رشيد غويلب
مرة اخرى يمارس الرئيس الامريكي الفوضى والعبث الطفولي عبر وصفه حوارات قمة مجموعة السبعة التي عقدت نهاية الاسبوع الفائت في كيبك الكندية بـ "الهراء". وكان قد طلب السبت، من ممثلي الولايات المتحدة عدم إقرار البيان المشترك الذي طرحته مجموعة الدول السبع، بعد إدلاء رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بتصريحات وصفها ترامب "بتصريحات كاذبة"، وترودو "بالضعيف".
ووصف صحفيون اوربيون القمة بعد ما جرى في كندا بـ "قمة 6 ضد 1 ". وقالوا ان تصريحات ترامب تهدد اكبر مجموعة اقتصادية عالمية بالتدمير. ويبدو ان غضب الرئيس الامريكي المفاجئ قد دفن حتى البيان الختامي الذي كان هدفه الوحيد التغطية على انقسام الحلفاء وعلى فشل القمة عملياً في الوصول الى مشتركات. وهو امر غير مسبوق لم تشهده قمم المجموعة السابقة.
وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، قد قوّض محاولات إظهار الوحدة، عندما أكد أنه حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن كندا ستفرض رسوما جمركية انتقامية على البضائع الأمريكية اعتبارا من اول تموز.
ويبقى التساؤل مطروحاً عن جدوى استمرار هذه المجموعة التي توصف بالقائدة، اذا كانت تجتمع مرة واحدة في العام، ولا تضم في الواقع جميع القوى الاقتصادية المتقدمة في العالم مثل الصين وروسيا. وفي ضوء العديد من الصراعات العسكرية والأزمات السياسية في العالم ، فإن عودة روسيا اصبحت الآن متأخرة. علماً ان القمة الإقليمية لمجموعة "شنغهاي" التي تضم روسيا والصين وعددا من الجمهوريات السوفييتية السابقة، والتي عقدت بالتوازي مع قمة السبعة، تمخضت عن الالتزام بالتجارة الدولية الحرة، و التعاون المتكافئ، و الحفاظ على الاتفاقية النووية مع إيران، من اجل جعل العالم أكثر أمانا. وهذه هي الملفات التي فشلت مجموعة السبعة في اتفاق الحد الأدنى بشأنها. حتى عندما يتعلق الأمر بالتلوث البحري بسبب القمامة البلاستيكية ، لم يكن الجميع في قارب واحد.
ولا ينحصر فشل القمة في سلوك الرئيس الامريكي وسلسلة فضائحه المستمرة. فعضو كتلة حزب اليسار في البرلمان الالماني "فابيو دي ماس" يحمّل السياسية الاقتصادية للحكومة الالمانية المسؤولية، فهي تجعلها عرضة لحرب اقتصادية: "لأنها غير مستعدة لخفض فيض الصادرات المزمن"، و أن إنهاء العقوبات الروسية سيكون "في المصلحة الأوروبية" في مواجهة التهديدات الأمريكية. واكد انتون هوفريتر ،رئيس الكتلة البرلمانية لـ حزب الخضر في المانيا، إن هناك حاجة إلى "تحالف تجاري بين الدول الديمقراطية"، حيث "يسير التبادل الاقتصادي جنبا إلى جنب مع حماية المناخ ومعايير العمل وحقوق الإنسان".
ورحبت منظمات الإغاثة بتعهد مجموعة السبع بتخصيص بضعة مليارات من الدولارات للمساعدة في تعليم الفتيات والنساء في مناطق النزاع والأزمات، ودعم النساء في البلدان النامية بشكل عام.
وكانت مجموعة السبعة قد تعهدت قبل ثلاث سنوات ، باخراج 500 مليون شخص من الجوع وسوء التغذية. وفي هذه المرة كما في سابقتها غابت خطة لتنفيذ التعهد والتفاصيل التمويلية المطلوبة. اي ان التعهدين القديم والجديد ظلا حبراً على ورق.
وبدوره، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن التعرفات الجمركية التي قرر الاتحاد الأوروبي فرضها على الولايات المتحدة ستطبق اعتبارا من تموز. وقال خلال مؤتمر صحفي: "في ما يتعلق بهذا الموضوع، لا يوجد تغيير، والأمر يتوقف على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقرر العودة" عن قرارها. وكان الرئيس الفرنسي قد هدد في تغريدة له على تويتر بان ترامب قد "يُعزَل" في القمة. وانه في المحادثات التحضيرية بين ماكرون ورئيس الوزراء الكندي ترودو في باريس ، كانا قد اتفقا على تبني خطة متشددة لمواجهة العقوبات الأمريكية.
وكانت المستشارة الألمانية ميركل قد قالت في وقت سابق إن "العالم" سيصبح "متعدد الأقطاب". وهذا يعني "بالنسبة لنا نحن الأوروبيين، وجوب إعادة تعريف موقفنا في الهيكل العالمي". وبعد عودتها من القمة مباشرة اكدت المستشارة الألمانية، التي تفاجأت وهي في الطائرة بموقف ترامب الاخير، ان المانيا ستلتزم بالبيان الصادر عن القمة، وانها تعول على "الوحدة الأوربية".