طريق الشعب
بعد نحو أربعة أشهر على صدور نتائج الانتخابات النيابية، خرج الحزب الشيوعي اللبناني بخلاصة تقويمية لمكامن القوة والضعف التي ظهرت خلال خوضه الانتخابات النيابية في معظم الدوائر، بدءاً من المفاوضات التي سبقت الترشيحات، وصولاً الى النتائج.
سلسلة اجتماعات متتالية عقدتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، عرضت خلالها تقويم المكتب السياسي للانتخابات النيابية. أكثر من 55 مداخلة (دون سقف للوقت)، ونقاشات تجاوزت موضوع الانتخابات بحد ذاته لتطرح العديد من المسائل في الفكر والسياسة والتنظيم الحزبي، انتهت بعد توصيف واقع العملية الانتخابية و«ما شابها من تجاوزات للسلطة وأحزابها» الى اتخاذ جملة قرارات وإجراءات وخلاصات سياسية وتنظيمية. ولم تتردد اللجنة المركزية في القول إن الانتخابات النيابية "كشفت ضعف علاقة الحزب مع الناس وضعف التواصل والنشاطية"
وأكد الحزب الشيوعي أن «الانتخابات النيابية في لبنان شكلت محطّة مهمّة لغالبية القوى الأساسية المنخرطة في هذا الصراع كي تتدخّل في الانتخابات وتحاول التأثير في مجرياتها ونتائجها» لولا «التدخلات الخارجية التي جددت للنظام السياسي القائم»، والتي أفضت الى «تعزيز التوجّه العام نحو قيام شكل من أشكال الدولة الفدرالية». لذا شددت اللجنة المركزية على «صوابية قرارها خوض الانتخابات النيابية بالوقوف ضد القانون الانتخابي وضد قوى السلطة الفاسدة التي أقرته» وأكدت أن «قرار الحزب بالمشاركة هو الشكل النضالي الأنسب الذي يفسح المجال أمامه كي يسعى الي تجميع أوسع فئات المتضرّرين ـــــ المشاركين في هذه المعركة الانتخابية ـــــ وتأمين الشروط السياسية المؤاتية للمضيّ قدماً في معركة التغيير الديموقراطي".
وأعادت اللجنة المركزية التأكيد على «أولوية العمل على استنهاض وتعبئة وتنظيم صفوف العمال والأجراء وكل المتضررين ضد استغلال وتعسّف رأس المال» ورأت فيها «مهمة وطنية إنقاذية وأحد الجوانب الأساسية للمعركة السياسية في مرحلة الانتخابات النيابية، وخصوصاً بعدها»، داعية إلى "استمرار التمسّك بهذا التوجّه ومتابعته بغية إحداث تغيير في موازين القوى بالتعاون مع الأحزاب اليسارية والوطنية والشخصيات السياسية العلمانية على المستوى الوطني والمحلي".
ورغم اعتراف الحزب بأن الطابع العام للنتائج الانتخابية «جاءت سلبية ومخيبة في أغلبية الدوائر»، إلا أنه وجد أن «إنجازاً سياسياً قد تحقق في هذه المعركة»، وهو «أن الحزب خرج منسجماً إلى حدّ كبير مع موقفه وخطابه وأدائه وذا صدقية في تحالفاته، حيث حرص على ترجمة الأقوال بالأفعال في الترشيح والتحالف وتشكيل اللوائح، وفي موقفه من القانون ومن أحزاب السلطة التي أقرّته"
نقد ذاتي

ورأى الحزب أن الاجتهادات والآراء المتنوّعة حول حيثيّات تشكيل بعض اللوائح والتحالفات التي تمّ نسجها من قبل الحزب عكست «الحاجة القصوى إلى بذل مزيد من الجهد على مستوى البحث الفكري والسياسي والتنظيمي داخل الحزب»، ما يستوجب «الإقرار بأن الوثيقة السياسية الصادرة عن المؤتمر الحادي عشر ربّما انطوت، في جوانب منها بعد اختبارها، على قصور في استشراف التطورات والتوقعات المحتملة، وهو أمر ينبغي معالجته في المؤتمر الثاني عشر".
وإذ اعترف الحزب بوجود "الخروقات والأخطاء التي حصلت أثناء تنفيذ قيادة الحزب قرار المشاركة بالانتخابات". ولكن الحزب يرى انها ، "لم تغيّر على وجه العموم من طبيعة المعركة الانتخابية كمعركة سياسية بامتياز ضد أحزاب السلطة، ولا من موقع الحزب في هذه المعركة» معيدة أسبابها «إلى صعوبات موضوعية تطاول العمل المشترك بين قوى الاعتراض التي تفتقر إلى إطار عمل موحّد".
واقرت اللجنة المركزية تحمل «قيادة الحزب، مسؤوليتها الحزبية الداخلية وكجزء من قيادة حالة الاعتراض»، وأبدت استعدادها «للمحاسبة أمام الشيوعيين داخل التنظيم وخارجه وأمام المؤتمر الثاني عشر وجمهور اليسار وقوى الاعتراض والرأي العام اللبناني عموما".
أما البعض الآخر من الأخطاء والتجاوزات "فتتشارك في تحمّل مسؤوليته بعض من لجان التنسيق ومن الهيئات الوسطى، فضلاً عن قسط لا يستهان به من المسؤولية يقع على عاتق عدد من الرفاق القياديين بشكل خاص، الذين وقفوا بالسياسة ضد قرار الحزب خوض معركة انتخابية ضد أحزاب السلطة»، وهو ما رأت فيه اللجنة المركزية «خطأ مزدوجاً سياسياً وتنظيمياً، وهو موضع إدانة»، ونوّهت بموقف الشيوعيين «الذين التزموا قرار الحزب وعملوا على تنفيذه، برغم معارضتهم له".