولة المواطنة والديمقراطية والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.