يرتبط اسم المدافع عن حقوق الانسان الشهير مارتن لوثر كنغ، الذائع الصيت، في ذاكرتنا الجمعية، بمقولته التاريخية " I have a dream" (لدي حلم)، التي تضمنتها كلمته في "مسيرة العمل والحرية في العاصمة الأمريكية واشنطن في 28 آب 1963 ، والتي شارك فيها اكثر من 250 الف مواطن. وقد اصبحت هذه المقولة تلخيصا لنهجه السياسي.

ويشدد المتابعون لسيرته السياسية على ان كنغ لم يتوقف عند حدود الحلم، بل تحول في السنوات الأخيرة، التي سبقت اغتياله في عام 1968 من حالم الى واقعي، موجها نقدا حادا الى العسكرة والعنصرية والراسمالية والفقر المتسع في الولايات المتحدة الأمريكية. وبتنفيذ جريمة الإغتيال ظلت " حملة الشعب الفقير"، التي اطلقها غير مكتملة. والحملة كانت معنية بفقراء البلاد بغض النظر عن الجنس او العرق او الهوية الثقافية. ومع الحملة التي شكلت مركز اهتمام كنغ في سنواته وايامه الاخيرة، لم يعد  كنغ مجرد قائد مدافع عن حقوق السود، والحقوق المدنية، بل انتقل الى ميدان الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومثل العدالة الاجتماعية الحقة.

وكان مطلب الحملة الرئيس آنذاك ضمان دخل مرضٍ للجميع. ومع اغتيال مارتن لوثر كنغ في 4 نيسان 1968 ، تم دفن المشروع في مهده قبل الوصول الى تعبئة جموع الفقراء.  وباستشهاد كنغ غابت الكارزما، التي لم تعوض في الولايات المتحدة الى يومنا هذا.

وبعد خمسين عاما على اغتياله يبذل ناشطون في الولايات المتحدة الامريكية جهوداً لإحياء حملته لدعم الفقراء على  الصعيدين المحلي والوطني، كي يجعلوا من حلم كنغ حقيقة. وعلى هذا الطريق اطلق القس وليم باربر والقس لس تيوهارس نداءً بعنوان " نداء من اجل التجديد الاخلاقي" وفي سبيل "حملة الشعب الفقير" في القرن الحالي. واصدر منظمو الحملة ومعهد الدراسات السياسية،  دراسة عن الوضع الراهن للفقراء.

وتوثق الدراسة الجديدة حقائق حول الجوانب الرئيسية للحملة: العنصرية والفقر والحقوق الانتخابية والنزعة العسكرية وتدهور البيئة. ووفقاً للدراسة ، فإن نسبة  سكان الولايات المتحدة الذين  يعيشون تحت مستوى  خط الفقر، ازدادت بنسبة 60 في المائة، مقارنة بمثيلتها  في عام 1968 ، وأكثر بكثير من قبل 50 عاماً. يتعرض الأشخاص الذين يعيشون في الفقر الى الاضطهاد والتجريم من قبل القضاء ، استنادا الى مبررات عنصرية.

وبدأت الحملة في 12 ايار الجاري بشعار"اربعون يوما من الفعل الاخلاقي"،  لحركة احتجاجية سلمية على الصعيد الوطني تستمر ستة اسابيع. وتعتمد الحملة على ائتلاف يضم الى جانب حركة الدفاع عن الحقوق المدنية في الاحياء الفقيرة، نقابيين وعمالا زراعيين اجراء. والهدف المبتغى هو خلق حركة جماهيرية واسعة ضد العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، التي ناهضها مارتن لوثر كنغ، على الأقل في سنواته الأخيرة: ضد الفقر والعنصرية والعسكرة المنظمة، والتأثير السلبي للرأسمالية على المناخ في العالم. ولو عاش مارتن لوثر كنغ تطورات الحملة الحالية، ربما كانت  محط فخره واعتزازه.

عرض مقالات: