رشيد غويلب

افتتحت الجمعة الفائت في العاصمة الكولومبية "بوغوتا" الجلسة الأولى من "العدالة الخاصة من أجل السلام". وكانت مراجعة وتقييم احداث الحرب الاهلية التي استمرت عقودا متواصلة بين "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك)، والجيش وقوى الامن الحكومية، محورا اساسيا في اتفاقية السلام التي وقعت بين الطرفين في عام 2016 ، والتي بموجبها، ضمن امور اخرى، تحول اكبر الفصائل المسلحة اليسارية في البلاد الى حزب سياسي علني. وسيدلي 31 عضوا سابقا في سكرتارية قيادة الحركة المسلحة، بما في ذلك القائد العام السابق بمعلوماتهم في شان الاحداث المحصورة في سنوات 1993- 2012 .

ومع بدء المراجعة القانونية لعقود الصراع، تواجه عملية السلام مخاطر جدية، ففي الثالث من تموز الجاري جرى في جنوبي البلاد تصفية 7 مواطنين، نتيجة لمواجهات مسلحة بين ميليشيات يمينية مسلحة قريبة من الحكومة الكولومبية، وحركة "جيش التحرير الوطني" ثاني حركة يسارية مسلحة في البلاد، والتي شهدت المحادثات الجارية في هافانا بينها وبين الحكومة مصاعب جراء فوز مرشح اليمين الاكثر رجعية في الانتخابات الوطنية الأخيرة. ويحمل المدعي العام المنظمة اليسارية مسؤوولية ما حدث، في حين تنفي الاخيرة تورطها في المجزرة.

وعلى الأرجح أن جرائم القتل المذكورة ارتكبت من قبل إحدى الميليشيات اليمينية المسلحة، فقد اشارت بعثة مراقبة عملية السلام التابعة للأمم الى أن المناطق التي كانت تحت سيطرة حركة فارك السابقة، استولت عليها المليشيات اليمينية وعصابات المخدرات بعد إبرام السلام. وجاء في بيان البعثة الصادر في 6 تموز الحالي: "بامكان المرء تأكيد، ان انتشار الجماعات المسلحة غير الشرعية (الميليشيات) في هذه المناطق لا يتم إيقافه. فهم يواصلون توسيع سيطرتهم على البلدات والموارد، وبدوره يؤدي ذلك الى توسع النشاطات الاقتصادية غير الشرعية". وأدانت البعثة بشدة أعمال القتل التي يذهب ضحيتها نشطاء اليسار، ودعت حكومة كولومبيا إلى مضاعفة جهودها المضادة لهذه الجرائم.
ووفقاً للإحصاءات الرسمية قُتل، منذ 2016 ، ما لا يقل عن 78 شخصاً في منطقة كاوكا الجنوبية، في حين بلغ عدد الضحايا في جميع أنحاء البلاد322 قتيلاً. والأكثر استهدافا هم الناشطون من أجل الإصلاح الزراعي، والمقاتلون السابقون في فارك وأنصار المرشح اليساري السابق غوستافو بترو، الذي حقق في انتخابات الرئاسة الاخيرة نتائج متميزة. وأحصت جمعية السكان الأصليين (الهنود الحمر)، وخلال العام الفائت وحده 4544 انتهاكا لحقوق الإنسان و 37 جريمة قتل طالت أعضاءها.

و قال رئيس الجمهورية المنتهية ولايته ، خوان مانويل سانتوس، الأسبوع الفائت، إن "حياة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان" هي "أولوية" حتى آخر ايام ولايته. ويريد الرئيس المحافظ الحد من العنف عن طريق إرسال المزيد من القوات العسكرية إلى المناطق المتضررة. بالإضافة إلى ذلك ، سيتم توفير المزيد من الأموال لحماية الأشخاص المعرضين للخطر وسيتم تقديم اكراميات للذين يساعدون في تقديم المعلومات للمحققين.

وفي نهاية المطاف ، تبقى التدابير المعلنة رمزية، لأن وجود الميليشيات هي مشكلة سياسية تقف وراءها مصالح السلطة والمصالح الاقتصادية. ويبقى الأهم هو الكشف عن التداخل بين الدولة والجهات الفاعلة اقتصاديا وسياسيا والقوات المسلحة وميليشيات فرق الموت. ولكن هذه الضرورات تبقى معطلة. وغالبا ما يجري التقليل من خطورة هذه الجرائم، واعتبارها جرائم غير سياسية، ويمارس القمع ضد المؤسسات والموظفين الحكوميين، واتهامهم بالعمل في منظمات ارهابية.
وليس مرجحا ان يتغير الحال في عهد الرئيس المنتخب توا إيفان دوكي، فهو ليس معارضاً علنيا لاتفاق السلام مع "فارك" فحسب، بل هو أحد أتباع الرئيس الاسبق ألفارو أوريبي فيليز، الذي يقال إنه يتمتع بعلاقات وثيقة مع المليشيات المسلحة.
ص 5

صيف مع العدو

صدرت عن "دار منشورات ضفاف، ومجاز، والاختلاف" في بيروت، رواية بعنوان: "صيف مع العدو" للكاتبة شهلا العجيلي. تناولت الرواية حكاية ثلاث نساء، يتعرف القارئ من خلالها إلى مائة عام من تاريخ المنطقة العربيّة وما حولها، عبر سرد للتحوّلات الاجتماعيّة، والقضايا الوجدانيّة، وأطياف الحروب. ويمضي القارئ مع الحكايات الشائكة للآباء والأبناء، ويطّلع على تفاصيل حياة النساء، وأعماقهن المعتمة، ويسمع حمحمة الخيول، مع وقع خطى "نيكولاس"، أستاذ الفهم الجماهيري للعلم في جامعة ميونخ، الذى جاء متتبعا آثار الفلكي العربي "البتاني"، وباحثاً عن مرصده في مدينة الرقة، ليقدم السرد فكرة قيمة عن أحلام جيل من شباب ستينيات القرن العشرين ومآلاته، وانكساراته.