رشيد غويلب
استطاع مرشح الاوساط الاشد يمينية إيفان دوكي الفوز في الجولة الثانية من انتخابات رئاسة الجمهورية التي جرت في كولومبيا في 17 حزيران الجاري، وحصل دوكي على 54 في المائة من الاصوات. ومرشح اليسار غوستاف بيدرو على 41,8 في المائة. وكانت نسبة المتحفظين 4,2 في المائة. وبلغت نسبة المشاركة 53 في المائة، وهي حسب متابعين نسبة معتادة خلال الانتخابات السابقة.
واعتبر متابعون انتخاب إيفان دوكي انتصارا لأغلبية الأوليغارشية الأكثر رجعية وإجرامية، وسيكون من الصعب للغاية الحفاظ على اتفاقية السلام والاستقرار السياسي في الفترة المقبلة.
وادت الحملة الانتخابية الى خلق استقطاب سياسي واجتماعي. واثار وصول مرشح قوى اليسار الى جولة الانتخابات الثانية، لاول مرة منذ عقود، اثار الفرح هنا والقلق هناك. وشهدت البلاد في الاماكن العامة، والحفلات الموسيقية، وحتى في الكنائس هتافات باسم مرشح اليسار، او "رئيسي يدعى بيترو". وعبر العديد من المثقفين في داخل البلاد وخارجها، بما في ذلك المفكر اليساري الامريكي نعوم تشومسكي، عن دعمهم للمقاتل السابق في الكفاح المسلح.
لقد استطاعت الفئات التقليدية العليا من اليمين حشد ما يكفي من الناخبين لصالح دوكي، البالغ من العمر 41 عاما، ويعد الرئيس الاصغر عمرا في تاريخ البلاد. ويعتبر محللون دوكي "دمية" تابعة للرئيس اليمني المتطرف الاسبق الفارو اوربي، وخصما واضحا لمعاهدة السلام. ولم يغير من هذه الصورة ، الدبلوماسية التي استخدمها في حملته الانتخابية، وسيعود الان الى سياسة "القبضة الحددية" ، وسيعني هذا ايضا مزيدا من القمع للمعارضة البرلمانية.
وأعلن دوكي مراراً وتكراراً أنه سيوقف مفاوضات السلام مع منظمة" جيش التحرير الوطني"الجارية في هافانا ، وهي فصيل مسلح اصغر من "القوات المسلحة الكولومبية " (فارك) التي وقعت معاهدة سلام مع الرئيس المنتيهة ولايته، إذا لم ينفذ شروطه. وانه سيراجع الاتفاق مع فارك. ويعمل الرئيس المنتخب بهذا الخصوص على تحقيق عدة اهداف منها: اجراء تعديل للدستور يمنع العفو عن المدانين بجرائم المخدرات ويمكن ان يوظف هذا لالغاء قرارات العفو بحق فصائل الكفاح المسلح السابقة. وعدم السماح لاعضاء المعارضة المسلحة باشغال وظائف عامة، الا بعد الخضوع لعقوبة بالسجن.كذلك اقرارضمانات تعفي افراد الجيش والمنظمات الأمنية من اي عقوبة تتعلق بجرائم انتهاك حقوق الانسان، والغاء الاصلاح الزراعي، والسياسيات الاجتماعية التي التزمت بها حكومة الرئيس السابق بموجب معاهدة السلام مع حركة فارك.
وبالرغم من ان الحكومة سوف لن تكون قادرة على التراجع عن كامل اتفاقية السلام، الا ان اصوات المعارضة اليسارية والمؤسسات الاجتماعية ارتفعت للمطالبة بالحفاظ على السلام وتحقيق اشتراطاته. ومن جانبها طالبت منظمة العفو الدولية الرئيس المنتخب بضرورة الالتزام باتفاقية السلام وتحقيق الامن والاستقرار في البلاد.
وقد ادت نتائج الانتخابات الى تعميق الانقسام السياسي في البلاد بين اليمين العائد بقوة للسلطة، والمدعوم من المليشيات اليمينة المتطرفة، وقوى اليسار الصاعدة بقيادة بترو وحركة "كولومبيا الانسانية".
ردود فعل قوى اليسار الأولية بعد اعلان النتائج مباشرة، ابرزت النجاحات التي حققتها الحملة الانتخابية. وان اليسار استطاع، بعد العديد من حالات الانشاق، تجميع قواه وراء مرشح واحد، تمتع بدعم ثمانية ملايين ناخب، ومثل هذا تحولا في حياة البلاد السياسية، واعلان نهاية نظام الحزبين. وقد كتب بيترو في التويتر:"اية هزيمة؟ ثمانية ملايين كولومبي حر عبروا عن ارادتهم. انا لم اتعرض الى هزيمة، وحتى وان لم نستطع تشكيل الحكومة". وفي حوار اذاعي شكر مرشح اليسار ناخبيه: "شكرا لعدم خضوعكم للنخبة والمال والسلطة. شكرا لانكم فكرتم بما هو ابعد من رفاهيتكم الشخصية". وان الطريق المشترك الذي قطعناه، اهم بكثير من نتائج الانتخابات.
وفي جولة الانتخابات الأولى في 27 ايار الفائت حصل مرشح اليمين على 39 في المائة من الأصوات ، وحصل مرشح قائمة اليسار"كولومبيا الانسانية" غوستاف بترو على 25 في المائة، وحصل يرجيو فاجاردو مرشح حزب الخضرعلى 23 في المائة. وحصل مرشح حركة فارك، ومرشح اليمين المتطرف على اقل من 5 في المائة.