رشيد غويلب
بعد سنوات من التنقل في اروقة القضاء ، أصدرت المحكمة العليا في تشيلي حكما في ما يسمى بقضية "ريغز" ، المتعلقة باختلاس أموال الدولة من قبل الدكتاتور السابق أوغستو بينوشيه. وبعد أربعة عشر عاما من بدء التحقيق ، قرر القضاة أن الأصول المصادرة ستنقل إلى وزارة المالية. وكانت محكمة الاستئناف قد قررت في العام الفائت عودة ملايين الدولارات من الممتلكات والأموال إلى أرملة وابناء الدكتاتور. والان تم إلغاء القرار من قبل المحكمة العليا بأربعة أصوات ضد واحد. وقرار المحكمة العليا غير قابل للاستئناف.
وكانت صحيفة "لا ترسيرا" التشيلية قد نشرت الخبر قبل صدور الحكم ، بعد تسريب معلومات إلى الصحافة مفادها أن ثروة "ريغ" المضبوطة والبالغة 13 مليون دولار سوف تعود إلى وزارة المالية ثانية.
وقال المحامي إدواردو كونتريراس الذي رفع دعوى قضائية ضد انتهاكات حقوق الإنسان في عهد بينوشيه: "نعرف أن ما سرقه بينوشيه ، من وزارة المالية، ومن المواطنين أكثر من ذلك بكثير". ومع ذلك ، فان القرار يستحق الاحتفال به. ورحبت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، والنائبة الشيوعية ، كارمن هيرتز ، بالحكم وطالبت باستخدام الأموال الآن لدعم السجناء السياسيين السابقين التي بقيت حالتهم "بائسة" حتى الآن ".
بدأت قضية ريغز في الولايات المتحدة، عندما لاحظ محققو مجلس الشيوخ الأمريكي وجود حالات غير طبيعية في حركة اموال بنك ريغز في واشنطن. وكان هدف التقصي هو البحث عن مسارات تمويل الإرهاب. ولكن في عام 2004 ، قام المحققون باكتشاف غير متوقع. للعديد من الحسابات المصرفية المسجلة بأسماء وصيغ مختلفة ، ولكن كلها تقود إلى شخصية واحدة : أوغوستو خوسيه رامون بينوشيه أوغارتي. وفي تموز 2004 نشرت صحيفة واشنطن بوست تقرير مجلس الشيوخ ، مما جعل قضية ريغز في مركز الاهتمام.
وقد سجل بينوشيه ما مجموعه 125 حسابًا خلال سنوات 1981 - 2004 مستخدما أسماءه الثلاثة الأولى والأخيرة بصيغ مختلفة ، بالإضافة إلى استخدام هويات مزيفة ، ونقل اموالا بقيمة أكثر من 21 مليون دولار من تشيلي إلى الولايات المتحدة. وكان بنك ريغز ، في حينها يعتبر "أهم بنك في المدينة الرئيسة في العالم" ، وأرسل وفدا خاصا الى تشيلي ليكسب بينوشيه زبونا. وكان الفضل في ذلك لعلاقات الدكتاتور الجيدة للغاية مع الرئيس التنفيذي لبنك"ريغز". ، وبعد إلقاء القبض على بينوشيه في لندن عام 1998 ، قام البنك بإخفاء الحسابات السرية. واعاد تقرير المحققين 2004 الملف الى الظهور.
وكرد فعل على كشف ملف القضية، اقام المدعي العام في تشيلي في 21 تموز 2004 دعوة جنائية ضد الديكتاتور السابق ، متهما اياه باختلاس أموال الدولة. وبعد مرور عام ، أعترف بنك ريغز بعدم اتخاذ إجراءات كافية ضد غسيل الأموال.
وبعد رفع الحصانة التي تمتع بها بينوشيه باعتباره عضوا في مجلس الشيوخ التشيلي، وجهت له اتهامات منها، استخدام جوازات سفر مزيفة والتهرب من الضرائب. وفي 3 كانون الأول 2006 ، أصيب بنوشيت بنوبة قلبية وتوفي على اثرها. و بعد أسبوع. من وفاته ، توقفت الإجراءات ضده. وقررت محكمة الاستئناف في سانتياغو أيضا إسقاط التهم الموجهة إلى جميع الموظفين السابقين والأصدقاء وأفراد الأسرة. وفي تشرين الأول 2007 ، استأنف القاضي كارلوس سيردا القضية ضد أرملة بينوشيه لوسيا هيريارت رودريغيز ، وأفراد آخرين من العائلة و 17 شخصًا من دائرة معارفه وموظفيه ، بما في ذلك سكرتيرته مونيكا أنانياس ومحاميه غوستافو كولاو ، اللذان تم اعتقالهما، ووجهت اليهما تهمة تهريب 27 مليون دولار الى الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنوات حكم بينوشيه. واستغرق التحقيق عدة سنوات تم خلالها مصادرة الحسابات، ولكن القضاء لم يصدر قرارا في القضية.
وأخيرًا ، وفي عام 2015 ، أدين ستة من كبار الضباط والمقربين الى بينوشيه بتهمة اختلاس 6,4 مليون دولار. واكد معهد CIPER للأبحاث في تشيلي أنه في حسابات بنك ريغز، كان هناك 21,3 مليون دولار ، تم الحصول على "17,9 مليون" منها بطريقة غير شرعية. وبما أن موظفي الدولة وحدهم يمكن ادانتهم بعمليات اختلاس ، لذلك لم تتم إدانة أي من أفراد عائلة الدكتاتور. وفي 19 حزيران 2017 ، الغت محكمة الاستئناف في سانتياغو حكم المصادرة، وقررت بالإجماع ارجاع الاموال والممتلكات الى عائلة بينوشيه. واستند قضاة الاستئناف من قناعتهم بان الامر لا يتعلق بجناية متواصلة لجميع المدانين، وان الفعل الجنائي يعتبر متواصلا للدكتاتور السابق فقط.
وبما ان الأموال قد تم اختلاسها وبالتالي فهي ملك للدولة ومواطنيها ، فقد قررت المحكمة العليا اخيرا بشكل نهائي لا رجعة فيه اعادتها الى خزينة الدولة.