طريق الشعب
يستمر مسلسل اليمين الشعبوي المتطرف في تحقيق نجاحات انتخابية في الكثير من بلدان القارة الاوربية. ويبدو ان قاطرة النازيين الجدد وصلت الى السويد، فالكثير من التوقعات تشير الى امكانية تحقيق المتطرفين في الانتخابات التشريعية، التي ستشهدها السويد في التاسع من ايلول المقبل نتائج وصفتها بعض وسائل الاعلام بـ"قياسية".
وعلى خطى نظرائه في بلدان اوربية، مثل فرنسا، المانبا، وهولندا وغيرها ، يعتمد اليمين المتطرف خطابا عنصريا شعبويا، ويوظف تغير مزاج الناخبين، جراء ما يسمى بازمة اللاجئين، ليحمل ضحايا الحروب والصراعات الطائفية والاثنية في العديد من البلدان، مسؤولية هذه الصراعات، وكذلك مظاهر تراجع دولة الرفاه، التي احتضنت السويد احد تجاربها الناجحة. وليس جديدا ان اليمين الشعبوى لا يهاجم جوهر نظام الليبراليين الجدد الاقتصادي، ولكنه يغرق في شعارات "الوطن والامة" ويستعير خطاب اليسار في الدفاع عن المكتسبات الاجتماعية ليضلل ملايين الناخبين، ويدفعهم الى الصراع مع فريق آخر من ضحايا حروب وصراعات رأس المال في بلدان الاطراف.
وقبل أسبوعين من الانتخابات، تشير استطلاعات الرأي إلى إمكانية حصول حزب "ديمقراطيو السويد" المعادي للاجانب، والذي يتبنى مواقف عنصرية من اللاجئين والمهاجرين، على 20 في المائة من الأصوات، ما سيجعلهم ثاني أو ثالث أكبر حزب في البلاد، وبإمكان ذلك أن يمنحهم نفوذا مهمّا في الساحة السياسة السويدية. ومعروف ان الحزب يمثل نسخة محسنة للنازيين الجدد يسعى نحو الحصول على شرعية سياسية.

وأفاد الحزب بأنه يرغب في التعاون مع اليمين أو اليسار طالما أن بإمكان ذلك رسم سياسة الهجرة في البلاد، لكنه سيجد صعوبة في الحصول على تنازلات كبيرة على الرغم من ان بعض احزاب اليمين التقليدي بدت، وكأنها تميل لاسترضاء "ديمقراطيو السويد"، لاسباب انتخابية نفعية، و من أجل الحصول على دعم غير رسمي لتمرير تشريعات في البرلمان، لكن أيا منها لم يبد استعدادا للتعاون بشكل مباشر مع حزب لا يزال منبوذا من قبل الكثير من السويديين.
ودخل اليمين المتشدد البرلمان لأول مرة في 2010 بعدما حصل على 5,7 في المائة من الأصوات، وبعد أربعة أعوام، حصلوا على أكثر من ضعف النتيجة حيث فازوا في انتخابات 2014 بـ12,9 في المائة من الأصوات، وشغلوا 42 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البالغ 349 مقعدا.
ويشغل "ديمقراطيو السويد" واحدا من ثلاثة مناصب نائب رئيس البرلمان، ويحتل المنصب عن الحزب بيورن سودر، وهو متشدد قال في حزيران الفائت، إن اليهود في البلاد ليسوا سويديين!
ويتوجه الحزب الذي تأسس عام 1988 ويتزعمه جيمي أكيسون منذ 2005 إلى الناخبين الشباب الذين أحبطتهم سياسات قوى الوسط وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية التي تشهد تراجعا يعكسه إغلاق المصانع والمدارس وأقسام التوليد.
ويتوقع أن يبقى في السلطة الديمقراطيون الاجتماعيون، حزب رئيس الوزراء ستيفان لوفين، أكبر حزب في البلاد، إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنهم يتجهون نحو تحقيق أسوأ نتيجة في الانتخابات منذ أُدخل نظام التمثيل النسبي، ويرجح أن يحصلوا على 25 في المائة من الأصوات، مقارنة بـ31 في المائة حصلوا عليها قبل أربعة أعوام.
وفي أوج موجة الهجرة في خريف 2015، ارتبكت الدولة الاسكندنافية التي تجمّع المهاجرون في الصالات الرياضية في مدارسها واكتظت دوائر الخدمات الاجتماعية فيها بالمراجعين، حيث أحرق متطرفون يمينيون مراكز إيواء المهاجرين من جراء ذلك.
وهدأت الأمور قليلا بعد 3 سنوات مع تبني الحكومة سياسات اكثر يمينية مثل فرض قيود مشددة على سياسة اللجوء وتعليق لم شمل العوائل
وتعهد رئيس الوزراء ستيفان لوفين أنه في حال أعيد انتخابه، سيتبع سياسة هجرة قادرة على الصمود على المدى الطويل ويدعمها الشعب السويدي.
وفي الاطار العام تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى تقدم "تكتل الحمر-الخضر" أي الائتلاف الحكومي الحالي المكون من "الديمقراطيين الاجتماعيين " وحزب "الخضر" و حزب اليسار، على الائتلاف اليميني الذي يضم أربعة أحزاب هي الوسط، والليبراليين، والتجمع المعتدل، والمسيحيين الديموقراطيين.