يستعد حزب العمال البلجيكي للانتخابات المحلية التي ستنظم في تشرين الأول المقبل. ويعتمد الحزب اسلوبا مميزا في معرفة اولويات الناخبين، انطلاقا  من واحدة من بديهيات السياسة الشيوعية، والتي تقول، علينا ان نكون مع الناس حيث يقفون. ومنذ عدة أشهر ينظم الحزب استطلاعا وطنيا مباشرا لتحديد اولويات برنامجه الانتخابي.

 وتقول أليس بيرنارد، عضوة المجلس الوطني للحزب: "قبل الانتخابات الأخيرة في عام 2014 ، اعتقدنا أن الناس يعتبرون البطالة المشكلة الرئيسية، ولكن الاستطلاع  بين لنا حينه، ان انطباعنا  كان خاطئا. وان أكبر مشكلة يراها الناس هي الفقر. وعلى هذا الاساس قمنا بتعديل برنامجنا الانتخابي".

شارك في استطلاع الحزب في ثاني مدن بلجيكا "انتويرب"، التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، 9 آلاف مواطن، وهو اكبر استطلاع في الرأي شهدته المدينة. و حسب تقييم الحزب،" إن الاستنتاج المستخلص، والأكثر إثارة للانتباه من الاستطلاع، هو الأهمية التي يعطيها مواطنو المدينة لمكافحة الفقر".  وفي مقدمة الاولويات اشار الناس الى "مدينة بلا فقر" وتبعها "مدينة آمنة" و"مدينة مستدامة". والطلب الأكثر الحاحا كان رفع الحد الأدنى للأجور إلى ما فوق خط الفقر.

واجاب 61 في المائة من المشاركين في الاستطلاع على الاسئلة عبر حوارات مباشرة مع اعضاء الحزب. لقد قامت مجموعات من اعضاء الحزب بجولات في الاحياء السكنية، والقسم الآخر من الاجابات تم الحصول عليها عبر موقع الحزب الالكتروني. وقد احتاج المشاركون في الاستبيان 12 دقيقة لاجابة الاسئلة. وكلف الحزب احد المختصين لوضع اسئلة الاستبيان وتقييم نتائجه. واحتوى الاستبيان على اسئلة مغلقة مثل  ما الأهم في المواضيع المثارة بالنسبة لك، وماهو المطلب الذي تدعمه من المطالب المطروحة؟ بالإضافة إلى أسئلة مفتوحة ، مثل: ما الذي يجب أن يتغير في مدينتك؟ ماهي اهم نقاط قوة الحزب، وما هي نقاط ضعفه؟ وقد وعد قرابة ثلث المشاركين بالتصويت لصالح الحزب في الانتخابات المقبلة. 

 قبل أكثر من 15 عاما، بدأ الحزب في التحضير للانتخابات استنادا الى  مثل هذه الاستطلاعات، وكانت  البداية  محصورة بالانتخابات المحلية. وتوضح أليس بيرنارد الكيفية التي عززت فيها هذه  الوسيلة مواقع الحزب: في احدى البلديات افترض أعضاء الحزب أن الناس غير راضين بشكل خاص عن التلوث الكبير في  الهواء، نتيجة وجود محارق النفايات في المناطق المجاورة. لقد اظهر الاستبيان صورة مختلفة تماما:  لقد كانت المشكلة الرئيسة هي اجور جمع القمامة الباهظة. وبهذا الصدد تقول أليس بيرنارد: "لقد قدنا حملتنا الانتخابية ضد اجور جمع القمامة الباهظة، وبالطبع ربطنا هذه المسألة بالتناقضات الأساسية  في مجتمعنا: دور القطاع الخاص في التخلص من النفايات، والكيفية التي يجري بها التخلص منها وحرقها، ودور الشركات متعددة الجنسية في التعامل مع النفايات، اي النظام الاقتصادي باكمله". ودعا الحزب الى الاحتجاج ضد الاجور المرتفعة. وحمل الناس اكياس القمامة وتوجهوا الى المجلس البلدي. وشعر عمدة المدينة بالخوف على الاغلبية التي يتمتع بها. لقد حصل الحزب على مقعد للمرة الأولى في هذه البلدية. وتقول بيرنارد "لقد كان ذلك مفيدا جدا بالنسبة لنا، التقينا بأشخاص جدد أصبحوا ناشطين في الحزب".

ان إجراء هذا النوع الجديد من الحملات الانتخابية مثل احد جوانب المسار الذي حول مجموعة ماوية إلى "حزب شيوعي معاصر"، كما ينص عليه النظام الداخلي للحزب، حزب راسخ بين الجماهير وناجح انتخابيا. ويقيم الحزب جزء من عمله السابق باعتباره انغلاقا وجمودا فكريا. ولكن  سنوات العمل السابق انتجت نواة من الكوادر الملتزمة والمتفانية، تحمل نهجا نقديا، تمكن الحزب بواسطتها من تجديد نفسه في عام 2003 . ويشدد الحزب على الترابط بين المبدئية والمرونة.

 لقد تضاعف عديد اعضاء الحزب، منذ عام 2006،  اكثر من 6 مرات، وحصل الحزب في انتخابات 2014 مقعدين في البرلمان الوطني، وهو ما دفع وسائل الإعلام المحلية إلى مناقشة مشاركة الحزب في الحكومات المقبلة، ومدى استعداد الحزب لذلك. وقد رد رئيس الحزب بيتر ميرتنز على أسئلة بشأن المشاركة في الحكم قبل بضعة أشهر في مقابلة معه بالتالي: "لقد ضاق الناس ذرعا بالسياسة. ونحن لا نعتقد بان الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر سيغيرون اداءهم، بشكل يمكننا من تنفيذ سياسة جذرية مشتركة معهم، ومن غير المعقول الحديث عن مشاركة في الحكم، بدون بناء السلطة المضادة".

عرض مقالات: