رشيد غويلب
قبل اسبوع من اقرار الكنيست الاسرائيلي، وإن بصعوبة، "قانون الدولة القومية" ، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو إن القانون ضروري "لحماية الطابع اليهودي لدولتنا لأجيال". ولم يقدم نتنياهو شرحا للخطر الذي يهدد شخصية اسرائيل اليهودية، أو كيف يمكن للقانون أن يزيل هذا الخطر.
ولكن الجملة الأولى في القانون تعطي تلميحا. يقول النص: "أرض إسرائيل ، حيث اقيمت دولة إسرائيل ، هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي". ان هذا هو المبدأ الأساسي للنظام الصهيوني، فإن القانون ينطوي على إدعاء إقليمي يهودي كامن يتجاوز حدود إسرائيل المعترف بها دوليًا إلى "أرض إسرائيل" التوراتية. وهذا المصطلح ، الذي يستخدمه اليمين الإسرائيلي بشكل متزايد ، يغطي المنطقة الجغرافية بين البحر الأبيض المتوسط والأردن ، بما في ذلك الضفة الغربية المحتلة. وعلى الرغم من ان القانون يتحدث عن حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره في "دولة اسرائيل"، الا ان الحدود بين "الدولة" و"الأرض" غالبًا ما تكون غير واضحة ويسهل تجاوزها.
وتتوصل جريدة " المونيتور- نبض الشرق الاوسط" الى الاستنتاج التالي: "بالنظر إلى الضغط الذي مارسه اخيرا حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء ، من المتصور أن التشريع الجديد سيوفر الأساس الدستوري لاستمرار الهيمنة اليهودية إذا اضمت إسرائيل رسميًا الضفة الغربية إلى أراضيها - وملايين الفلسطينيون الى تعدادها السكاني".

خطة امريكية – اسرائيلية سرية

إضافة إلى ذلك ، هناك الآن دلائل تشيرالى أن تطبيق "قانون الدولة القومية" المثير للجدل من قبل اليمين الرجعي هو ليس فقط لاهداف سياسة داخلية اسرائلية ، بل هو جزء من خطة متفق عليها بين نتنياهو وترامب للسعي الى "حل نهائي" مزعوم للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي. و يحتاج نتنياهو، الذي تلاحقه وزوجته ملفات الفساد، اثارة المشاعر القومية لليهود بواسطة "قانون الدولة القومية"، لمواجهة منافسيه في "الاتحاد الصهيوني"، الذي يضم ليبراليين وديمقراطيين اجتماعيين صهاينة منافسين في الانتخابات المقبلة، من خلال توظيف كذبة الخطر الذي يشكله العرب على مستقبل "اليهود". ويسعى نتنياهو إلى الاستفادة من دعم ترامب له، وكذلك تجاوب انظمة الخليج العربية ومصر مع خططه التوسعية، وفرض سياسة الأمر الواقع فيما يتعلق بالحدود الإقليمية لدولة إسرائيل. وعودة إسرائيل، كمحور رئيسي للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط ولإحياء خطط الولايات المتحدة بشأن "الشرق الأوسط الكبير".

"سلام" ترامب: تكتيك الحقائق المفروضة

لقد عين ترامب صهره جاريد كوشنر "مبعوثا خاصا الى الشرق الأوسط" وكلفه بوضع "خطة سلام". وعلى الرغم من أن الشائعات المثارة بشأنها، إلا أن محتوياتها ظلت سرية طوال أكثر من عام. وتوصل العديد من المراقبين لشؤون الشرق الأوسط إلى استنتاج مفاده ، إن التنفيذ التدريجي لهذه الخطة، القائم على "تكتيك فرض الحقائق" قد بدأ فعلا. ويمثل نقل السفارة الأمريكية الى القدس، والاعتراف بها عاصمة رسمية لاسرائيل، دعماً غير محدود من ادارة ترامب لليمين الرجعي الحاكم. وجاء "قانون الدولة القومية" ليمثل خطوة اخرى، عبر تثبيته هيمنة "الشعب اليهودي" في دولة اسرائيل. وفي الوقت نفسه ضم القدس بشقيها الغربي والشرقي رسميا للدولة الصهيونية، رغم التعارض الصارخ مع القانون الدولي، الذي لا يعتبر القدس جزءاً من دولة اسرائيل، وانما مركز للديانات العالمية الثلاث، ومدينة تتمع بوضع عالمي خاص.

التهيئة لقضم كامل التراب الفلسطيني

ان خطة كوشنر اصبحت كاملة المعالم باعلان ترامب، في خطوة ثالثة، الهجوم على وكالة غوث اللاجئين، ومطالبته بالغاء الأموال المخصصة لدعم 5 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيمات اللجوء في قطاع غزة، والضفة الغربية. ومعلوم وبلدان الشتات العربية. ان هذه الاموال توظفت لرعاية المدارس،ولتقديم مساعدات غذائية وطبية. وإلغاؤها يعني عمليا تصفية وكالة غوث اللاجئين.
هذا ما جاء في تقرير نشرته في الثالث من آب مجلة "السياسة الخارجية" الامريكية واسعة الانتشار. واشارت المجلة الى رسائل كوشنر الالكترونية الموجهة لموظفي الادارة الامريكية المعنيين بالقضية الفلسطنية، والتي شدد فيها على تدمير"وكالة الغوث" باعتبارها جهازاً يديم الوضع الراهن ، وانه جهاز فاسد وغير كفء ولا يخدم السلام.
وترى المجلة الامريكية ،ان العديد من أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة، يعتبرون وكالة الغوث "جزءاً من بنية تحتية دولية ، تبقي مشكلة اللاجئين حية بشكل مصطنع وتنعش آمال اللاجئين الفلسطينيين بالعودة يومًا ما إلى وطنهم. وهو احتمال تستثنيه إسرائيل بالكامل ". ان ادارة ترامب تعمل على تصفية قضية اللاجئين وشطبها من اجندات اية "تسوية سلمية" محتملة. وتكتمل خطة كوشنر بضم المستوطنات الاسرائيلية المتسعة في الضفة الغربية لدولة اسرائيل، وابقاء مايتبقى من الضفة تحت مظلة "الحكم الذاتي". وبتطبيق "قانون الدولة القومية" يجري تمديد سياسة الفصل العنصري المطبقة داخل اسرائيل لتشمل الضفة الغربية، والبدء بالضم الفعلي للاراضي الفلسطينية المحتلة.